وشكلت هذه الندوة، التي نظمت في إطار جلسة نقاش حول “الرهانات الاستراتيجية للمجالات البحرية ببلدان إفريقيا الأطلسية ” من طرف مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، فرصة لتدارس آفاق تعزيز النشاطات الاقتصادية الافريقية المرتبطة بالبحر، والاقتصاد الأزرق بين المميزات والفرص، والربط البحري، وتدبير البنيات التحتية للموانئ.
وبالمناسبة، قالت مديرة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بنخضرة، إن إفريقيا لديها واجهة أطلسية ومناطق اقتصادية بالغة الأهمية لا يتم دمجها في التنمية في كثير من الأحيان، رغم أنها غنية بالموارد الطبيعية والمواد الخام والرواسب المعدنية.
وأشارت إلى أن القسم الأكبر من التجارة يمر عن طريق البحر (أكثر من 90 في المائة)، مما يظهر الحاجة إلى التركيز على مختلف القطاعات ذات الصلة، بما في ذلك السياحة، والصيد البحري، وتنمية موارد الطاقة والتعدين، وحماية البيئة من تغير المناخ.
وأضافت أنه على الصعيد الوطني، وبفضل الرؤية الملكية للاندماج والتعاون جنوب-جنوب، نفذ المغرب برامج ومشاريع في قطاعات مختلفة، مثل البنيات التحتية، والإسكان، والطاقات، التي ينبغي أن تشكل نموذجا للتنمية المنتظرة في القارة الإفريقية.
وفي هذا الصدد، سلطت السيدة بنخضرة الضوء على المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والتي تعكس انبثاق هذه الرؤية عبر الأطلسية التي يقودها جلالته منذ عدة سنوات، من أجل تسهيل وصول دول الساحل إلى الواجهة الأطلسية من أجل اندماج إقليمي ونمو متعدد القطاعات.
من جانبها، أكدت مديرة مديرية الموانئ والملك العمومي البحري بوزارة التجهيز والماء، سناء العمراني، أن الموانئ تقع في صلب أنشطة تعزيز الإمكانات المينائية والبحرية المرتبطة بالصيد، والمنتجات المصدرة، بما في ذلك منتجات الطاقة والموارد الطبيعية، واللوجستيك البحري، نظرا للرابط بين الرهانات الجيو-اقتصادية وأنشطة الاقتصاد البحري.
وقالت إن “إفريقيا تمثل 5 في المائة فقط من البضائع المفرغة، و 7 في المائة من البضائع التي يتم شحنها”، ولا تتماشى مع المعايير الدولية.
وفي هذا الصدد، ذكرت بعض التحديات والرهانات التي تواجه قطاع الموانئ، وهي إزالة الكربون، والاستدامة، والمرونة، والرقمنة، وسلسلة التوريد والمخزونات الاستراتيجية.
وفي هذا الإطار، أشارت السيدة العمراني إلى الإستراتيجية الوطنية للموانئ في أفق 2030، التي تهدف إلى امتلاك موانئ فعالة ومستدامة، ومحفزات للقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وفاعلين أساسيين في ما يخص تموقع المغرب على سواحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
من جانبه، شدد مدير المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالمغرب، عبد المالك فرج، على الحاجة إلى الحفاظ على نظام بيئي وصيد مستدام في إطار منطقي، من أجل زيادة الإنتاج السمكي.
وأوضح أن “قطاع الصيد البحري ليس فاعلا في الأمن الغذائي فحسب، بل يمكنه كذلك المساهمة في استدامة المحيطات”.
وقال السيد فرج إن المغرب يتوفر على إمكانات كبيرة في تربية الأحياء المائية، من خلال تنفيذ سياسة طموحة واستباقية، وخطط تهيئة، والاستثمار في البحث واختبار النماذج الأولية لتربية الأحياء المائية في المحيط الأطلسي، داعيا إلى استخدام التكنولوجيا للاستفادة بشكل أكبر من المجال البحري.
من جانبه، شدد العربي الجعايدي، الباحث البارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، على أهمية ولوج إفريقيا إلى السوق الدولية، لا سيما من خلال انفتاح الاقتصادات، مشيرا إلى الحاجة إلى إعادة تكييف الخيارات الاستراتيجية لتطوير الاقتصاد البحري.
كما دعا إلى إرساء بنية مينائية دائمة على الواجهة الأطلسية، تكون بمثابة بوابة إلى القارة الإفريقية، بهدف تعزيز موقع القارة في المجال البحري على نطاق عالمي، وتعزيز التكامل الملموس بين مختلف البلدان الأفريقية.
وبالإضافة إلى الرهانات الجيو-اقتصادية، نوقشت عدة مواضيع خلال هذه الندوة، منها الرهانات الجيوسياسية في مجال اندماج المنطقة، وتنافسية القوى في فضاء إفريقيا الأطلسية، والرهانات القانونية من قبيل القوانين البحرية، والرهانات الأمنية، لا سيما المرتبطة بالمحافظة على الرأسمال البحري الإفريقي.