بقلم الفاعل الحقوقي الخمار دادة
قبل أزيد من سنة تفجرت فضيحة الفساد المستشري بجماعة ونانة إقليم وزان تتعلق أساساً بسوء التسيير وتبذير المال العام والأخطر مع شبهات بوجود مشاريع وهمية، والغريب في الأمر أن من كشف هذه المعلومات الخطيرة ليسوا بمواطنين عاديين أو حتى جمعيات مدنية محلية التي كان من المفروض فيها أن تقوم بأدوارها المحددة في المادة 12 من الدستور المغربي لسنة 2011 ، بل أن الأمر يتعلق بمستشارين أحدهم من نواب رئيس الجماعة ويشغل في نفس الوقت رئيس لجنة المالية والحسابات في حين يتموقع المستشار الآخر في صف المعارضة ، فهذان المستشاران وأمام دهشة الجميع وجها اتهامات خطيرة لرئيس الجماعة خلال إحدى الدورات العادية للمجلس الجماعي لونانة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أن هذان المستشاران تقدما بشكاية مستعجلة إلى كل من المجلس الجهوي للحسابات وكذا المفتشية العامة لوزارة الداخلية من أجل التحقيق في حجم الخروقات الخطيرة التي كانت جماعة ونانة مسرحا لها خلال سنوات، وكلها تتعلق بنهب وتبذير المال العام إضافة إلى وجود مشاريع على الورق فقط ” مشاريع وهمية” ، وفي نفس السياق تقدما هذان المستشاران بشكاية في نفس الموضوع إلى المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بوزان والذي أصدر في حينه بيانا للرأي العام مفصلا بالأرقام والمعطيات الدقيقة وطالب بدوره الجهات المختصة بضرورة التحقيق بشكل عاجل في الموضوع وهو البيان الذي نشرته الكثير من الجرائد الورقية والمواقع الإلكترونية الوطنية.
لكن ورغم أن الشكايات التي وجهت إلى أكثر من جهة حول هذه الخروقات الكثيرة والتي تتناقض كليا مع مبادئ النزاهة والشفافية في تدبير الشأن العام التي حملتها فقرات دستور 2011 الذي نص أيضا على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة ، ورغم كل هذا فإن الجهات المكلفة بمراقبة صرف الأموال العمومية وتطبيق القانون على الأقل في شقه المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة لم تحرك ساكنا في الموضوع ولم تكلف نفسها حتى تشكيل لجنة من أجل الوقوف على هذه الإتهامات الخطيرة الموجهة إلى رئيس الجماعة ، بل حتى أن المجلس الجهوي للحسابات الذي يفترض فيه القيام بعملية إفتحاص دورية لكل الجماعات دون إستثناء لم يكلف نفسه عناء القيام بزيارة إلى هذه الجماعة الغارقة في الفساد.
إن هذه المؤشرات السلبية من الجهات المختصة بحماية المال العام من النهب والتبذير تدل بالملموس أن هناك جهات نافذة بالإقليم وخارجه مهمتها هي حماية الفاسدين من أي مساءلة ومحاسبة بل أنها تستغل نفوذها للحيلولة دون حتى وصول أي لجنة كيفما كان حجمها إلى قلاع الفساد المحصنة من لجان المراقبة، لتبقى تلك الجملة الشهيرة التي أطلقها أحد المناضلين في زمن سنوات الجمر والرصاص أن المغرب يوجد فيه فساد ومفسدين وحماة الفساد.