حزب الاتحاد الاشتراكي: الحكومة تستغل ورشا ملكيا خاصا بالدعم المباشر للأسر المعوزة للتحضير للانتخابات المقبلة والتأثير في نزاهتها
اتهم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الأغلبية الحكومية وفي مقدّمتها حزب التجمع الوطني للأحرار باستغلال الورش الملكي الخاص بالدعم المباشر للتحضير للاستحقاقات المقبلة والتأثير في نزاهتها، بعدما تعمد قطع الطريق في وقت سابق على الحكومة التي كان يقودها حزب العدالة والتنمية بقيادة سعد الدين العثماني وعرقلة تدبيرها لهذا الورش بمبررات سرعان ما تلاشت بعد تسلمهم سلطة تدبير الشأن العام، لافتا إلى أن “المعارضة لا يمكنها الإطاحة بالحكومة لأن أغلبيتها تجعل الأمر شبه مستحيل”.
هذا الاتهام “المثير” للحكومة والتجمع الوطني للأحرار، عبّر عنه حزب الاتحاد الاشتراكي في تقريره السياسي عن دورة المجلس الوطني الذي قدّمه الكاتب الأول للحزب ادريس لشكر، أمس السبت وتتوفّر “الصحيفة” على نسخة منه، والذي سجّل في ما يتعلق بالدعم المباشر، أنه ورغم الدعوة الملكية إلى الحكومة بضرورة تفعيله بشكل منصف وشفاف ومتضامن، وفق تصور شامل وفي إطار مبادئ القانون، إلا أن الحكومة الحالية فشلت في تنزيله منذ البداية، معتبرا أن “لا وقع له في الحياة المعيشية للأسر المغربية، وخصوصا وأن هذا الدعم المباشر بدأ يتبخر بفعل اشتعال لهيب الأسعار، الذي يحرق ويدمر القدرة الشرائية للأسر المغربية.”
ولفت الاتحاد الاشتراكي، المتموقع في المعارضة إلى أن هذا الفشل الحكومي بقدر ما يشكل المخاطر الفورية في تنزيله السيء للدعم المباشر، فإن له مخاطر كبرى على المديين القريب والمتوسط، “حيث سيقوض كل التوجهات السياسية والدستورية التي اختارتها بلادنا على مستوى حماية الديمقراطية وصيانة التعددية السياسية”.
ووفق قراءات الحزب اليساري، فقد أبانت الأغلبية الحالية عن استغلالها لكل آليات تدبير الشأن العام من أجل تكريس وفرض “سياسة التغول”، خاصة وأن هناك معالم على استغلال الدعم المباشر للتحضير للاستحقاقات المقبلة، بل واستعماله كوسيلة للتأثير منذ اليوم في نزاهة الانتخابات المقبلة.
وعزز الاتحاد الاشتراكي طرحه بما وصفها بـ””قرائن”، في مقدمتها أن الحزب الذي يقود الحكومة الحالية والمقصود التجمع الوطني للأحرار كان “يعترض كل الاعتراض على تدبير هذا الدعم الاجتماعي من طرف الحكومة السابقة، فأصبح ما كان عندها ممنوعا في الماضي، مباحا عندما تولت هذه الأغلبية تدبير الشأن العام”.
وما يزيد الاقتناع بمخاطر التدبير الحكومي للدعم المباشر على التعددية والديمقراطية ببلادنا، وفق الاتحاد الاشتراكي استحضار التغول الذي مارسته هذه الأغلبية عند إعدادها للقوانين المنظمة للدعم الاجتماعي، خاصة القانون رقم 59.23 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، ذلك أنها أحدثت هذه الوكالة، كمؤسسة عمومية، في إطار الفصل 71 من دستور المملكة المغربية الذي يعطي صلاحية إحداث المؤسسات العمومية للسلطة التشريعية، سواء من جانب مهامها أو من جانب تأليفها.
واستحضر الاتحاديون، المادتين 15 و17 من هذا القانون، التي توضح وفق قراءتهم “حجم التغول الذي تمارسه الأغلبية الحالية، ليس فقط على المعارضة، وإنما أيضا على البرلمان كسلطة تشريعية، حيث سيحد دور هذه السلطة في ممارسة وظائفها على مستوى تأليف أجهزة هذه الوكالة خاصة فيما يتعلق بممثلي الإدارة ورئاسة مجلسها الإداري، إذ قامت بتهريب هذه الصلاحية لفائدتها، وهو الأمر الذي يتجلى من خلال المرسوم 2.23.1069 المتعلق بتطبيق القانون رقم 59.23”.
وبناء عليه، أسندت رئاسة المجلس الإداري للوكالة لرئيس الحكومة، والحال أنه كان عليها، تنزيها للدعم المباشر من كل استغلال يقوض الديمقراطية والتعددية السياسية ببلادنا، إحداث هذه الوكالة، ليس في إطار الفصل 71 من الدستور، وإنما في إطار الفصل 159 من الدستور الذي ينص في بنده الثاني: “ويمكن للقانون أن يحدث عند الضرورة، علاوة على المؤسسات والهيئات المذكورة بعده، هيئات أخرى للضبط والحكامة الجيدة”.
وتبعا لذلك، قال الاتحاد إنه وعوض أن تحدث وكالة تخضع لوصايتها،كان من المفترض أن تبادر الحكومة إلى إحداث هيئة مستقلة لضبط الدعم المباشر، على غرار إحداث الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، وهو الأمر الذي يدل على أن الحكومة الحالية “تحاول إخضاع كل ما له تأثير اجتماعي لوصايتها وسلطتها، مما يهدد الديمقراطية ببلادنا.”
ودعا الحزب، مختلف الفرق والمجموعة البرلمانية وكافة البرلمانيين الديمقراطيين، أيا كان موقعهم، إلى الانخراط في مبادرات للتحرك ونحن على مشارف منتصف الولاية التشريعية، عوض انتظار مبادرة الحكومة وأغلبيتها خاصة وأنها تخلت عن حضور جلسات المساءلة الأسبوعية بغياب الوزراء إذ تقلصت المساءلة من مساءلة الحكومة إلى مساءلة الأقطاب، ثم من مساءلة القطب إلى غياب أغلبية وزراء القطب أسبوعيا مما يجعل الجلسة بعيدة عن قضايا وهموم المواطنات والمواطنين.
وأشار المصدر ذاته، إلى أنه بالنسبة لرئيس الحكومة، فإذا كان من المفروض حضوره لأربع جلسات في كل دورة، فإن البرلمان، وهو على أبواب إنهاء الدورة بعد أيام قليلة، لم يسائل رئيس الحكومة إلا مرة واحدة، وفي قضايا تحدد الحكومة موضوعها والذي يكون دائما بعيدا عن القضايا الآنية للمواطن.
وبناء عليه، وانطلاقا من مقتضيات الفصلين 105 و106 من الدستور، دعا الاتحاد الاشتراكي إلى التفكير في تقديم ملتمس رقابة بالنسبة لمجلس النواب، وكذا تقديم ملتمس مساءلة الحكومة بمجلس المستشارين.
ولفت الحزب، إلى أنه واع بأن المعارضة لا يمكنها الإطاحة بالحكومة لأن أغلبيتها تجعل الأمر شبه مستحيل، ولكن المعارضة عبر التاريخ كانت دائما تقدم هذا الطلب وهي واعية أنها لا تملك الإطاحة بالحكومة (ملتمس 1964 وملتمس 1990)، وهي مناسبة لدعوة الحكومة للدفاع عن نفسها، بل الهجوم على المعارضة وإقصائها وحرمانها من ممارسة أدوارها الدستورية.