جواب السيد أمزازي في الجلسة للأسئلة الشفهية في مجلس النواب الوضعية “المقلقة” لقطاع التعليم

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله و آلِه وصحبه،
السيد الرئيس المحترم،
السيدات والسادة النائبات والنواب المحترمون،
اسمحوا لي بداية أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لمختلف الفرق البرلمانية على مواكبتها للمنظومة التربوية وعلى تفضلها بطرح هذه الأسئلة القيمة التي تكتسي أهمية بالغة لِراهِنيتِها ولكونها تشكل انشغالا حقيقيا لمختلف مكونات الشعب المغربي.
كما أود التوجه إلى كافة الأطر التربوية والإداريةِ بأسمى عبارات التنويه والإشادة بمجهوداتهم المتواصلة لإنجاح الموسم الدراسي الحالي خاصة في هذه الظرفية الاستثنائية التي تمر منها بلادنا على غرار باقي دول العالم وتواجه منظومتنا التربوية تداعياتها، وأريد أيضا توجيه عبارات الشكر والامتنان إلى الأسر على انخراطها اللّامشروط في مواكبة بناتها وأبنائها وكذا إلى كافة الشركاء على دعمهم لجهود الوزارة.
I.          سير الموسمِ الدّراسي الحالي في ظِلِّ استمرارِ الجائحة

السيدات والسادة النائبات والنواب المحترمون،
لقد شكل الموسم الدراسي المنصرم، مرحلة استثنائية في تاريخ منظومتنا التربوية، في ظل تفشي جائحة كوفيد-19، وقد أتيحت لنا عدة فرص تداولنا فيها، تحت قبة هذه المؤسسة الموقرة،  لتقديم كل ما يتعلق بالتدابير المتخذة من طرف الوزارة لتدبير إكراهات الجائحة، حيث تمكنا، ولله الحمد، بفضل الانخراط الكبير للجميع من رفع تحدي الاستمرارية البيداغوجية، وتنظيم الامتحانات الإشهاديةِ الوطنية والجهوية لسلك البكالوريا برسمِ الموسم الدراسي المنصرم، إلى جانب تأمين الدخول المدرسي الحالي، باعتماد أنماط تربوية محددة، وبروتوكول صحي صارم ومسطرة مدققة لتدبير حالات الإصابة بالفيروس تم وضعهما بتنسيق مع السلطات الصحية والترابية.
وهنا لابد من التذكير أن بلادنا تمكنت من رفع كل هذه التحديات، في حين، هناك عدة دول تشهد تعليق الدراسة وإغلاق المدارس وإلغاء الامتحانات.
كما تم إعداد العدة التربوية الكفيلة بتنزيل الأنماط التربوية المعتمدة، وتوفير وبث الدروس المصورة على القنوات التلفزيةِ الوطنية وعبر مسطحة   Telmidticeإلى جانب تنظيم حصص المراجعة والتثبيت خلال الشهر الأول من هذه السنة.
وهكذا فقد تم بث ما يزيد عن 10400 حصة دراسية إلى حدود 10 أبريل الجاري بمعدل 61 حصة دراسية يوميا.
وفي هذا الصدد، وقصد تمكين تلاميذ المناطق النائية والقروية من متابعة دروس التعليم عن بعد إن اقتضى الحال، قامت الوزارة وبتنسيق مع مجموعة من الشركاء الفاعلين في الحقل التربوي بتوزيع مجموعة من اللوحات الإِلكترونية مضمنة للموارد الرقمية على تلميذات وتلاميذ هذه المناطق، أو بتزويد البعض منهم بتعبئة الربط بالأنترنيت.
أما بخصوص تدبير المحطات المتبقية من الموسم الدراسي الحالي، فقد قامت المفتشية العامة للشؤون التربوية التابعة للوزارة بإنجاز تقييم دقيق للأسدسِ الأَول من هذه السنة، والذي أبرزت نتائجه تفاوتات بخصوص وتيرة إنجاز المقررات الدراسية على الصعيد الوطني، وكذا على مستوى الأسلاك التعليميةِ الثلاثةِ( الثانوي التأهيلي والإعدادي والابتدائي)، والناتجة عن اعتماد أنماط تربوية مختلفة (نمط التعليم الحضوري، نمط التعليم بالتناوب بين الحضوري والتعلم الذاتي، نمط التعليم عن بعد).
وبالتالي وحرصا منها على ضمان تكافؤ الفرص لجميع المترشحات والمترشحين للامتحاناتِ الإشهاديةِ، فقد قررت الوزارة اعتماد أطر مرجعية محينة في إعداد مواضيع هذه الامتحانات وذلك استنادا إلى ما تم تنفيذه من المقررات الدراسية للمواد المعنية، وستعمل الوزارة على إصدارها في غضون الأسبوع الأول من شهر ماي، على أَن تجرى هذه الامتحانات وفق البرمجة التي أعلنت عنها الوزارة قبل قليل هذا الصباح، وذلك في الفترة الممتدة من نهاية شهر ماي إلى الأسبوع الثالث من شهر يونيو القادمين.
وبطبيعة الحال، ستظل مواعيد هذه الامتحانات قابلة للتغيير حسب تطور الوضعية الوبائية ببلادنا، كما ستخضع ظروف إجرائها للتدابير التي ستعتمدها السلطات المختصة في الأسابيع والشهور القادمة لضمان إجرائها في ظروف آمنة.
وأَستغل هذه المناسبة للتأكيد على أن الدراسة ستستمر إلى نهاية السنة الدراسية وفق المقرر الوزاري المنظم لها، وذلك حرصا على استكمال المقررات الدراسية واكتساب التلميذات والتلاميذ التعلمات الضرورية لمواصلة مسارهم الدراسي السنة المقبلة في أحسن الظروف، علما بأن الوزارة ستعمل على إطلاق حصص مكثفة للدعم والتقوية قبل مرحلة الامتحانات الإشهاديةِ.
II.          على مستوى الإجراءاتِ المتخذَة لمعالجة ملف الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية وباقي مطالب الشغيلة التعليمية

أود بداية التأكيد أن أسئلتكم تكتسي أهمية بالغة كونها تتطرق في جوهرها لمجموعة من القضايا ذات الصلة بالوضعية المهنية للموارد البشرية، وهي مناسبة سانحة لنتناول هذا الموضوع بالقدر الكافي من الوضوح والموضوعية.
وقبل الشروع في ذلك، اسمحوا لِي ألا أشاطركم الرأي بخصوص بعض التوصيفات التي وردت في الأسئلة المطروحة، وأن أقدم بعض التوضيحات بشأنها:
§     أولا، أنا لا أتفق مع التوصيف الذي يوحي بوجود أزمة ووضعية مقلقة داخل المنظومة التربوية، فهو أمر غير صحيح وبعيد كل البعد عن الموضوعية. نعم، يمكن الإقرار بوجود إشكالات نعمل جاهدين على حلها بفضل تظافر جهود الجميع؛
§     ثانيا، اسمحوا لِي، أن أثير الانتباه، مرة أخرى، إلى أنه ليس لدينا داخل المنظومة التربوية ما تتم تسميته، من باب التغليط، ب ” المتعاقدين”. فهذه التسمية لم يعد لها وجود إطلاقا، بل يتم ترويجها من باب الإثارة وتغليط الرأي العام الوطني. وقد سبق لي في أكثر من مناسبة، في ردي على الأسئلة الشفهية، أو بمناسبة تقديمي لعروض داخل لجنة التعليم وكذا في تصريحاتي الإعلامية، سبق لي أن أوضحت أن تسمية “التعاقد” انتهت، ولم يعد لها، واقعيا وموضوعيا وقانونيا، وجود إلا في أذهان من يستعملها؛
§     ثالثا، ولوج المنظومة عن طريق نمط التوظيفِ الجهوي، هو أمر لم نفرضه على أي كان، والدليل على ذلك هو الإقبال الكبير والمتزايِد والطوعي على مباريات التوظيف التي تعلن عنها الأكاديميات الجهوية سنويا، وبعد اطلاع المترشحين بشكل مسبق على كل ما يتعلق بالوضعية المهنية لِأطر الأكاديميات:
·      في سنة  2016: 74  ألف،
·     في سنة 2018 : 165 ألف،
·     في سنة 2020: 280 ألف.
§     رابعا، إن الوزارة، إذ تحرص على تثمين مواردها البشرية، فهي تحرص بنفس القدر على تأمين الزمن المدرسي وحق التلاميذ في التمدرسِ، واحترام الواجب المهني، وتتخذ في سبيل ذلك الإجراءات التربوية والإدارية الضرورية، وتؤكد على أن جميع القضايا ينبغي أن تحل بمسؤولية واتزان وعقلانية.

وبخصوص ما أثير في أسئلتكم بشأن الحوار الاجتماعي القطاعي، اسمحوا لي أن أذكركم بحقيقتين:

§     الحقيقة الأولى:
ودون أي مبالغة، يعتبر قطاع التربية الوطنية، أبرز قطاع عرف خلال السنوات الأخيرة دينامية مشهودة في مجال الاستجابة لمطالب موارده البشرية بمختلف شرائحها ودرجاتها، ذلك أَنني عندما تحملت مسؤولية هذا القطاع في يناير 2018، وجدت عددا من الملفات المطلبية التي تعود لسنوات عديدة خلت، أَي منذ محطتي الحوار الاجتماعي في أبريل 2011 وأبريل 2014.
لذا، كان لزاما علي أن أعطي للحوار القطاعي نفسا جديدا، تستعيد معه أسرة التربية والتكوين ثقتها في إدارتها، وينعكس ذلك على وضعيتها المادية والمعنوية. فقد عملنا، منذ أول يوم، على وضع تصور لحلحلة الملفات التي كانت مجمدة فوق طاولة الحوار، وعددها 12 ملفا، وليس   23  ملفا كما يدعي البعض، وهذه الملفات موزعة على ثلاث فئات:
§      الفئة الأولى: ملفات مطلبية تم إيجاد حلول لها وعددها 7 ملفات، يبلغ مجموع من استفاد من مقتضياتها 45 ألف موظفا؛
§      الفئة الثانية: ملفات في طريق التسوية؛ وعددها ملفان؛
§      الفئة الثالثة: 3 ملفات في طور الدراسة، تم تقديم مقترحات في شأنها إلى القطاعات الوزارية الأخرى المعنية.

§     الحقيقة الثانية:
إن قطاع التربية الوطنية، من القطاعات التي تعرف وضعا متقدما في علاقتها مع الشركاء الاجتماعيين، وفي هذا الإطار، وخلال الأشهر الأولى لتعييني، قمت بعقد لقاءات أولية مع السادة الكتاب العامين للنقابات التعليمية ذات التمثيلية الأكبر، وقد اتفقنا خلال هذه اللقاءات على مواصلة التشاور وعقد لقاءات دورية بهدف إنجاح مسلسل الحوار داخل القطاع.
وبهذه الروح المؤمنة بأهمية الحوار وضرورته من أجل تحسين أوضاع نساء ورجال التعليم، نهجنا مقاربة تشاركية لتنظيم علاقاتنا بشركائنا، مركزيا، جهويا وإقليميا وفق مذكرة حددت الآليات الأساسية لمعالجة مختلف القضايا والملفات التي تهم نساء ورجال التعليم، من خلال اللجان المختصة بالبث فيها.
وينبغي الاعتراف، كذلك، بأن هذه الإرادة أسفرت عن نتائج مهمة توجت بتسوية معظم الملفات، قبل أن تحدث بعض الانحرافات التي لا يمكن القبول بها، والتي مست جوهر المقاربة التشاركية، ونسفت ركائزها التي تقوم على مبادئ الحوار والاحترام المتبادل، وعلى الربط المتلازم بين الحقوق والواجبات.  وإذا كان الحوار الاجتماعي يعرف بعض الفتور في بعض الفترات، فإن الوزارة ليست هي المسؤولة. كما أنها لن تقبل بفرض سقف للحوار كما أن المطالب ينبغي أن تكون معقولة وتراعي المصلحة العامة.

السيدات والسادة النائبات والنواب المحترمون،
بالعودة إلى ملف الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربيةِ والتكوينِ، أعتبر أن الكثير مما يثار حول هذا الملف، يرجع إما لعدم بذل المجهود الضروري للإحاطة بتفاصيل الملف وعدم مواكبة تطوراته، أو لرغبة بعض الأطراف إخراج الموضوع عن سياقه وإطاره الحقيقي.
وفي هذا السياق، سأتطرق لهذا الملف من خلال محورين أساسيين، يهم الأول نمط التوظيفِ الجهوي حتى نتبيّن جميعا الحيثيات والدوافع الموضوعية التي كانت من وراء اعتماد الحكومة والوزارة لهذا النمط في التوظيف، لأتناول بعد ذلك الوضعية النظامية لهؤلاء الأطر.
فبخصوص سياق ومميزات نظام التوظيف الجهوي:
لا بد من الإشارة إلى أن مقترح اعتماد نمط التوظيف الجهوي في قطاع التّعليم يعود لأكثر من عقدين من الزمن، حينما أوصى الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999، الذي شكل موضوع توافق وطني موسع، بتنويع أوضاع المدرسين الجدد على صعيدِ المؤسسات والأقاليم والجهات.
وهي نفس التوصية التي تكررت مرة أخرى في الرؤيةِ الاستراتيجيةِ 2015-2030، والتي أكدت على اعتماد تدبير جهوي للكفاءات البشرية في انسجام مع النهج اللّامتمركز لمنظومة التربية والتكوين، ومع توجهات الجهوية المتقدمة عبر تنويع أشكال توظيف المدرسين.
وقد أبان هذا الاختيار عن أهمّيته ونجاعته لمنظومتنا التربوية بشكل خاص، ولبلادنا بشكل عام، لعدة اعتبارات أذكر من بينها:
1.                   مكن نمط التوظيف الجهوي، الذي تم الشروع فيه أواخر سنة 2016، من توظيفِ أكثر من 100 ألف من أطر التدريس في ظرف 5 سنوات، وهو ما يعادل إجمالي ما كان يتم توظيفه في السابق في أكثر من 20 سنة، حيْث لم تتجاوز المناصب المالية المدرجة بقوانين المالية سقف 3000 أو 5000 منصب مالي في السابق؛ علما بأن عدد المحالين على المعاش عرف ارتفاعا مهولا في السنوات الأخيرة. وهو منجز حكومي يحق لنا أن نسجله بكل اعتزاز، كما أنه لا زالت هناك حاجيات أخرى لأطر التدريس تقدر بحوالي 20000 مدرس سنويا إلى غاية سنة 2030؛
2.                    سمح هذا النمط من التوظيف بتحقيق العدالة المجالية في تقديم الخدمة التعليمية لأطفالنا خاصة في العالم القروي ولاستفادة الفتاة القروية على وجه الخصوصِ من حقها في التمدرس ؛
3.                   بفضل هذا النمط من التوظيف تم التقليص بشكل كبير من الاكتظاظ والأقسام المشتركة في الفصول الدراسية، وهو الإشكال الذي طالما كانت الأسر والسيدات والسادة النائبات والنواب البرلمانيون يثيرونه، ويطالبون بإيجاد الحلول الضرورية له؛
4.                   بفضل نمط التوظيف الجهوي تمكنت جميع الجهات من تغطية نسبة كبيرة من الخصاص الذي كانت تعاني منه خلال السنوات السابقة، وذلك من خلال التوظيف المحلِي للكفاءات المنحدرة من الجهة والأقاليم، مع ما واكب ذلك من تكريس للاستقرار داخل نفس المجال؛
5.                   هذا النمط من التوظيفِ تمليه كذلك وضعية الأكاديميات بصفتها مؤسسات عمومية تتمتع بالاستقلالية المالية والتدبيرية، كما أنه ينسجم والتوجه العام لسياسة الدولة المتمثل في الجهويةِ المتقدمة، وهو ورش ضخم يقتضي انخراط الجميع بما يلزم من مسؤولية وحس وطني، وباستحضار للصالح العام.

أما فيمَا يتعلق بالوضعيةِ النظامية لأطر الأكاديميات:
فلابد من العودة إلى أهم المحطات التي قطعها هذا الملف:
§     المحطة الأولى وهي التي نظمت خلالها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مباريات لتوظيف أطر التدريس بموجب عقود وذلك وفق مقرر مشترك لوزيري التربيةِ الوطنيةِ والتكوينِ المهني والاقتصادِ والماليةِ آنذاك، حيث بلغ عدد التوظيفات 55.000 أستاذا خلال سنتي 2016 و2017؛
§     المحطة الثانية: حيث عملت الوزارة سنة 2018، في خطوة أولى وبدعم كبير من الحكومة، على الارتقاء بالإطار القانوني للتوظيف الخاص بهذه الفئة، وذلك بالانتقال من مقرر مشترك إلى نظام أساسي مصادق عليه من طرف المجالس الإداريةِ للأكاديمياتِ، والذي اشتمل على 55 مادة ؛
§     المحطة الثالثة: وتم خلالها التخلي بصفة نهائية عن التعاقد واعتماد المماثلة، وتجويد وتطوير النظام الأساسي الخاص المذكور، والانتقال به من 55 مادة إلى 113 مادة، وهو النظام الذي صودق عليه من طرف المجالس الإدارية للأكاديميات في دورة استثنائية بتاريخ 13 مارس 2019، وهو ما يعتبر إنجازا مهما مكن من إصلاح وتصحيح الوضعية الإدارية لهذه الفئة من الأساتذة.
ومن أهم مميزات هذه المحطة:
1.             إسقاط التعاقد نهائيا واعتماد مسار مهني جديد لأطر الأكاديميات؛ وذلك بحذف كلمة العقد من النظام الأساسي الخاص بهم  والادماج التلقائي للأفواج السابقة في وضعية نظامية .
2.             المماثلة والمطابقة: بين موظفي الأكاديميات وموظفي القطاع العام وموظفي وزارة التربية الوطنية على مستوى الحقوق والواجبات، وجميع الوضعيات الإدارية.
3.             التطبيق بأثر رجعي: للمقتضيات الواردة بهذا النظام الأساسي الخاص.
4.             الاحتفاظ بنفس الضمانات والامتيازات التي يتمتع بها موظفو القطاعِ العام وموظفو وزارة التربية الوطنية بما فيها الترقية والولوج إلى مناصب المسؤولية والمشاركة في المباريات…
أما بالنسبةِ للملف أطرالإدارة التربوية:
وهو الملف الذي سبق لي أن أعطيت فيه وعدا بالطي النهائي له، من منطق الإيمان بأن إحداث هذا الإطار هو الكفيل بتعزيز أدوار القيادة التربوية بمؤسسات التربية والتكوين والارتقاء بأدوارها الاستراتيجية.
لذا، فقد أعدت الوزارة مشروعي مرسومين يتعلّقان بإعادة النّظر في سلك تكوين أطر الإدارةِ التربوية. وتمت إحالتهما على وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة وَتوصّلت الوزارة بجواب يتضمّن بعض الملاحظات التي تمت دراستها كما تم الاتفاق على التسوية النهائيةِ لهذا الملف.
أما فيما يتعلق بملف أطر التخطيط والتوجيه:
وهو الملف الذي حققت فيه الوزارة تقدما كبيرا، والذي، بات هو الآخر، يتيح لمتخرّجيه الترتيب في السلم 11، بدل السلم 10 الذي كان معمولا به في السابق.
فسعيا منها للاستجابة لمطالب هذه الفئة من موظفي القطاع، عملت الوزارة على إعداد مشروع مرسومين ويتم التنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية مِن أجل المصادقة النهائية عليهما.
السيدات والسادة النائبات والنواب المحترمون،
علينا أن نعي جميعا الكلفة الحقيقية للأشكال الاحتجاجية، إضافة إلى كونها تأتي في ظل هذه الظرفية الحرجة التي تعاني فيها منظومتنا التربوية كباقي المنظومات التعليمية في كافة بلاد المعمور من تداعيات جائحة كورونا.
فلا ينبغي أن نجعل من التلميذ الحلقة الأضعف، والطرف الذي يؤدي كلفة هدر الزمن المدرسي جراء التوقف الجماعي عن العمل، تحت مسمى “الإضراب”، في حين أن التلميذ هو مبرر وجودنا جميعا كفاعلين داخل المنظومة.

III.          أما بالنسبة للتدابير المتخذة لتنزيل القانون الإطار للتربية والتكوين

فقد واصلت الوزارة، مع مطلع الموسم الدراسي الحالي، مسيرة تنزيل القانون الإطار، من خلال التوفيق بين تدبير ما هو ظرفي يرتبط بالجائحة، وما هو استراتيجي يرتبط بتنزيل الإصلاح، الذي نعتبره ورشا غير قابل للتأجيل.
فقد أَسفرت هذه السيرورة الاستراتيجية، التي انتظمت وفق خارطة طريق محددة، تم الالتزام بمختلف محطاتها، في إطار مقاربة تشاركية بين الإدارة المركزية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والجامعات والمديريات الجهوية للتكوينِ المهني، على بلورة مجموعة من آليات قيادة وتنفيذ مشاريع تنزيل أحكام القانون الإطار على المستويين الوطني والجهوي، نخص بالذكر منها : إرساء نظام قيادة وتتبع وتقويم وإعداد حافظة المشاريع الوطنية والتي تتمحور حول 3 مجالات استراتيجية و19 مشروعا، مع العمل على تصريفها إلى حافظة جهوية للمشاريع.
وبغية تعزيز التواصل والتعبئة حول هذه المشاريع وكذا تملكها من طرف الفاعلين التربويين والشركاء، فقد تم تنظيم 12 لقاء جهوي مع السلطات الترابية والمنتخبين وممثلي جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، إضافة إلى 12 لقاء تنسيقي مع مديرة ومديري الأكاديمياتِ الجهوية للتربية والتكوين والمديرين الإقليميين ومنسقي المجالات ورؤساء مشاريع تنزيل مقتضيات القانون الإطار وذلك من أجل الوقوف على مستوى تنزيل هذه المشاريع على أرض الواقع وكذا التعرف على الصعوبات التي تعتري مختلف الأوراش الإصلاحية واقتراح الحلول المناسبة قصد الرفع من وتيرة الإنجاز وبلوغ الأهداف المسطرة في الآجال المحددة.
بالموازاة مع هذه السيرورة الاستراتيجية، أطلقت الوزارة سيرورة تشريعية، تروم تحضير وبلورة النصوص القانونية الضرورية لتفعيل مختلف أحكام القانون الإطار، وذلك من خلال إعداد مخطط تشريعي وتنظيمي، والذي يشتمل على 81 نص قانوني ووثيقة مرجعية، سيتم إعدادها على مدى 3 سنوات.
عملت الوزارة، في إطار مقاربة تشاركية، على إعداد الدفعة الأولى وعرضها على اللجنة الوطنية المكلفة بتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوينِ والبحثِ العلمي، برئاسة السيد رئيس الحكومة خلال اجتماعها الثاني المنعقد بتاريخ 17 يوليوز 2020، للتداول في شأنها، ويتعلق الأمر بواحد وعشرين (21) مشروعا، من بينها خمسة (5) مشاريعِ قوانين.
وستتاح لنا الفرصة، في القادم من الأيام، لكي نتدارس على مستوى مؤسستكم التشريعية الموقرة، مجموعة من النصوص التشريعية المهيكِلةِ للمنظومة، والتي تهم على وجه الخصوص تنظيم التعليم المدرسي، والأكاديمياتِ الجهوية للتربية والتكوين، وقطاعي التعليمِ العالي والتكوينِ المهني.

ولقد كان الاجتماع الثالث لهذه اللجنة، المنعقد يوم 15 يناير المنصرم برئاسة السيد رئيس الحكومة، مناسبة تم خلالها التداول في مشاريع النصوص التطبيقية للقانون الإطار وكذا عرض مشروع لوحة قيادة شاملة ومندمجة لتنزيل أحكام القانون الإطار.
وفي الختامِ، أجدد التأكيد أننا سنواصل مسيرتنا الإصلاحية بخطى ثابتة وواثقة، رغم الإكراهات الظرفية والبنيوية التي تعرفها منظومتنا التربوية، مفعمين بروح الأمل والتفاؤل، ومتحلين بالنفس الطويل، سندنا في ذلكَ التوجيهات الملكية الحازِمة، والانتظارات المجتمعية القوية، ودعم مختلف الشركاء والغيورين على مستقبل المدرسة المغربية وذلك خدمة للمصلحة الفضلى لبناتنا وأبنائنا ولوطننا الحبيب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.