عا المشاركون في ندوة، نظمت اليوم الأربعاء بجنيف، إلى الضغط على الجزائر من أجل التصديق على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وعلى البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وتكريس مقومات العدالة الانتقالية التي ظلت شعارا فارغ المحتوى.
وطالب جامعيون وناشطون في المجتمع المدني، خلال اللقاء الذي نظمه مرصد جنيف الدولي للسلم والديموقراطية وحقوق الإنسان بتقديم دعوة دائمة لخبراء الأمم المتحدة وفرق العمل المعنية بحقوق الإنسان على وجه السرعة، وتنفيذ توصياتهم وخصوصا كل من المقرر الخاص بالحقيقة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار والفريقين العاملين حول الاختفاء القسري والتعذيب.
وتحت عنوان “العدالة الانتقالية في الجزائر: كشف الحقيقة، جبر الضرر وضمانات عدم التكرار: مسار معطوب”، دعا المتدخلون في الندوة المقامة على هامش الدورة الثالثة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى فتح تحقيق بخصوص جميع حالات الاختطاف والاختفاء القسري، والتعذيب التي وقعت على مدى أكثر من أربعة عقود؛ وإلغاء أو مراجعة جميع تشريعات القانون الجزائري المكرسة لسياسة الإفلات من العقاب المخالفة لحرية التعبير وتكوين الجمعيات وحرية التجمع.
كما شددوا على ضرورة وقف الاضطهاد القانوني للضحايا وذويهم الباحثين عن الحقيقة والمطالبين بجبر الضرر مع وقف الملاحقات القضائية المستندة إلى مواد في التشريع قد تقيد حق الأفراد في فتح ملفات انتهاكات الماضي.
وحث اللقاء الذي نشطته عائشة الدويهي رئيسة المرصد، بمشاركة أستاذ العلوم السياسية محمد الزهراوي، ورئيس جمعية ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، مليود الشاوش، على إعمال القانون وسيادته على جميع المناطق والجهات، بما في ذلك مخيمات تندوف، التي دعا إلى فتح باب زيارتها في وجه الجمعيات الحقوقية والمجموعات البحثية للتقصي والتواصل مع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على التراب الجزائري.
وخاطبت الندوة البلد المضيف، الجزائر، بواجب إجراء تحقيق عاجل ونزيه حول ادعاءات القتل خارج نطاق القضاء في حق صحراويي مخيمات تندوف، من أجل تحديد سبب الوفاة والمسؤولية عنها، وإحالة منفذي وداعمي تلك الانتهاكات إلى المحاكمات العادلة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم.
وشملت هذه المطالبات التعجيل بالإقرار بمركز لاجئ للاجئي مخيمات تندوف بالجنوب الغربي للجزائر، وحث دولة الجزائر على إعمال جميع الحقوق المترتبة عن الإقرار بمركز لاجئ وتمتيع لاجئي المخيمات بحقهم في التقاضي الحر أمام المحاكم وبنفس المعاملة التي يتمتع بها المواطن الجزائري من حيث حق التقاضي أمام المحاكم.
وضمن ملف العدالة الانتقالية، أكد المشاركون في الندوة على واجب الدولة الجزائرية بتفعيل التوصيات الأممية الصادرة في الموضوع سنة 2010 و2017 و2018 ومعرفة مصير المغاربة المختفين منذ سنة 1975، تاريخ الطرد التعسفي لعشرات الآلاف من المغاربة.
وخلصت هذه الندوة في هذا الإطار إلى مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك قصد صياغة آلية دولية للوقاية من الطرد التعسفي.
وجدير بالذكر، أن القانون الجزائري، وفق أرضية اللقاء، لا يضمن حق الضحايا وعائلاتهم في الوصول إلى العدالة أو المطالبة بجبر الضرر، كما يحجب هذا القانون حالات الاختفاء القسري والمعلومات المتعلقة بحالات الاختفاء هذه، مما يسهم في ترسيخ سياسة الإفلات من العقاب في جميع أنحاء الجزائر.
ولاحظت الورقة أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية جزء من سلسلة طويلة من القوانين الجزائرية التي تهدف إلى تحصين المتورطين بقضايا الاختفاء القسري. وفيما يتعلق بمسألة الجبر، لا يزال الموقف الرسمي للجزائر بعيدا عن ضمان الركيزتين الأساسيتين، وهما الاعتراف بالانتهاكات السابقة وتقديم الاعتذارات، فضلا عن مكافحة الإفلات من العقاب، بما في ذلك استرداد الممتلكات والأموال المصادرة، والكشف عن مصير المفقودين والحصول على تعويضات وضمان إعادة التأهيل.
وفي مخيمات تندوف، ذكرت الوثيقة بأن “البوليساريو” ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ولا سيما تكرار حالات الاختفاء القسري والاختطاف والإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام بإجراءات موجزة والتعذيب في مراكز الاحتجاز، وغير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. واستمرت جبهة “البوليساريو” التي فرضتها السلطات الجزائرية لإدارة شؤون المخيمات، في انتهاك لقواعد القانون الدولي، في الاستفادة من حصانة وحماية البلد المضيف، بغض النظر عن خطورة الانتهاكات المرتكبة.
وأضافت أنه منذ أكثر من 40 عاما، امتنعت آليات الانتصاف الجزائرية، ولا سيما القضائية منها، عن معالجة أو فحص أي قضية تتعلق بالانتهاكات المرتكبة ضد اللاجئين أو الأجانب أو المعتقلين في مخيمات تندوف.
وخلصت الورقة إلى أن المشكل ازداد تعقيدا بعد دخول القانون الجزائري للسلم والمصالحة الوطنية حيز التنفيذ، حيث يجرم البحث البسيط لكشف حقائق الماضي، الأمر الذي دفع العديد من الضحايا إلى تفضيل الصمت خوفا من الملاحقة أو الاختفاء القسري.