تنامى بشكل “لافت ومثير للقلق” عدد ضحايا حوادث السير في صفوف سائقي الدراجات النارية بالمغرب، مسجلا ارتفاعا بنسبة 31 في المائة، وفق ما أكده وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، في آخر جلسة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب.
وأبرز عبد الجليل أن ضحايا حوادث السير في فئة مستعملي الدراجات النارية بلغ نحو 40 في المائة من مجموع قتلى حوادث السير بالمغرب.
هذه الأرقام اعتبرها رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية، إلياس سليب، “مقلقة وتستدعي الوقوف عند أسبابها”، منبّهاً إلى أن عددا كبيرا من الدراجات النارية المستعملة في المغرب “معدّلة لتصبح أكثر سرعة مما حدده المصنّع، وبالتالي تصبح أقل أماناً، ما يستدعي وقف استيرادها”.
وأضاف سليب، ضمن تصريح لمصادر المحلية، أن “أغلب مستعملي الدراجات ثلاثية العجلات لا يتوفرون على رخصة السياقة بالرغم من حث الوزارة على ذلك، ما يعني أنهم لا يتوفر على تأمين، كما أنه يُلاحظ غياب تام للأمن في التعامل مع هذه المعضلة بالحزم المطلوب”، قبل أن يعود ليؤكد أن العناصر الأمنية المكلفة بالسير والجولان “تواجه هي الأخرى إكراهات لزجر هذا النوع من المخالفات ما يستدعي التفكير في طرق سهلة وأكثر فاعلية تجنّباً للمطاردات التي قد تنتهي بحوادث أخطر”.
وأشار رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية إلى أن وزارة التجهيز والنقل كشفت عن مجموعة من المشاريع لتقليص هذا العدد من الحوادث، من بينها مشروع “الدراجة الآمنة” الذي سيعمل على توزيع نحو 50 ألف خوذة آمنة، “لكن السؤال الذي يُطرح هو: إلى من ستوكل هذه المهمة؟”، داعياً إلى “الاعتماد على الجمعيات ذات المصداقية وذات خبرة في هذا المجال، تجنباً للتلاعب في هذا البرنامج”.
من استراتيجيات الوزارة أيضا لزجر المخالفين من سائقي الدراجات النارية، وفق وزير النقل، المراقبة بالرادارات الثابتة، غير أنه لتحقيق ذلك، حسب رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية، “يجب تسوية وضعية عدد كبير من الدراجات المحرومة من استصدار لوحات ترقيم، ثم تفعيل رخصة السياقة من نوع AM التي ستجعل من سائق الدراجة النارية معنياً بقانون السير وتلزمه بالوعي والالتزام به”.
من جانبه، اعتبر عزيز الداودي، الكاتب العام الوطني للاتحاد النقابي للنقل الطرقي، التابع للاتحاد المغربي للشغل، أن إجراء توزيع الخوذات الواقية “لن يحل المشكل، بل لن يزيد إلا من هدر المال العام، بحيث لا يعقل أن يشتري شخص معين دراجة نارية دون أن يقتني الخوذة، إذ إن المشكل يمكن في إقناعه بارتداء الخوذة الواقية”.
وأضاف الداودي، في حديث لهسبريس، أن “تعزيز المراقبة عن طريق الرادارات الثابتة ومراقبة محلات بيع الدراجات، يبقى إجراء لن يكون له الأثر في الأمدين القريب والمتوسط”، مقترحاً في المقابل “تعزيز الترسانة القانونية عبر اعتبار بعض الجنح جنايات تستوجب التحقيق بشأنها انطلاقا من قدسية الحياة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وإحالة مرتكبي جنح إدخال تغييرات على الخصائص التقنية للدراجات النارية على المحاكم المختصة، وتشديد المراقبة من طرف مختلف مراكز الفحص التقني”.
كما اقترح الفاعل النقابي ذاته، “إدراج التربية على السلامة الطرقية ضمن المنظومة التربوية في جميع المستويات الدراسية، وتمكين المصالح الأمنية ومصالح الدرك الملكي من الموارد البشرية واللوجستيكية اللازمة لممارسة عملهم، وتحمل الجماعات الترابية وسلطات الرقابة مسؤولياتهما في تعبيد الطرقات وتزفيتها وإنارتها وصباغة ممرات الراجلين التي أتلف العديد منها، ثم إعادة النظر في الكثير من علامات التشوير التي تحجبها الأشجار، والإبداع في التوعية والتحسيس، والتخلي عن البهرجة والفلكرة التي أثبتت أنها إهدار للمال العام فقط”.
ونبه الكاتب العام الوطني للاتحاد النقابي للنقل الطرقي إلى “فشل مجموعة من برامج ومشاريع وزارة النقل والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية للتقليل من حوادث السير فشلا ذريعا في تحقيق الأهداف المرجوة منها”، وفق تعبيره.