قبل خمسة أشهر من الاقتراع الرئاسي، أقر البرلمان التونسي الثلاثاء تعديلات على قانون الانتخابات. وأثار هذا القرار جدلا سياسيا واسعا في البلاد، فقد يؤدي إلى إقصاء مرشحين بارزين للرئاسة على غرار ألفة تراس رامبورغ ونبيل القروي.
قبل نحو شهر من إيداع قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية في تونس، صوت مجلس نواب الشعب الثلاثاء بغالبية 128 صوتا مقابل 30 وامتناع 14 عن التصويت، على تنقيح قانون الانتخاب والاستفتاء.
وتطرح التعديلات شروطا جديدة على المرشح بينها عدم قيامه بتوزيع مساعدة مباشرة لمواطنين أو استفادته من دعاية سياسية. وبمقتضى هذه التغييرات لا يمكن أيضا للهيئة الانتخابية أن تقبل ترشح من تأكدت استفادته من الجمعيات الأهلية ومن تلقى تمويلا أجنبيا في الأشهر الاثني عشر التي تسبق الاقتراع.
فينص الفصل 42 مكرر من هذا القانون الانتخابي على ما يلي “لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة (الانتخابية) قيامه أو استفادته خلال الـ12 شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية”، أو “تبين قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي”.
ويمكن للنص الجديد أن يحول بشكل خاص دون ترشيح قطب الإعلام نبيل القروي وسيدة الأعمال ألفة تراس رامبورغ. وفي حين قالت الحكومة إن هذه الخطوة تحمي المسار الديمقراطي، وصفها معارضوها بأنها انتكاسة قوية للديمقراطية الناشئة .
وكان القروي، مؤسس قناة نسمة التونسية الخاصة، قد أعلن في أواخر مايو/أيار ترشحه للانتخابات الرئاسية وذلك في مقابلة بثتها القناة مباشرة مشيدة بأعماله الخيرية في المناطق المهمشة في البلاد. ويشار إلى أن الرئيس الإيطالي السابق سيلفيو برلوسكوني من المساهمين في قناة نسمة (بنسبة ضعيفة). وأسس القروي قبل عامين منظمة سماها “خليل تونس” (باسم ابنه المتوفي)، تعنى بتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين. وحققت المنظمة صدى واسعا مع ترويج تلفزيون نسمة لهذه الأنشطة.
والتراس رامبورغ معنية أيضا بهذا التعديل بعدما عرفت عبر الأعمال الثقافية والرياضية والاجتماعية لمؤسسة رامبورغ ومبادرتها “عيش تونسي”.
وخطوات تراس رامبورغ التي وصفها منتقدوها على غرار أعمال القروي بأنها “شعبوية”، شملت أيضا المناطق المهمشة في البلاد حيث حركة المرشحين الآخرين محدودة. وأمام الشعبية المتنامية للشخصيتين، كان بعض المحللين يتوقعون لهما نوايا سياسية.
واقترحت الحكومة هذا التعديل بعد إعلان القروي ترشيحه، ورأى مراقبون للشأن التونسي في ذلك ردا على هذا الترشيح. من جهته ذكر مصدر حكومي أن القانون لا يستهدف القروي أو غيره وإنما الغرض منه فقط حماية الديمقراطية ممن يسعون للتحايل على القانون واستغلال ثغرات القانون السابق. فقال إياد الدهماني المتحدث باسم الحكومة إن الاحزاب السياسية ملزمة منذ 2014 بهذا القانون. لكن القرار الجديد سيشمل المستقلين بهدف تكافؤ الفرص بين المستقلين والأحزاب “التقليدية” وبهدف حماية الديمقراطية في تونس.
ومن المتوقع أن تجري الانتخابات البرلمانية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل بينما تجري الانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
“قانون إقصائي”
وقال القروي في فيديو نشره ليل الأربعاء الخميس على صفحته الرسمية في فيس بوك “الائتلاف الحكومي المتكون من النهضة وتحيا تونس والمشروع قاموا بمحاولة لقبر الديمقراطية لأنهم مرروا قانونا إقصائيا (…) . وبتعلة حماية الديمقراطية يحمون أنفسهم وكراسيهم وأحزابهم الفاشلة”. ووصفهم القروي بـ”أناس متحيلين” معتبرا أنهم “خانوا الشعب التونسي” وكذلك “أفقروا الناس وتونس لم تعد تستحمل”.
وبرغم الحذر إزاء عمليات سبر الآراء، وضعت استطلاعات رأي محلية صدرت الشهر الجاري نبيل القروي على رأس المرشحين للانتخابات الرئاسية متقدما على باقي المنافسين المحتملين.
وقالت نسرين جلاليا من مرصد الحياة البرلمانية “نفتح الباب أمام سابقة خطيرة للغاية. بدلا من تحمل مسؤولية حصيلتها العامة والقتال على الساحة السياسية، سنت أحزاب تشريعات للقضاء على المعارضين”.
وقالت جمعية “عيش تونسي” في إشارة إلى التعديلات الانتخابية إنها “فضيحة” و”يوم أسود في تاريخ تونس” متهمة الأحزاب السياسية بأنها منعت بذلك “خصومها من الترشح للانتخابات” حتى تتفرغ لتسويات سياسية وصفتها بصفقات “البيع والشراء” فيما بينها.