بقلم د. مبارك أجروض
يشير تضخم القلب hypertrophie cardiaque إلى الحالة التي يظهر فيها القلب بحجم أكبر من الطبيعي، ويمكن أن يتضخم القلب إذا كانت العضلات تعمل بجهد كبير لدرجة أنها أصبحت أكثر سماكة أو إذا اتسعت حجرات القلب، ما يصعب من عمل القلب في ضخ الدم. والجدير بالذكر أن تضخم القلب ليس مرضًا بحد ذاته، ولكنه علامة تشير إلى وجود مشكلة كامنة في القلب.
* هل تضخم القلب يزول ؟
قد يصاب الإنسان بتضخم القلب بصورة مؤقتة نتيجة تعرض الجسم لإجهاد قصير الأمد مثل الحمل لدى النساء أو ممارسة الرياضة أو عدوى معينة، ليزول تضخم القلب بعد الولادة أو بعد علاج العدوى. لكن، في بعض الحالات مثل فشل القلب الاحتقاني أو ارتفاع ضغط الدم المزمن قد لا يمكن عكس تضخم القلب بصورة كاملة، بل يمكن أن تعالج المسبب للحفاظ على درجة التضخم عند حدود تمكن المريض من العيش بأقل المتاعب.
* أعراض تضخم القلب
ضيق التنفس، عدم انتظام ضربات القلب (اضطراب نبض القلب). والتورم (وذمة). وتسهل معالجة تضخم القلب إذا اكتُشف مبكرًا، ولذا ينبغي التحدث إلى الطبيب عن مخاوفك إزاء صحة قلبك. لكن، على المعني طلب الرعاية الطبية العاجلة إذا ظهرت عليه أي من هذه العلامات والأعراض، والتي قد تعني إصابته بأزمة قلبية المتمثلة في آلام الصدر، ضيق حاد في التنفس وحدوث إغماء.
* أسباب تضخم القلب
قد يكون السبب في تضخم القلب هو وجود حالات مرضية تتسبب في ضخ القلب للدم بقوة أكبر من المعتاد أو تتسبب في تلف عضلة القلب. وفي بعض الأحيان يتضخم القلب ويصبح ضعيفًا لأسباب غير معروفة. ويمكن لوجود عيوب قلبية خلقية، أو تلف ناجم عن أزمة قلبية أو عدم انتظام ضربات القلب أن يتسبب في تضخم القلب، وثمة حالات مرضية أخرى مرتبطة بتضخم القلب مثل ارتفاع ضغط الدم، مرض في صمام القلب، مرض عضلة القلب (اعتلال عضلة القلب)، ارتفاع ضغط الدم الرئوي، تراكم السوائل حول القلب، فقر الدم، اضطرابات الغدة الدرقية، ترسب الأصبغة الدموية والأمراض النادرة التي قد تؤثر في القلب، مثل الداء النشواني وقد تكون أكثر عرضة لخطر تضخم القلب إذا كان الشخص يعاني من أي من عوامل الخطورة المتمثلة في ارتفاع ضغط الدم، وجود تاريخ عائلي يشمل الإصابة بتضخم القلب أو اعتلال عضلة القلب، انسداد شرايين في القلب (مرض الشريان التاجي)، مرض القلب الخلقي، مرض القلب الصمامي والأزمة القلبية.
* أسباب تضخم القلب في الأطفال
ـ عند الأطفال: يكون السبب الأكثر شيوعًا هو شكل من أشكال عيب القلب الخلقي. على سبيل المثال، قد يسمح ثقب في القلب (أو بعض الاضطرابات الأخرى) للدم بالتحويل أو إعادة الدوران إلى الرئتين. تشمل الأمثلة على التحويلات عيب الحاجز البطيني، وعيب الحاجز الأذيني، والقناة الشريانية السالكة، وفي كل هذه الأمثلة، يوجد اتصال يسمح للدم بإعادة الدوران إلى الرئتين. ويؤدي هذا إلى إرسال دم أكثر من المعتاد إلى الرئتين؛ بعد ذلك يعود المزيد من الدم إلى القلب، ليتضخم القلب بعد ذلك بسبب الحجم الزائد الذي يتم توصيله إليه.
ـ تحدث بعض حالات تضخم القلب عند الأطفال بسبب مشاكل الصمام: حيث يمكن للصمامات التي لا تفتح بشكل صحيح أو الصمامات التي تتسرب أن تخلق ضغطًا إضافيًا على القلب، مما يؤدي إلى تضخم القلب. على سبيل المثال، قد يصاب العديد من الأطفال الذين يعانون من ارتجاع الصمام الإبهري Régurgitation valvulaire aortique بتضخم البطين الأيسر بمرور الوقت. وقد يستدعي هذا استبدال الصمام.
ـ السبب الأخير لتضخم القلب: هو أي مشكلة في عضلة القلب من حيث الانقباض أو وظيفة الانضغاط. هذا عادة ما يكون سبب تضخم القلب عند البالغين. لكن، يمكن رؤيته أيضًا عند الأطفال ولكنه أقل شيوعًا.
* مضاعفات تضخم القلب
فشل القلب، الجلطات الدموية، النفخة القلبية، توقف القلب أو الموت الفجائي.
* تشخيص تضخم القلب
تصوير الصدر بالأشعة السينية، مخطط كهربية القلب، رسم القلب بالموجات فوق الصوتية، اختبار الجهد، التصوير المقطعي المحوسب للقلب (TC) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (IRM)، اختبارات الدم وقسطرة القلب والخزعة.
* علاج تضخم القلب
أولا/ الأدوية
إذا كان اعتلال عضلة القلب أو غيره من أنواع أمراض القلب هو السبب وراء الإصابة بتضخم القلب، فقد يوصي الطبيب بتناول أدوية. وقد تتضمن مدرات البول لخفض كمية الصوديوم والماء في الجسم، مما قد يساعد على خفض الضغط في الشرايين والقلب، مثبطات الإنزيم المحول للأنغيوتنسين Inhibiteurs de l’ECA لخفض ضغط الدم وتحسين قدرة القلب على ضخ الدم، حاصرات مستقبلات أنغيوتنسين bloqueurs des récepteurs de l’angiotensine لتوفير مزايا مثبطات الإنزيم المحول للأنغيوتنسين للأشخاص الذين لا يستطيعون تناول مثبطات الإنزيم المحول للأنغيوتنسين، حاصرات بيتا لخفض ضغط الدم وتحسين وظائف القلب، ديغوكسين digoxine للمساعدة على تحسين وظيفة ضخ القلب للدم وتقليل الحاجة إلى دخول المستشفى للعلاج من فشل القلب، مضادات التجلط anticoagulants لتقليل خطورة التعرّض لجلطات دموية قد تتسبب في الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة مضادات اضطراب النظم القلبي للحفاظ على ضربات القلب في نطاق معدلاتها الطبيعية.
ثانيا/ إجراءات طبية وجراحية
إذا لم تكن الأدوية كافية لعلاج تضخم القلب، فقد يكون من الضروري استخدام إجراءات طبية أخرى أو الجراحة، مثل الأجهزة الطبية المستخدمة لتنظيم ضربات القلب، جراحة صمامات القلب، جراحة تحويل مسار الشريان التاجي، الجهاز المساعد للبطين الأيسر وزرع القلب.
ثالثا/ نمط الحياة والعلاجات المنزلية
هناك طرق لتحسين الحالة الصحية، حتى إذا لم يكن للشخص سبيلاً للشفاء التام، وقد يوصي الطبيب بإجراء تغييرات أنماط الحياة التالية؛ الإقلاع عن التدخين، فقد الوزن الزائد، التقليل من استخدام الملح في النظام الغذائي، السيطرة على داء السكري، مراقبة ضغط الدم، القيام بتمرينات متوسطة بعد مناقشة أفضل البرامج المناسبة مع الطبيب فيما يخص النشاط البدني، الامتناع عن شرب الكحول وتجنب الكافيين ومحاولة النوم لمدة ثماني ساعات بالليل.
* الوقاية من تضخم القلب
على الشخص إخبار طبيبه إذا كان لديه تاريخ عائلي من الإصابة بحالات مرضية قد تتسبب في تضخم القلب، مثل اعتلال عضلة القلب، لأنه في حالة تشخيص اعتلال عضلة القلب أو غيره من الحالات المرضية الخاصة بالقلب مبكرًا، فقد تفيده العلاجات في الوقاية من تفاقم المرض. كما أن السيطرة على عوامل خطورة الإصابة بمرض الشريان التاجي كتعاطي التبغ وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الكوليسترول وداء السكري تساعد على تقليل خطورة تضخم القلب والإصابة بفشل القلب من خلال تقليل خطورة الإصابة بأزمة قلبية. ويمكن للشخص تقليل فرص الإصابة بفشل القلب عن طريق اتباع نظام غذائي صحي والإقلاع عن الكحوليات أو تعاطي الكوكايين والمخدرات عمومًا. كما يمكن لكثير من الأشخاص المصابين بتضخم القلب أن يقوا أنفسهم من الإصابة بفشل القلب من خلال السيطرة على ارتفاع ضغط الدم بالنظام الغذائي وممارسة الرياضة وتناول الأدوية قدر الإمكان.
نستنتج في الأخير أن تضخم القلب قد يكون مؤقتا ويمكن أن يزول، لكن في حالات وأمراض أخرى قد يكون دائما ويؤدي لمضاعفات عديدة تهدد للحياة.