تسليط الضوء على جوانب تاريخية وسياسية مظلمة من تورط ألمانيا في حرب الغازات السامة بالريف
في عشرينيات القرن الماضي، شهد العالم حرب الغازات السامة الرهيبة في منطقة الريف، والتي تميزت بتطوير واستخدام غازات سامة مميتة، وفي هذا السياق، تظهر ألمانيا بوصفها إحدى الدول المشاركة في هذه الحرب بجوانب تاريخية وسياسية مظلمة.
وقد تم تسليط الضوء على مسؤولية الجانب الألماني في هاته المأساة التي عاشها ويعيشها الريف في تحقيق صحافي أجراه صحفيون ألمان، ونُشر على إذاعة “اش اير 2” الألمانية.
حيث كشف التحقيق عن تطوير الغاز السام الذي استُخدم في هذه الحرب بواسطة الكيميائي الألماني هوغو ستولتزنبرج، والذي تم تصنيعه في المغرب وإسبانيا، رغم معاهدة فرساي التي منعت تطوير الغازات السامة.
مع مرور مئة عام على هذه الحرب، تبقى تداعياتها قائمة حتى اليوم، فمنطقة الريف لم تشهد إلا قليلًا من الإجراءات للتعويض عن الخسائر البشرية والبيئية الناجمة عن هذا الهجوم الجوي.
الأعداد الرسمية للضحايا غير معروفة، لكن من الواضح أن الآلاف فقدوا حياتهم، والعديد ما زالوا يعانون من مشاكل صحية، بما في ذلك ارتفاع معدل الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 60% في هذه المنطقة.
لا يقتصر تأثير هذه الحرب على المغرب فقط، بل توجد جاليات من الريف في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، وقد ألقت هذه القضية بظلالها على الجاليات المغربية في أوروبا، حيث يعيش الكثيرون منهم في مناطق مثل الراين والماين والرور.
التحقيق أثار أيضًا أسئلة حاسمة حول الشفافية والمسؤولية، ولماذا تبقى هذه الحرب الاستعمارية مجهولة للكثيرين؟ ولماذا لا يعرف الكثيرون عن تورط ألمانيا في إنتاج وتوريد الغازات السامة في هذه الحرب؟ وكيف يتعامل أحفاد الضحايا مع هذا الوراثة المظلمة؟ وما هو دور الحكومة الفيدرالية الألمانية في التعامل مع هذه الجرائم التاريخية التي تنتهك القانون الدولي؟
إن كشف تورط ألمانيا في حرب الغازات السامة بالريف يجب أن يشجع على توثيق تلك الجرائم وتقديم العدالة للضحايا وأسرهم. فهذا التاريخ المظلم يجب أن يكون درسًا للعالم حول أهمية منع استخدام الأسلحة الكيميائية والحفاظ على السلام الدولي.