إعداد مبارك أجروض
على الرغم من أهميتها وفوائدها المتعددة للجسم، فإن بعض خبراء التغذية قد حذروا من الإفراط في تناول اللحوم الحمراء. ومن بين هؤلاء الخبراء الخبيرة في التغذية الألمانية، زيلكه ريستماير، التي أكدت أن اللحوم تتمتع بفوائد جمة لصحة الإنسان، غير أنها لا تخلو من المخاطر في حال الإفراط في تناولها. وأوضحت ريستماير أن اللحوم تمد الجسم بعناصر غذائية مهمة؛ كونها غنية بالبروتينات ومجموعة فيتامينات B بما في ذلك فيتامين B12، بالإضافة إلى الحديد والزنك والسيلينيوم.
ونقل الموقع الإلكتروني على لسان الخبيرة الألمانية أن الإفراط في تناول اللحوم الحمراء والنقانق يرفع خطر الإصابة بسرطان القولون، لا سيما بالاشتراك مع السِمنة المفرطة وقلة الحركة. وتمهد اللحوم الغنية بالدهون الطريق للإصابة باضطرابات أيض الدهون، بسبب محتواها العالي من الأحماض الدهنية والكوليسترول، مما يرفع خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية والكبد الدهني.
وقدمت خبيرة التغذية الألمانية روشتة طبية لتجنب هذه المخاطر الجسيمة، حيث تنصح بتناول اللحوم بمعدل يتراوح بين 300 و600 غرام أسبوعيا على الأكثر، مع مراعاة اختيار الأصناف القليلة الدهون، وتحضيرها بشكل صحي كالشواء والطهي بالبخار أو في الفرن. كما حذر باحث بجامعة يورك الكندية من أن الإفراط في تناول اللحوم الحمراء باعتبارها غنية بالبروتين وتمد الجسم بفيتامينات عدة، له تأثير كبير على الصحة، عندما يتقدم الإنسان في العمر.
ويقول الباحث روي يونغ، وهو عميد في كلية العلوم بالجامعة الكندية: إنه يتوجب عليا أن ننتبه إلى البروتينات التي نتناولها حتى وإن كانت مفيدة، لافتًا إلى أن البروتينات التي نحصل عليها من خلال اللحم تحدث هذا الأثر السلبي وغير المرغوب فيه بسبب مادة تعرف بـ”هيدروجين السولفيد”.
وأوضح يونغ وفق سكاي نيوز عربية أن البروتينات التي تدخل جسمنا عن طريق تناول اللحم تجبرُ أنسجة الجسم على إفراز هيدروجين السولفيد، وهو غاز سام له رائحة شبيهة بالبيض الفاسد لو اشتمه الإنسان. ويحتاج الجسم بالفعل إلى هذا الغاز لكن بكميات محدودة، وهو ما يعني أن الإكثار من اللحم هو المشكلة، وليس تناولها بشكل معتدل.
ويتعرض المفرطون في تناول اللحم لاضطرابات صحية كثيرة عندما يتقدمون في العمر، مثل الكولسترول وارتفاع ضغط الدم. وأوضح الأكاديمي أن جسمنا يقوم بإفراز هذا الغاز الذي يعرف بـ”H2S” على شكل جزيئات تؤدي وظيفة مرسلات كيميائية، لكن تبين لعلماء الصحة أن إفراز هذه المادة مرتبط أيضًا بنظامنا الغذائي.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي كشفت دراسات طبية أن التقليل من بعض المواد الغذائية يساعد على بقاء الإنسان في حالة أفضل عندما يتقدم في العمر. وكشف الخبراء أن التقليل من منسوب مادة “السولفور” وما تحتوي عليه من أحماض أمينية، بإمكانه أن يزيد أمد الحياة بشكل ملحوظ.
وتم إجراء تجربة وسط الحيوانات، وجرى خفض حصتها اليومية من الأحماض الأمينية، فتبين بعد فترة أنها حافظت على صحة أفضل في الأوعية الدموية، وهو ما يعني أنها ستحظى بعمر أطول ومشكلات صحية أقل على الأرجح.
وفي الولايات المتحدة، مثلًا، تشير البيانات الصحية إلى أن الناس يتناولون ما يزيد الضعفين ونصف الضعف من احتياج الجسم اليومي من أحماض السولفور الموجودة بكثرة في اللحوم. وبما أن هذه الأحماض موجودة بكثرة أيضًا في السمك والدجاج، فإن الخبراء يحبذون الحصول على البروتين من خلال الأغذية النباتية.
بالإضافة إلى كل ما ذكر كشفت دراسة حديثة أنه على عكس الشائع، لا يضر تناول اللحوم بالصحة ويجب على محبيها الاستمرار في تناولها. العديد من الدراسات حذرت فيما سبق، من خطورة تناول لحوم البقر والضأن والخنزير، وإسهامها في زيادة من معدلات الإصابة بأمراض القلب والسرطان والسكتة الدماغية أو مرض السكري.
وشارك باحثون من كندا وإسبانيا وبولندا في الدراسة الجديدة، التي راجعت 61 دراسة سابقة شملت أكثر من 4 ملايين شخص، كانت قد تابعت حالتهم الصحية وطبيعة الأغذية التي تناولوها، إلى جانب 12 دراسة قام 54 ألف شخص من المشاركين فيها، بإحداث تغييرات على نظامهم الغذائي.
وبعد مراجعة الدراسات وبياناتها، وجد الباحثون أن الأدلة التي استندت عليها الدراسات السابقة “ضعيفة ولا تصلح لأن يبني عليها العلماء تحذيرات أو نصائح بشأن الطريقة التي ينبغي على الناس أن يعيشوا حياتهم وفقا لها”. واعتبر الباحثون أن السبب في “ضعف” النتائج السابقة، أن الدراسات كانت “غامضة للغاية”، ولم تثبت وجود صلة مباشرة بين اللحوم والصحة، وفقا لما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.