الإعلامي المتخصص “م – ح”
و أنا أطالع تفاصيل قصاصات الأنباء التي حملتها وكالة الأنباء الجزائرية استوقفتني جزئية صغيرة حملتها الوكالة حول تأكيد رئيس الجمهورية الجزائرية ، عبد المجيد تبون، يوم السبت، اهتمامه بجميع الجزئيات التي تشكل انشغالات المواطن الجزائري البسيط و التي تمثل صلب أولوياته .
تصريح بقدر ما أثارني ، أضحكني، لأنني حسبتني أمام رئيس له صلاحيات دستورية ، و متحرر من قيود العسكر ، وقادر على الأقل على تحويل الحلم إلى حلم جميل .
كلمة جاءت خلال افتتاح الندوة الوطنية حول الإنعاش الاقتصادي ، و خلالها وصف حالات و تحدث عن أماني و أحلام وردية و لغة خشبية لا تقنع الأحمق من مواطني الحراك الشعبي الجزائري، فما بالك بالعقلاء من أفراد هذا الشعب العظيم ، فحين يوصف الرئيس الواقع و يتحدث عن الممارسات البيروقراطية فهو يمارس الإنشاء على الشعب ، لأنه إن كانت له سلط فعلية فبإمكانه قطع ذبر البيروقراطية عبر إصدار مراسيم رآسية تخفف من أعباء الحصول على تراخيص الاستثمار أو أية تراخيص أخرى، و الأدهى من ذلك حينما تحدث عما أسماه تخوفات بعض المسؤولين، مصطلح تهت في فهم دلالته فلم أتمكن من ذلك، لأن الأصل في الخواء الخواء و لا يمكن أن ينتج الخواء المسؤولية و التنمية و التقدم و الرفاه للشعب الجزائري .
و من كثرة تباكي السيد “تبون” على الشعب أنه قرر النزول إلى الجزئيات ، لأنها تهمه ما دام المواطن البسيط يهمه ، و الله لاحترت في فهم الجزئيات التي يتحدث عنها الرئيس الجزائري ، و الشعب الذي خرج في مسيرات الغضب المليونية حمل رسائل لمعاناة شاملة من تدهور للقدرة الشرائية و البطالة و غياب الحريات الأساسية واستشراء الفساد الذي أصبح جزءا ملاصقا لبنية الدولة و مؤسساتها، خاصة داخل المؤسسات العسكرية و الأمنية، و سياسة تهريب الأموال المنهوبة من الشعب للبنوك الأجنبية تحسبا أو خوفا من يوم الحساب الشعبي.
و من صدف القول أن “تبون” و بلغة الجفاف أكد حكمة هو أبعد من أن يمارسها ما دامت سياسته ، سياسة العسكر المخابرات لا تفهم إلى لغة الخشب و الهدم ، حين قال “الهدم سهل، بينما يبقى البناء صعبا” ، و هو الذي لم يأت كما العسكر بأية نقطة بناء من تاريخ تعيينه ، بل أن سلسلة الأزمات لا تتوقف إلا لتفتح و تتوسع ، و هو ما عكسته الشعارات التي حملها الحراك المطالبة برحيل النظام و بالدولة المدنية لا دولة العسكر ، و على أرض الواقع من غلاء للمعيشة إلى انتشار مستويات البطالة في دولة تنام على الغاز و البترول.
إن الشعارات البراقة التي يحاول العسكر، عبر خدمات “تبون” تصريفها بالادعاء بالاقتراب من مطالب الحراك و الشعب الجزائري حتى في جزئياتها لهي قمة الضحك على ذقون الجزائريين ، و هو ما تدحضه الوقائع على الأرض المادية منها أو الحريات و امتلاء السجون بخيرة أبناء الشعب الجزائري الرافضين لحكم العسكر ، و المطالبين بالتغيير الجدري .
فكل شطحات “تبون” و ادعاءه تلبية كل مطالب الحراك لن نطل على الشعب الجزائري الذي أصبح يرفع مطلبا أساسيا ألا و هو تغيير النظام و بشكل جدري.
إن شوارع عنابة، برج بوعريريج بالشرق الجزائري، باب الوادي، بلوزداد، وارع حسيبة بن بوعلي، عسلة حسين، بساحتي أودان والبريد المركزي بقلب العاصمة، ستبقى شاهدة على تحول جدري في الوعي الشعبي الجزائري التواق للكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية، خاصة و أن من يدعي الاهتمام بجزئيات الشعب سبق له أن رفع التحدي في وجه الحراك ، قائلا بأن عودة المسيرات لا تزعجه، أي أن إرادة الجزائريين و مطالبهم لا تهمه في شيء كما العسكر ، و ما يهمه هو المزيد من سلب و نهب مال الشعب الجزائري .
و مهما طال زمن الطغاة سيبقى الديدن الفصل في الأحداث الكبرى هو الشعب و إرادته التي أسقطت “بوتفليقة، و قادرة مستقبلا على إسقاط كل زمر الفساد و الاضطهاد والاستغلال .