قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، تاج الدين الحسيني، إن القرار الصادر عن الإتحاد الأوربي الذي قدمه ممثلو إسبانيا في البرلمان الأوربي كان يهدف إلى إدانة واضحة للمغرب فيما سمي باستغلال الأطفال وتوظيفهم في ملف الهجرة السرية الجماعية لمدينة سبتة، لكن في الحقيقة القرار لا يحمل أي إدانة للمغرب، ويستعمل فقط لنوع من الدعاية الإعلامية، وإثبات التضامن بين الفرقاء في الإتحاد الأوربي.
وكشف الحسيني في حوار خاص أجراه مع جريدة هبة بريس الإلكترونية، أنه تم إدخال تعديلات على المسودة الإسبانية لمشروع القرار، حيث حاول البرلمان الأوربي أن يأخد العصا من الوسط، إذ أن القرار أشاد بشكل واضح بالمبادرة التي قام بها العاهل المغربي والمتمثلة في الموافقة على إسترجاع كل القاصرين غير المصحوبين في بلدان الإتحاد الأوربي، موضحا أن عرقلة عودة هؤلاء لا تعود أصلا إلى المغرب بل هي مرتبطة ببعض التعقيدات الإدارية التي تفرضها البلدان الأوربية فيما يتعلق بمسألة القاصرين.
وأشار ذات المتحدث إلى أن المغرب طلب من إسبانيا إرجاع القاصرين الذين ولوجوا سبتة قبل أيام، وعدم توزيعهم على باقي المدن الإسبانية كما كانت تنوي أن تفعل، وظل موقف المغرب واضحا بخصوص مسألة الأطفال برفض مغادرتهم للتراب الوطني، لافتا إلى أنه قد تقع انفلاتات في غفلة من السلطات، أو في حالات تحسن المناخ وهدوء البحر الذي يساهم في إرتفاع معدلات الهجرة، بالإضافة لقرب مدينة سبتة من التراب الوطني، و الشعور القوي لدى المغاربة الذين يعتبرون مدينة سبتة جزء من تراب وطنهم.
واسترسل تاج الدين الحسيني، مشيراً إلى أن سكان الشمال كانوا يلجون مدينة سبتة المحتلة، بمجرد الإدلاء بالبطاقة الوطنية، كما كانت إسبانيا تشجع تجارة التهريب لما تدره عليها من أموال طائلة وتنعش المدينة إقتصاديا، إلى أن أغلق المغرب منافد التهريب ومنع ذلك.
وأضاف الحسني، أن ما يهم المغرب في هذا القرار هو إشادته بموقف العاهل المغربي، وتركيزه على أن مسألة المنازعات الثنائية بين إسبانيا والمغرب، يجب أن تحل بالطرق الديبلوماسية وليس بمثل هذه المواقف التي تمارسها إسبانيا، كما أنه جاء ليؤكد على أن العلاقات مع المغرب هي علاقات ذات طبيعة استراتيجية، وينبغي الحفاض عليها.
وأوضخ الحسيني أن القرار تضمن مسألتين مثيرتين للجدل الأولى مرتبطة بموجة الهجرة التي حدثت في يوم واحد نحو مدينة سبتة وهي نقطة من حق الإتحاد الأوربي أن يقول فيها ما يشاء ، لكن بالمقابل يعتبر أن النقطة المثيرة الأخرى هي إعتبار الإتحاد الأوربي مدينة سبتة في نطاق الحدود الأوربية التي يشرف عليها الإتحاد الأوربي ويطالب بحمايتها، ما يعني أن الإتحاد الأوربي ودول أوربا تعتبر سبتة التي هي مدينة محتلة من طرف إسبانيا جزءا لا يتجزأ من الإتحاد الأوربي وهذه المسألة ستثير حساسية لدى كل المغاربة.
ودعا تاج الدين الحسيني البرلمان المغربي للرد على البرلمان الأوربي والتعبير عن موقفه و توجيه رسائل استنكار للبرلمان الأوربي في هذا الشأن، مذكراً في هذا الصدد برد البرلمان المغربي على قرار صدر عن البرلمان الأوربي حول قضية الصحراء المغربية في ثمانينات القرن الماضي.
وخلص الحسيني إلى أنه ينبغي أن نتعامل مع الأوربيين بالكثير من البرغماتية والعقلانية التي تتناسب مع عقلية الإتحاد الأوربي، لأنه بدون نوع من التفاهم هناك مخاطرات قد تقع في مثل هذه المواقف، خاصة وأننا ندافع عن القضية المركزية لبلدنا قضية الصحراء المغربية وليس بالضرورة فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية مع دولة أخرى مثل إسبانيا.