بين الحقيقة والمخاطر: مقتل الصحفي محمد العتيبي يسلط الضوء على التهديدات المتزايدة للصحافة الحرة
بقلم: الأستاذ محمد عيدني
بقلم: الأستاذ محمد عيدني
تواصل التحديات التي يواجهها الصحفيون في جميع أنحاء العالم، حيث تتصاعد المخاطر بشكل يهدد حرية التعبير ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق العدالة والمساءلة. في حادثة مؤلمة أخرى، فقدت الساحة الإعلامية أحد أبرز الصحفيين، محمد العتيبي، الذي تم اغتياله أثناء أدائه لمهمته السامية في كشف الحقائق وفضح الظلم.
كان العتيبي معروفًا بشجاعته ومهنيته العالية. غطت تقاريره قضايا اجتماعية وسياسية حساسة، وكشف عن الكثير من الانتهاكات التي بقيت لفترة طويلة في ظل الظلام. لكن، وكما أصبح سائدًا في العديد من البلدان، فإن هذه الجرأة في طرح الحقائق تضع الصحفيين في مرمى النيران.
تأتي حادثة مقتل العتيبي لتؤكد من جديد أن الصحافة ليست فقط مهنة، بل هي رسالة نبيلة تتطلب من العاملين فيها التضحية والشجاعة. ومع تصاعد موجة العنف ضد الصحفيين، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يمكن أن تفعله الدول لحماية هؤلاء الأبطال الذين يكافحون من أجل الحقيقة؟
يعكس مقتل العتيبي حالة من انعدام الأمان التي يعيشها الصحفيون، حيث تزايدت حالات الاعتداء والقتل في الآونة الأخيرة. وفقًا للتقارير العالمية، فقد ارتفعت نسبة الوفيات بين الصحفيين بنسبة 20% في السنوات الخمس الماضية، وهو مؤشر مقلق يعكس الوضع المتردي للحرية الإعلامية.
تتحمل الحكومات مسؤولية كبيرة في حماية الصحفيين وتأمين بيئة العمل المناسبة لهم، لكن هناك أيضًا دور للمجتمع الدولي. من الضروري أن تتحرك الهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بشكل عاجل لتقديم الدعم والحماية للصحفيين. يجب على الدول التي تدعي احترام حقوق الإنسان أن تبذل المزيد من الجهود لمحاسبة الجناة وتقديمهم للعدالة.
ومع مرور الوقت، يجب أن يستمر النضال من أجل الحصول على المعلومات الدقيقة والموثوقة. إن مقتل محمد العتيبي يجب أن يكون دافعًا أوليًا لتحفيز الجميع على الالتزام بمبادئ حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الصحفيين. بالعزيمة والإصرار، يمكن للمجتمع أن يضمن أن تكون أصواتهم مسموعة، وأن يتمكن الصحفيون من أداء واجبهم بأمان.
إن مهنة الصحافة تعكس روح الإنسان الساعية نحو المعرفة والعدالة. لذا، يجب علينا كمجتمع أن نحتفي بالصحفيين الأبطال الذين يواجهون المخاطر ويضحون من أجل الحقيقة. وكما رحل محمد العتيبي، يجب أن تبقى ذكراه حية في قلوبنا، لتكون رمزًا لكل من يسعى إلى تعزيز العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان، مهما كانت التحديات.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: متى سنكون قادرين على ضمان الأمن والحماية لكل من يسعى إلى نشر الحقيقة؟ إن المضي قدمًا نحو تحقيق هذا الهدف يتطلب جهدًا جماعيًا وتضامنًا عالميًا، لأن الصحافة الحرة ليست فقط حقًا، بل هي عنصر أساسي لبناء المجتمعات الديمقراطية والشفافة.