محمد.معاجي
شق الصمت المخيم على المكان…صياح بومة مرعوبة أو ربما تنذر بحلول عاصفة هوجاء على القرية الساكنة إلا من غضب الكلاب التي كثر نباحها حتى ظن البعض أنه المرض الملعون قد أصاب كلاب القرية، وابقارها التي كثر خوارها حتى ايقض الرضاع وتعالى الصياح من كل جانب، فبدأت نظرات الخوف وبريق الرعب يلمع في عيون الساكنة مما جعل أحدهم يصيح في وسط الجوقة قرب المسجد ويقول بأعلى صوت :لقد حلت اللعنة….حلت اللعنة…وفقيه الجامع يحرك رأسه على أنغام صوت الرجل المذعور كأنما هو يؤكد كلامه وهو الملقب” باحمق الدوار”فبدأت الناس تنظربعضها بعض وكأنما يتفقون في صمت على شيء ما….
وماهي إلا لحظات قليلة حتى هرع الجميع مسرعا مهرولا مذعورا في اتجاه خيامهم، خيم الصمت من جديد حتى البومة لم يعد يسمع لها صوت،أما الكلاب فلزمت الصمت وكأنها مشغولة في التهام فريسة جادت بها طبيعة القرية وبقيت الحالة على ماهي عليه حتى بدأ الناس يتسسللون من مساكنهم محملين بماهو نفيس وغالي لديهموأغلبهم لا يملك سوى الفقروالجوع و القهر.فبدأت قافلة الرحلة تتجمع في طريقها إلى المجهول فتعالى بكاء البوم أما الكلاب فلزمت الصمت ورافقت القافلةالى حيث هي متجهة وكان الشباب قدكلف بسياق بعض الحيوانات من حمير وبغال وابقار أما الفتيات فكلفن بالدواجن وبعض قلل من الماء ،أما الشيوخ فاغلبهم متكئ على عصاه يتحسس لحيته الصفراء من حين لآخر ويصدر أوامره ويسقط غضبه على امرأة شمطاء جار عليها القدر ولم تترك منها الأيام سوى ظهر مقوس ووشم على وجهها يحكي خيبة الأمل وينطق بعار حياة عاشتها داخل البلدة الملعونة وجحيم قدر ترك على محياها تجاعيد العذاب والحزن العميق.
وبعد حين كانت القرية خاوية من أهلها. .وأصبحت اطلالا لمجهول ينتظرها. ..غادر الجميع ولم يبقى سوى امرأة لم يكن أمر أهل القرية يهمها منعزلة ومنطوية على نفسها سترها السماء ودفئها الأرض لا تبالي إلا بشجيراتها المنعزلة في الخلاء. ..نظرت إلى السماء مناجية ربها بكلام مبهم واذرفت دموع استعطاف لا يعلم أحد مرادها إلا خالقها
أخدت رحالها واتجهت إلى القرية تجوب دروبها الضيقة
وترسل آهات الألم ونظرات الحزن لا تفارق مقلتاها حتى بلغت المسجد وجلست على بابه وأخرجت اوراقا كثيرة كانت تحث غطائها واخدت قلما وبدأت في الكتابة كأنها تدون لحياتها ما يأتي :……..يتبع…..في العدد الآتي