تقول سناء العاجي في المقال “أيهما أفظع مجتمعيا، الحرية الجنسية أم جرائم الشرف” التي تبرر قتل الرجال للنساء لمجرد الشك؟
في مدينة آسفي المغربية، تم إلقاء القبض على شابين مثليين كانا يمارسان الجنس في بناية مجهورة.
صدر الخبر على موقع مغربي ليطرح مجددا نقاش الحريات الفردية، خصوصا بعد اندلاع قضية هاجر الريسوني وملاحقتها بتهمة العلاقة الجنسية غير الشرعية والإجهاض.
الآن، لنتساءل بموضوعية: رجال الأمن الذين وصلتهم الإخبارية وانتقلوا لعين المكان، هل كانوا سينتقلون بنفس السرعة لو وصلتهم إخبارية عن قاصر تتعرض للاغتصاب في نفس البناية؟ هل كانوا سينتقلون بنفس السرعة لو تعلق الأمر بامرأة تتعرض للتعنيف من طرف زوجها؟
إلى متى ستتابع الدولة المواطنين بتهمة الحب والجنس الرضائي؟
من الواضح أن موازين القيم عندنا معكوسة ومقلوبة
إلى متى ستتساهل السلطة الأمنية والتشريعية والقضائية مع المغتصبين ومع اللصوص ومع المرتشين ومع مختلف أشكال الفساد، لتتابع الأشخاص البالغين بسبب ممارسات فردية لا تسبب أي أذى للآخرين؟
في مغرب اليوم، حين تتقدم فتاة بشكاية للسلطات الأمنية ضد مغتصب أو متحرش، سيتم في الغالب التعامل معها كمذنبة تسببت في اغتصابها بسبب ملابسها أو خروجها للشارع العام ليلا أو غير ذلك…
سيستفيد المغتصب أو المتحرش من كل ظروف التخفيف، وفي أقسى الحالات، ستتم معاقبته بالسجن لبضعة أشهر؛ باستثناء حالات نادرة كان فيه الحكم مثاليا ورادعا بالفعل، كحالة الشاب الذي حاول اغتصاب فتاة قاصر نواحي مراكش وسجله صديقه بالهاتف وقاما معا بنشر الفيديو، حيت صدرت في حقه عقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات، فيما صدرت في حق صديقه الذي سجل الفيديو عقوبة بالسجن لمدة ثمان سنوات.
كان ذلك في ربيع سنة 2018. حينها، خرج البعض على المواقع الاجتماعية ليتعاطف مع الشابين باعتبارهما “ضحية” للهشاشة الاقتصادية والاجتماعية! طبعا، فكل شيء صالح لتبرئة المغتصب، ولتذهب الضحية للجحيم! بل إن أحد مسؤولي الثانوية التي تتابع فيها الفتاة دراستها أعطى حينها تصريحات لبعض وسائل الإعلام يقول فيها بأن تلك التلميذة كسولة وأنها رسبت… وكأن كونها رسبت في سنة دراسية يبرر اغتصابها!
بالمقابل، فحين يقوم شخصان راشدان، بمحض إرادتهما، بعلاقة جنسية مثلية أو غيرية، يتعرضان للفضيحة المجتمعية وللعنف الأمني والقضائي.
فهل تهدد المتعة الجنسية الرضائية أمن المجتمع أكثر من اللصوص والمرتشين والمعتدين جنسيا على الأطفال؟ هل يهدد المثليون سلامة الأفراد كما يهددها، فعليا، المتحرشون؟ هل التوقيف الإرادي للحمل من طرف امرأة غير مستعدة للأمومة، أخطر على المجتمع وعليها وعلى الطفل نفسه من كل ما سيعانيانه معا في حالة احتفاظها به ورميه في قمامة (عائشة الشنا، رئيسة ومؤسسة جمعية التضامن النسوي تتحدث عن 24 رضيعا متخلى عنه يوميا، دون احتساب جثث الرضع التي يتم العثور عليها في القمامات) أو أن يعيش لاحقا مشردا في الشوارع أو موصوما مجتمعيا؟
أيهما أفظع في الواقع، الحرية الجنسية للأشخاص الراشدين أم تزويج القاصرات أو حتى إجبارهن وهن راشدات على زواج غير مرغوب فيه؟
أيهما أفظع مجتمعيا، الحرية الجنسية أم جرائم الشرف التي تبرر قتل الرجال للنساء لمجرد الشك؟
في حالة إسراء غريب الفلسطينية مثلا، هل العيب أن تخرج مع خطيبها، أم أن تتعرض للتعذيب والقتل من طرف إخوتها وزوج أختها؟
لماذا يصدم المجتمع من قبلة أو علاقة جنسية غيرية أو مثلية، ويصدم بشكل أقل من قتل إسراء والمئات من أشباهها؟
لماذا ننزعج من المثلية ولا ننزعج إلا قليلا من تزويج طفلات صغيرات في اليمن والسعودية ومجتمعات أخرى، لرجال يكبروهن بثلاثين وأربعين سنة؟
من الواضح أن موازين القيم عندنا معكوسة ومقلوبة… مهووسون بالجنس. نخاف الحرية ونختزل الشرف بين أفخاذ النساء. تزعجنا المثلية ولا يزعجنا العنف. نتعاطف وتتعايش مع العنف واللامواطنة والرشوة ومختلف اللوبيات وأشكال الفساد… ونخاف من قبلة أو رعشة جنسية.
كل التضامن مع مثليي آسفي ومع كل المثليين الذين خلقوا في مجتمعات لا تسمح لك بأن تكون أنت… مجتمعات قد تغفر لك الاغتصاب والقتل والتحرش وتبرر كل هذه الجرائم… لكنها لا تغفر لك الحب الاختياري والجنس الرضائي.