هناك عدد غير قليل من الناس الذين يصابون بنوبة قلبية بسبب ممارسة الجنس ويخشون العودة إلى ممارسة الجنس خوفا من حدوثها مرة أخرى، في هذا الصدد أفادت دراسة علمية حديثة أن نسبة الإصابة بسكتة قلبية مفاجئة بسبب ممارسة الجنس تزيد عند الرجال أكثر من النساء، ونادرًا ما يتسبب الجنس في سكتة قلبية مفاجئة. ودُرست 4557 حالة سكتة قلبية وكان من بينها 34 حالة فقط حدثت خلال أو في غضون ساعة من ممارسة الجنس، منها 32 حالة بين الرجال. ويقول سوميت تشوغ، من معهد سيدارز سايناي لأمراض القلب في ولاية كاليفورنيا، إن دراسته هي الأولى التي تدرس ممارسة الجنس كسبب محتمل للسكتة القلبية.
وتحدث السكتة القلبية حينما يتعطل القلب وتتوقف ضرباته فجأة، ويتسبب ذلك في سقوط الشخص مغشيًا عليه ويتوقف التنفس، وما لم يتلق الشخص إنعاشًا للقلب والرئتين فقد تحدث وفاة. وقد تحدث الوفاة القلبية المفاجئة في ظروف عديدة مختلفة، مثل الرياضة الشديدة كما سمعنا مؤخرا عن وفاة عدد من الرياضيين المحترفين، وترتبط العلاقة الجنسية في أذهان كثير من الناس بمخاوف من حدوث أزمات قلبية ووفيات مفاجئة، ربما بسبب تكرر هذه المشاهد في الأفلام والدراما التلفزيونية. ولكن دراسة علمية جادة، نشرت نتائجها في موقع مجلة الجمعية الطبية الأميركية JAMA، أظهرت نتائج مختلفة.
* كيف أجريت الدراسة ؟
درست 6847 حالة وفاة قلبية مفاجئة أحيلت إلى مكتب الطب الشرعي في لندن في الفترة 1994-2020. درست السجلات الطبية الموثقة لهؤلاء المتوفين، وأجري تشريح طبي لجميع الحالات، وتم فحص 10 عينات من القلب على الأقل في كل حالة من قبل مختصين بالفحوص النسيجية.
* نتائج الدراسة
ـ ورد في السجلات الطبية حدوث علاقة جنسية قبل الوفاة بساعة أو أقل عند 17 حالة منهم فقط، أي بنسبة 0.2%.
ـ كان متوسط عمر المتوفين في هذه الفئة 38 سنة، معظمهم من الرجال (65%)، لم يلاحظ وجود أي مرض قلبي محدد لدى 9 منهم (53%)، ويعتقد بأن وفاة هؤلاء كانت بسبب حدوث اضطراب مفاجئ في انتظام نبض القلب.
ـ لوحظ وجود Dissection aortique في حالتين (12%)، كما سجل وجود Prolapsus de la valve mitrale قبل الوفاة في حالة واحدة، ووجود Augmentation connue de la pression artérielle في حالة واحدة.
ـ لوحظ وجود حالة واحدة من الأمراض التالية بين المتوفين بعد ممارسة علاقة جنسية: Cardiomyopathie, cardiomyopathie, ischémie, fibrose idiopathique du cœur, hypertrophie ventriculaire gauche.
* ما يمكن استنتاجه من هذه الدراسة
ـ احتمال حدوث الوفاة القلبية المفاجئة بعد ممارسة العلاقة الجنسية هو احتمال نادر جداً (0.2%).
ـ معظم حالات الوفاة القلبية المفاجئة بعد ممارسة الجنس ارتبطت بحدوث اضطرابات في نظم القلب (53%).
ـ على الرغم من أن الوفاة القلبية المفاجئة نادرة جداً، إلا أنها قد تحدث عند الشباب، لأن متوسط عمر هذه الحالات في هذه الدراسة كان 38 سنة.
ـ شملت هذه الدراسة حالات الوفاة فقط، ولم تشمل الحالات التي أصيبت بأزمة قلبية بعد علاقة جنسية لم تؤد إلى الوفاة. كما شملت حالات الوفاة المفاجئة، ولم تشمل حالات أزمات قلبية متأخرة، ولذلك ينصح الأطباء عادة المرضى المصابين بحالات قلبية متقدمة بالحذر من الإفراط في العلاقات الجنسية، خاصة عند مرضى نقص تروية القلب الذين أعمارهم أكثر من ستين سنة، وتجنب العلاقات الجنسية خارج رابطة الزواج، لأن دراسات سابقة أظهرت زيادة احتمال حدوث أزمات قلبية في مثل تلك الحالات.
ـ ومع ذلك، تبعث هذه الدراسة بعض الاطمئنان لممارسة العلاقة الجنسية، حتى عند المرضى المصابين بحالات قلبية، لأن ممارسة هذه العلاقة لا تؤدي إلى الوفاة المفاجئة إلا في حالات نادرة، خاصة عند الذين أعمارهم أقل من 50 سنة.
ويقول الناطق باسم اتحاد أطباء القلب الألماني هيريبرت بروك، إن فرصة الإصابة بالسكتة القلبية أعلى أثناء مشاهدة مباراة لكرة القدم، مدللا على ذلك بأن دقات القلب لا تزيد على 130 نبضة في الدقيقة أثناء ممارسة الجنس، بينما تم تسجيل معدل نبضات يبلغ 170 نبضة في الدقيقة أثناء مباراة نهائي كأس أمم أوروبا (تشامبيونزليغ) العام الماضي. ويشير بروك إلى قاعدة بسيطة، ألا وهي أن من يستطيع صعود السلالم دون مشاكل كبرى، يمكنه ممارسة الجنس دون مشاكل أو مخاطر.
وفي دراسة أخرى ألمانية أظهرت أن ممارسة الجنس لا تضاعف من خطر الإصابة بأزمات قلبية كما كان يعتقد، بل على العكس تساهم العلاقات الجنسية في تحسين نوعية الحياة. وذكر الباحثون تحت إشراف البروفيسور ديتريش روتنباخر من جامعة أولم الألمانية في الدورية أنه لم تتوفر من قبل سوى بيانات قليلة عن مخاطر الممارسات الجنسية لدى المرضى المصابين بأزمات قلبية.
ويوضح أخصائي أمراض القلب والأوعية الدموية، الدكتور أشرف رياض، أن ممارسة العلاقة الجنسية لا تشكل خطرا على مرضى القلب لأنها مثل ممارسة أي نشاط يومي عادي، إلا أن هناك بعض الحالات المتقدمة والتي لا يسمح لها بممارسة العلاقة الجنسية كي لا تتعرض لأزمات قلبية مفاجئة مثل maladie de l’artère coronaire. ولكن بشكل عام يفضل دائما الرجوع إلى الطبيب المعالج في هذا الشأن والذي يحدد قدرة المريض على الممارسة الجنسية من عدمها حسب حالته الصحية وحدة المرض وكذلك عمره.
ويضيف رياض “من الضروري ألا يعمد المريض إلى إطالة العملية الجنسية بشكل مبالغ فيه، فمن الأفضل أن يتم العمل الجنسي في أجواء بسيطة وطبيعية وفي أقصر وقت ممكن. وكذلك يحظر تناول أي منشطات أو محفزات جنسية والتي من شأنها تسريع دقات القلب وتشكل خطرا على حياة المريض، ومن الأفضل أن تتم الممارسة الجنسية عند الشعور بالرغبة الحقيقية والصادقة”.