الوضع المغاربي وحالة التشردم والتشتت والصراع الذي تعرفه المنطقة يطرح عدة علامات استفهام حول دور المثقفين والنخب في التخفيف من حدة الصراعات التي لا تعني الشعوب المغاربية المقهورة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والتي يبقى مطلب فتح الحدود وإزالة الحواجر، والدفع في اتجاه وحدة تكاملية إحدى مطالبها الأساسية لتحقيق التنمية والرفاه.
النخب في المنطقة المغاربية بعيدة عن أحداث المنطقة، أو منخرطة في التطبيل والتزمير لاستمرار الأوضاع القائمة، وهو ما يخلط الصورة ويضع هاته النخب موضع مساءلة واتهام، لتقاعسها عن أداء دورها التاريخي المفترض من موقع المثقف العضوي الملتصق بأحداث وقضايا الأمة والمنطقة، والمعبر عن إرادة الشعوب المغاربية في السلم والوحدة، بدل ثقافة الصمت أو التزمير والتطبيل الممارسة ضدا على إرادة الشعوب المغاربية، ورضوخا لكافة السلط التي تغدي الفرقة والصراع.
الأكيد أن الماضي الاستعماري ترك جراحا كبيرة، وولد عداوات توحي بأن تلك النظم على الرغم من تغنيها بالدولة الوطنية، والدولة الديمقراطية الحداثية، فإنها لا زالت تعيش حتى النخاع بمنطق القبيلة داخليا، والتابع سياسيا لدول المحور، الاستعمارية التي كسرت كل أنماط العلاقات التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل الاستعمار.
النزاع المغربي الجزائري يجب أن يطفو على قاعدة تتصدر اهتمامات تلك النخب في البلدين معا، وتشكل قاعدة لخوض معركة الوحدة وإذابة جليد هاته الخلافات التي لا تفيد الإنسان المغاربي في شيء، بل تغدي سلطة القمع والمنع، وترسخ التبعية التي لا هم لها إلا بيع الصراعات والأسلحة، لتكون المحصلة إهدار طاقات الشعوب في بناء ديار الحرب على حساب تحقيق التنمية والرفاه الإنساني في كلا البلدين.
ما يقع من صراعات في هاته المنطقة يقطع الطريق بقوة المؤامرات الداخلية والخارجية عن تحقيق أي تحول تنموي، عبر زرع الفتن والحروب لإعاقة هاته التحولات التي هي مطلب الشعوب أولا وقبل كل شيء، والمطلوب من النخب الفاعلة خوض معركة سلام ضد الأنظمة لتحقيق مطلب إسكات صوت المدافع، وتغليب صوت العقل، إن لم نقل المصالح التي تشكل القطب الأساسي في منظومة العلاقات الدولية في وقتنا الراهن.