المندوبية السامية للتخطيط: البطالة تَنخُرُ الشباب المغربي والنظام المدرسي يُفاقِم عطالة حاملي الشهادات
كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن معطيات مثيرة للقلق حول عطالة الشباب المغربي، حيث بلغ معدل بطالة الشباب الحاصلين على شواهد عليا (40,3 في المئة) ضِعف معدل الشباب الحاصلين على شواهد التعليم المتوسط (20,7 في المئة)، وأكثر من خمسة أضعاف معدل الشباب غير الحاصلين على شهادة (7,9 في المئة).
وحسب الإدماج في الحياة العملية، أوضحت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرة إخبارية بمناسبة اليوم العالمي للشباب، توصل “مدار21” بنسخة منها، أن حصة الشباب في سوق الشغل تراجعت خلال العقدين الأخيرين، وذلك راجع، على الخصوص، إلى ارتفاع نسبة بقائهم في النظام المدرسي.
وفيما يخص البطالة لدى الشباب، فقد ارتفعت بمعدل 2,9 نقطة مئوية خلال الفترة ذاتها، منتقلة من 20 في المئة سنة 2000 إلى 22,9 في المئة سنة 2022، مع تسجيل معدل بطالة بلغ 14,8 في المئة فقط خلال سنة 2014. وسجلت المندوبية أن البطالة لدى الشباب أكثر انتشارا بين سكان المناطق الحضرية والنساء والحاصلين على شواهد.
وبحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن ما يقرب واحدة من كل ثلاث نساء نشطات، تتراوح أعمارهن بين 15 و34 سنة (32,7 في المئة) سنة 2022، عاطلات عن العمل مقارنة بـ 19,8 في المئة في أوساط الرجال، مضيفة أنه بحسب بيئة الإقامة، يبلغ معدل البطالة في صفوف سكان المناطق الحضرية 29,9 في المئة مقارنة بـ 10,7 في المئة بالنسبة لسكان المناطق القروية.
وأشارت مندوبية الحليمي إلى أن معدل النشاط لدى الشباب، البالغين من العمر ما بين 15 و34 سنة، انتقل من 53,5 في المئة سنة 2000 إلى 41,2 في المئة سنة 2022، فيما انتقل معدل التشغيل من 42,8 في المئة إلى 31,8 في المئة خلال الفترة ذاتها.
وارتفع حجم العاطلين بالمغرب بـ 156 ألف شخص، ما بين الفصل الثاني من سنة 2022 ونفس الفصل من سنة 2023، منتقلا بذلك من مليون 387 ألف إلى مليون و543 ألف عاطل. وتمثل هذه الأرقام ارتفاعا بـ11 بالمئة، وذلك نتيجة ارتفاع عدد العاطلين بـ92 ألف بالوسط الحضري وبـ64 ألف بالوسط القروي، حيث انتقل معدل البطالة، خلال نفس الفترة، من 11,2 بالمئة إلى 12,4 بالمائة (+1,2 نقطة).
وسجلت المندوبية أن نسبة الشباب الحاصلين على شواهد غير شهادة التعليم الأساسي الذين يزاولون عملا أقل من مؤهلاتهم بلغت برسم سنة 2022 ما يعادل 50,8 في المئة مقابل 35 في المئة سنة 2000، مشيرة إلى أن خفض الرتبة في سوق الشغل أكثر شيوعا بين صفوف الشباب (51,7 في المئة) والمنحدرين من المناطق القروية (53,8 في المئة).
من جانب آخر، سجلت المندوبية السامية للتخطيط، أن الشغل المهيكل للشباب شهد تحسنا ملحوظا خلال العقدين الأخيرين. وأوضحت أنه “بحسب نوعية الشغل، وعلى الرغم من أن واحدا فقط من كل أربعة شباب نشيطين (24,7 في المئة) يزاول شغلا مهيكلا، فقد تم تسجيل تطور ملحوظ في شغل الشباب خلال العقدين الأخيرين.
وأضاف المصدر ذاته أنه خلال سنة 2000، كان حوالي 6,8 في المئة من الشباب النشطين العاملين، البالغين من العمر بين 15 و34 سنة، يستفيدون من التأمين الصحي المرتبط بالشغل، أي ما يناهز ربع ما تم تسجيله سنة 2022. بينما ارتفع عدد الشباب الحاصلين على الشواهد الذين يزاولون عملا أقل من مؤهلاتهم الأكاديمية بين سنتي 2000 و2022.
وأكدت المندوبية السامية للتخطيط أن مزاولة عمل مهيكل شائع بين النساء الشابات (38,2 في المئة) أكثر منه بين الشباب (21,1 في المئة)، وبين ساكنة المناطق الحضرية (36,2 في المئة) أكثر منه لدى ساكنة المناطق القروية (8,9 في المئة).
وفي تعليقها على البيانات والمؤشرات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، أكدت البرلمانية نعيمة الفتحاوي، عضو مجموعة العدالة والتنمية النيابية، في تصريح لـ”مدار21” أن البطالة ومعدلات الشغل المنخفضة “ما زالت تنخر في صفوف شباب المغرب، ومست أغلب القطاعات كقطاع البناء والأشغال العمومية والفلاحة والصيد البحري والصناعة والخدمات والأنشطة التقليدية والحرفية وغيرها من المجالات”.
وسجلت النائبة البرلمانية غياب أي مؤشر على تنفيذ وأجرأة الالتزامات والتعهدات التي أعلنت عنها الحكومة في البرنامج الحكومي، مما يدل على فشل سياستها في التشغيل، كما فشلت في اتخاذ سياسة ناجعة وذات فعالية في مجال التشغيل، منبهة إلى أن الحكومة التزمت برسم سنة 2023 أثناء مناقشة مشروع إحدى الميزانيات القطاعية، بإعداد مشروع قانون التشغيل العمومي “وهو ما لم يتم الى غاية اليوم” حسبها.
ونبهت الفتحاوي إلى غياب مخطط استعجالي لدى الحكومة لمعالجة أزمة البطالة التي يعاني منها خريجو الجامعات والمعاهد العليا ومراكز التكوين، وملائمة حقيقية للتكوين مع ما يتطلبه سوق الشغل، مشددة على ضرورة بذل جهود لتحقيق انسجام منظومة التكوين والتعليم العالي الوطني مع متطلبات سوق الشغل الوطنية، سواء من خلال تنويع وتطوير التخصصات الجامعية، أو من خلال مدن الكفاءات والمهن، وخاصة في كليات ذات الاستقطاب المفتوح.