في أحضان غابة “المعمورة” بمدينة سلا، التي تعد إحدى أهم وأجمل الوجهات السياحية الطبيعية بالمغرب، وبالضبط في مركز التخييم بالمعمورة، صدحت حناجر يافعين ويافعات وأطرهم المشرفة بالتحية للحضور في فساحة المجال، وقوة صفاء الطبيعة كما الروح المغذية لذاك الصدى، في حضن منظمة الكشاف المغربي، قابلنا البراعم واليافعات والقادة وجالسناهم رفقة المشرف العام على المخيم، المندوب “الأستاذ عبد الثواب”، الذي رافقنا طيلة مواكبة الحدث، فكان نعم المرافق ونعم الإنسان، استمتعنا رفقة الإنسان الطيب “عبد الثواب” والقادة وهؤلاء الأطفال ومع براءتهم بأجواء الكشاف والعلاقات الاجتماعية والإنسانية التي تؤثت حياة الفرد في المجموعة، وحضور المجموعة في حياة الأفراد.
هكذا كان المدخل، وهكذا قال لنا القادة، عالم الكشاف مدرسة مفتوحة على غرس وتأصيل كل قيم الجمال والمحبة واحترام الآخر والطبيعة والاعتماد على النفس والمساعدة ضمن الجماعة والثتقيف والتكوين…، كلها عناصر تحمل مجتمعة، عناصر تشكلت وأعطت تجربة رائدة لحركة كشفية تربوية تطوعية منضبطة للأهداف الكشفية وللمبادئ السامية التي قامت عليها الحركة الكشفية منذ التأسيس.
تصريحات القادة شكلت منارة لرسم مسار علاقات هم تربوا عليها داخل الحركة الكشفية و”منظمة الكشاف المغربي” والتي ينقلونها إلى البراعم واليافعات في تعاضد يسجل مدرسة متميزة مفتوحة على الحياة والمحبة في أزهى ألوانها.
القائد “بحري أحمد” من بني ملال، وقف، في تصريح خص بها جريدة “أصوات”، حول تركيبة الكشاف التراتبية، داعيا الأسر لتشجيع أبنائهم وبناتهم للانخراط في العمل الكشفي، الذي ومنذ سنة 1907 وهو يربي من خلال العمل بنظام المجموعات، الأمر الذي دفع مختلف الديانات إلى تبنيه واعتماده منهاجا للعمل، وللتربية على الحمولة الثقافية التي يريدون ترسيخها، مضيفا أن العمل يكون من خلال المجموعات وبمناهج مختارة وعبر مراحل حسب متطلبات الفئات العمرية، مبرزا أن هاته المناهج يضعها المكتب الدولي للكشفية باسكتلندة والتي يراعي في وضعها الفروق العمرية.
وأكد “بحري” أن العمل الكشفي ينمي ويغرس التربية على روح التعاون والمنافسة، لأن الانشطة تقوم على صعيد المجموعات، داعيا الدولة للاهتمام بالقطاع الشبابي الكشفي لما له من أهمية وعتها العديد من الدول فجعلته مادة تربوية تدرس في المدارس، وتقديم المزيد من الدعم للمنظمات العاملة في هذا المجال.
“عبد السلام الوافي”، من كشافة “سيدي معروف” بالدار البيضاء، أبرز أن انخراطه في العمل الكشفي كان منذ نعومة أظافره، وأنه اجتاز كل المراحل، إلى أن وصل لمركز قائد.
وأضاف القائد “الوافي” أن الكشفية مدرسة ثانية بعد العائلة والتربية والاعتماد على النفس، لأن الطفل يأتي إلى الفضاء الكشفي كشبل، وحينما يعشق المجال، يستمر فيه طيلة حياته ويتدرج في مستوياته كلها، مبرزا أن العمل الكشفي يساعد على تنمية شخصية الطفل.
وعن ظروف الاشتغال على الأرض، أوضح أن العمل يتم من خلال دار الشباب، حيث يتم تخصيص حصتين في الأسبوع، الأولى توجيهية دراسية، لها علاقة بالجانب الدراسي والتربوي، والثانية يومه الأحد مخصصة للتنشيط وتنظيم الخرجات وإقامة الانشطة المختلفة، مضيفا أن كشفية البارحة كانت الأجمل لأن لها ارتباط بالخلاء وبالفضاء الشاسع وتنمي كافة القدرات، وهو عكس ما نعيشه في كشفية اليوم.
هكذا وفي حضن “معمورة” وبالضبط “غابة السنديان”، وفي حضن حوار صريح وشفاف مفعم بالحب، حضرت المنظمات الكشفية عبر فروع عديدة، كان لنا لقاء مع فرعي بني ملال وسيدي معروف بالدار البيضاء، في فضاء محموم بالمسابقات والأنشطة الموازية المختلفة كخلية نحل منسابة عبر أشجار البلوط، حيث حضرت اليافعات واليافعين مع الشباب والشابات والقادة من كل الأعمار في تحية كشفية للعلم الوطني، رددتها الحناجر التي تربت في مدرسة العشق الكبير للوطن وللجماعة ولكل قيم الكشاف التي أينعوا في فضاءها منذ الصغر، تنمية لكل القدرات المخزنة في تقاسيم الحضور المغروس تربية لقدرات روحية وعقلية واجتماعية وبدنية كأفراد ومواطنين مسئولين في مجتمعاتهم.
الأكيد المستقى من خلال المعاينة لفضاء مخيم “منظمة الكشاف المغربي” في المعمورة هو التربية على القيم والمبادئ الأصيلة اتجاه الله، والوطن، والآخرين، والأهم هو اتجاه الذات التي تتحول من ذات مستهلكة لكل شيء إلى ذات واعية فاعلة.