تشهد صناعة السيارات الكهربائية في المغرب مرحلة نمو غير مسبوقة، مدفوعة بتوسيع الإنتاج محليًا وإدخال طرازات جديدة، في إطار جهود المملكة لتعزيز التحول نحو وسائل النقل النظيفة وتقليص الانبعاثات الكربونية.
وقد أظهرت بيانات حديثة لمنصة الطاقة الدولية (مقرها واشنطن) توقعات بنمو مبيعات السيارات الكهربائية في المغرب بنسبة 80.4% خلال العام الجاري 2025، لتصل إلى 5311 وحدة، مع استمرار الزخم في عام 2026 بنسبة 36.3% بما يعادل 7237 سيارة، ما يرفع حصة هذه المركبات في السوق إلى 3.4%.
ويُعزى هذا النمو اللافت، بحسب دراسة “بي إم إي” التابعة لشركة “فيتش سوليوشنز”، إلى التوسع المستمر للإنتاج المحلي وظهور طرازات جديدة بأسعار مناسبة، إضافة إلى الطلب المتزايد على السيارات الصديقة للبيئة.
ففي عام 2024 وحده، ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل بنسبة 143% لتصل إلى 1125 وحدة، بينما شهدت السيارات الهجينة القابلة للشحن (PHEVs) قفزة بنسبة 224% لتسجل 1819 وحدة مباعة.
ويأتي ظهور العلامة المغربية “نيو موتورز” كنموذج رائد في هذا التحول، إذ كشفت في أكتوبر 2025 عن سيارتها الكهربائية Dial-E، أول سيارة مصممة ومطورة ومجمعة بالكامل داخل المغرب، مع خطة لبدء الإنتاج الكامل في يناير 2026. ويُتوقع أن يسهم هذا الطراز المحلي منخفض التكلفة في تعزيز الطلب وتوسيع قاعدة المستهلكين داخل المملكة.
من جهة أخرى، يشهد المغرب تعزيزًا لحضور شركات السيارات الكهربائية العالمية. فقد أنشأت “تيسلا” فرعًا لها في المملكة خلال يونيو 2025، متخصصة في استيراد وبيع وصيانة سياراتها، مع خطط لتوسيع شبكة الشحن السريع وإطلاق مصنع تجميع محلي في القنيطرة بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ نحو 400 ألف وحدة.
كما توسعت شركة “بي واي دي” الصينية منذ دخولها السوق المغربية عام 2023، لتصبح العلامة الرائدة في مبيعات السيارات الهجينة القابلة للشحن بنسبة 32% من السوق في عام 2024، فيما دخلت شركة Zeekr السوق المغربية عام 2025 بطرازين.
ويعكس النمو المحلي في إنتاج السيارات الكهربائية جهود المغرب لتعزيز قدراته الصناعية، حيث يصل الإنتاج السنوي الحالي بين 40 و50 ألف سيارة تشمل طرازات مثل فيات توبولينو، أوبل روكس، وسيتروين آمي.
وفي أكتوبر 2025، أعلنت رينو عن تحديث اتفاقية الاستثمار مع المغرب لتشمل إنشاء خط إنتاج جديد للسيارات الكهربائية والهجينة، مع توفير أكثر من 7500 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وإطلاق مراكز للبحث والتطوير.
وعلى صعيد السياسات الحكومية، لعبت التدابير التحفيزية دورًا بارزًا في دفع نمو سوق السيارات الكهربائية، من خلال إعفاء كامل من ضريبة القيمة المضافة وضريبة الطرق، وتخفيض بنسبة 80% في الرسوم الجمركية، إلى جانب منح مكافآت شراء تصل إلى 50 ألف درهم للأفراد و100 ألف درهم للشركات، مع تخفيض بنسبة 10% في سعر التأمين على السيارات.
وعلى المدى الطويل، تتوقع “بي إم إي” استمرار نمو مبيعات سيارات الركاب الكهربائية بمعدل سنوي يبلغ 36.2% بين 2025 و2034، ليصل أسطول السيارات الكهربائية في المغرب إلى نحو 236 ألف وحدة، ما يمثل حوالي 4.8% من إجمالي أسطول المركبات.
كما يشير الخبراء إلى أن تطوير شبكات الشحن محليًا سيخفف من مخاطر التوريد ويضمن استمرار توسع السوق بشكل مستدام.
إن مسار المغرب في تطوير صناعة السيارات الكهربائية يعكس قدرة المملكة على الجمع بين التحول البيئي والتنمية الصناعية، ويؤكد على مكانتها الناشئة كوجهة استراتيجية لإنتاج السيارات الكهربائية في شمال إفريقيا، مع خلق فرص اقتصادية جديدة وتوسيع قاعدة الاستخدام المحلي لمركبات منخفضة الانبعاثات.