عظام بشرية عمرها أكثر من 300 ألف عام، عثر عليها علماء في منطقة جبل #إرهود البعيد في إقليم “اليوسفية” 100 كيلومتر إلى الغرب من مدينة مراكش، بجنوب وسط المغرب، قد تقلب المعطيات العلمية عن تاريخ البشر رأساً على عقب، بعد أن اتضح أنها أقدم بقايا “الإنسان العاقل” المعروف باسم Homo Sapiens في علم “الانثربولوجيا” المختص بدراسة أنواع #البشر وأعمالهم وسلوكهم وتحولاتهم عبر ملايين السنين، لأن أقدم أحفوريات من عظامه تم العثور عليها سابقاً في إثيوبيا، وعمرها 195 ألف سنة، لذلك فاكتشاف أقدم منها بأكثر من 100 ألف عام في المغرب يجعله واحداً من الأماكن التي وصلها البشر قبل 1000 قرن من ظهورهم في إثيوبيا أو غيرها في الشرق الإفريقي.
بيان صدر عن “المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث” التابع لوزارة الثقافة والاتصال بالمغرب، ذكر أن فريقاً دولياً بإشراف المغربي عبد الواحد بن نصر، عن المعهد، والفرنسي Jean-Jacques Hublin المولود بالجزائر قبل 63 سنة، وهو من “معهد ماكس بلانك” لعلم الأنثروبولوجيا المتطورة في مدينة “لايبزغ” بألمانيا، عثر على العظام بجوار أدوات من حجر الصوان، وبقربها بقايا حيوانية عدة، خصوصاً الغزال، وتم التوصل إلى عمرها بتقنية تحديد الزمن إشعاعياً، وفق ما بثت الوكالات، واطلعت عليه “العربية.نت” أيضاً في عدد يونيو/حزيران من مجلة Nature العلمية البريطانية الشهيرة، كما بوسائل إعلام دولية أعطت للأحفوريات المكتشفة أهمية كبيرة وأبرزت خبرها.
والمعروف عن موقع Jebel Irhoud أن غناه بالأحفوريات معروف منذ ستينات القرن الماضي، وفيه عام 1991 عثروا على البقايا التي تعود إلى “العصر الحجري الوسيط” لكن قراءاتها الأولية ظلت أسيرة عدم الوضوح لسنوات بسبب عدم دقة عمرها الجيولوجي، إلى أن تمت دراستها مجدداً منذ 2004 حتى تم التثبت من زمنها بتقنيات جديدة متطورة.
وأكد التثبت أن الموقع، الظاهر مكانه في خارطة #المغرب أدناه، هو الأقدم والأغنى بأحفورياته العائد زمنها للعصر الحجري الوسيط بإفريقيا، والموثق لأولى مراحل تطور “أومو سابيانز” العاقل، لذلك وصف العالم جان- جاك أوبلان ما تم العثور عليه بأنه “تطور كبير في #تاريخ_البشرية ويفتح لأصولها عهداً جديداً”، فيما ذكر عالم آخر من المعهد نفسه، وهو “فيليب غونز” الكاتب دراستين جديدتين عن الأحافير “أن التطور الجديد يمهد لأن يصبح المغرب واحداً من الأماكن التي وصل إليها البشر” وقبل 100 ألف عام من ظهور “العاقل” في إثيوبيا وانتشاره منها.
أما العالم المغربي عبد الواحد بن نصر، فشرح بأن “الاكتشاف المذهل يؤكد وجود تواصل ضيق للمغرب مع بقية إفريقيا زمن ظهر فيه #الإنسان العاقل” لأن الاعتقاد العلمي كان يشير دائماً إلى أنه ظهر منذ 200 ألف عام في المنطقة المعروفة باسم “صدع الشرق الإفريقي” الممتد إلى إثيوبيا وكينيا وتنزانيا.
كانوا يعتقدون دائماً أن تلك المنطقة هي مسقط رأس “العاقل” وأصله ومحضن عيشه، محصوراً فيها طوال آلاف القرون، إلى أن تم التأكد من العكس، وفي الفيديو الذي تعرضه “العربية.نت” أدناه، المزيد عن اكتشاف العظام الجديدة ومدى أهمية بعدها آلاف الكيلومترات عن الشرق الإفريقي، والتأكيد بأن ذلك الإنسان انتشر من حيث كانت صحاري الماضي ريّانة خضراء في المغرب وشمال #إفريقيا، ومنها بدأ انتشاره إلى كل القارة السمراء فراراً، ربما فيما بعد، من الجفاف والتصحر والنكبات البيئية الحاسمة.
وما تم العثور عليه في المغرب هو بقايا عظمية لخمسة أشخاص من #البشر الأوائل عاشوا بشمال إفريقيا، وليس في شرقها فقط “لذلك فالتطور كان منتظماً وشمل كل أنحاء القارة” وفق إشارة العالم أوبلان إلى إفريقيا في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء في باريس، وفيه أظهر للصحافيين ما عثر عليه فريقه من #جماجم وأسنان وعظام طويلة، منها جمجمة يكاد شكلها يكون متطابقاً مع جماجم البشر الحاليين. ومع أن أولئك الأشخاص مروا على الأرض قبل 300 ألف عام، إلا أنهم كان يستخدمون أدوات حجرية بذكاء واضح، وتعلموا كيفية إضرام النار والسيطرة عليها واستخدامها طيّعة بين أياديهم ولأي غرض.