بخطى واثقة، تمضي المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في درب ترسيخ مكانتها كنموذج متفرد لتلاقح الثقافات وقبلة للحوار بين الأديان والحضارات.
وما فتئ جلالة الملك، لما يتمتع به من حضور فاعل على الصعيدين الإقليمي والدولي كمنافح عن القيم الإنسانية للتسامح والتعايش بين مختلف العقائد والأديان، يؤكد في كل المناسبات، حرصه على مد جسور التواصل والتفاعل بين كافة الحضارات والثقافات، باعتبار ذلك الأساس السليم لبناء عالم يسوده السلام وتغمره المحبة والوئام.
وبفضل هذا الالتزام الشخصي الدائم والقوي المشهود به لجلالة الملك، أضحت المملكة قبلة للتعدد الثقافي والديني والحضاري، في تناغم متفرد يتأسس على قيم ومبادئ تقبل الآخر، والاحترام المتبادل.
واقتناعا من جلالته بضرورة العمل على كل الجبهات من أجل إعلاء مبادئ التعددية والحق والعدل والإنصاف والخير بوصفها قيما ثابتة لا تخص دينا دون آخر أو حضارة دون أخرى، جدد أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في الدورة التاسعة للمنتدى العالمي لتحالف الحضارات الذي استضافته حاضرة فاس العريقة يومي 22 و23 نونبر المنصرم، التأكيد على أن “الوقت مناسب دوما للحديث عن السلام، لا بوصفه نقيضا للنزاع والصراع فحسب، بل بما هو رؤية للعالم، وعلاقة تفاعل مع الآخر. ولا شك أن تحالف الحضارات يعد ركيزة قوية للسلام وفق هذا المنظور”، مضيفا جلالته “فالحوار، بخلاف الحروب التي تعرف بدايتها دون أي إمكانية للتكهن بنهايتها، يعد نجاحا في حد ذاته وفي جوهره. وفي ظل تجدد النزاعات والصراعات، يبقى الحوار مفتوحا على مآلات إيجابية. فحتى إن لم يفلح في تسوية الخلافات، فحسبه أنه يعزز التعارف والتفهم المتبادل”.
وشدد جلالة الملك في الرسالة ذاتها على أنه ” لا بد من إعلاء كلمة الحوار الذي يضطلع به تحالف الحضارات، ولا بد من ضمان سبل نجاحه. فلا سبيل إلى الخلاص إلا بالحوار، لكن بشرط : – أن يكون حوارا بين الحضارات، يشمل الجميع ويراعي مصلحة البشرية بكل مكوناتها، بما يسمح باستيعاب العالم في تعدديته، والعمل وفق نهج متنوع الأطراف، وتجسيد مفهوم العالمية بمعناه الحقيقي”.
وفي هذا الصدد، أوضح الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أحمد عبادي أن الرسالتين الملكيتين اللتين وجههما أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في الدورة التاسعة للمنتدى العالمي لتحالف الحضارات ( فاس 22 و23 نونبر 2022) والمؤتمر البرلماني للحوار بين الأديان (مراكش 13-15 يونيو 2023) تحملان دلالات في غاية النجاعة والوظيفية، ومن أهمها انخراط المملكة المغربية باعتبارها من الأعضاء المؤسسين لتحالف الحضارات، في جميع المعارك الأممية لبلوغ هدف مشترك يتمثل في الاستجابة لمطلب “العيش المشترك” وتعميق الوعي بجدواه في ظل “قيم الكرامة الإنسانية”.
كما تشمل هذه الدلالات، يضيف السيد عبادي في حديث لوكالة المغربي العربي للأنباء، ثبات المملكة المغربية على الاختيار المتجدد باستمرار، المتمثل في الحفاظ على صورة المغرب كأرض للتسامح والتعايش والانفتاح، وممارسة الدين كآلية لإشاعة السلام، مستحضرا تأكيد جلالة الملك في رسالته السامية للمنتدى العالمي لتحالف الحضارات “فبصفتنا أميرا للمؤمنين كافة، من كل الديانات، فنحن الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية في كل تراب المملكة المغربية”.
وسجل أن أمير المؤمنين ما فتئ يدعو إلى أن يتحقق اقتران القول بالعمل من خلال عدم الاقتصار على الشعارات والنوايا الحسنة والتعبير عن حُسن وزين المقاصد، كما جاء في الرسالة الموجهة إلى المشاركين في مؤتمر مراكش “لابد أن يكون الاقتران بين كسب البرلمانيين باعتبارهم نواب الأمة وممثليها عبر العالم والقادة الدينيين باعتبارهم الناقلين للإلهامات والهدى والرشاد الموجود في أديانهم المختلفة”.
وأبرز أن جلالة الملك يؤكد على ضرورة “حضور الاعتبار الكامل للمناهج والبرامج التربوية باعتبارنا نوعا مستمرا يخلف الجيل منه الأجيال السابقة”، حيث جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المؤتمر البرلماني حول حوار الأديان “لابد من نقل المِشعل الذي ينبغي أن يكون بطريقة منهجية ومُيسرة وقابلة للتملك من طرف مختلف الأجيال التي أصبح انتباهها متزاحما متنافَسا عليه بفعل مواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي”.
وخلص الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء إلى أن كل هذه الدلالات ما هي إلا تأكيد على أن المملكة المغربية، بقيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اعتمدت استراتيجية شمولية ومتعددة الأبعاد، في التأكيد وتوطيد القيم والمبادئ المشتركة المتمثلة في السلام والإنسانية والأخوة والتعاون بين الأديان والأمم، وتعزيز الحوار والتعاون بين مختلف المجتمعات والثقافات والحضارات.
وبقيادة جلالة الملك تبرهن المملكة، مع توالي السنين، على عزمها الراسخ على بذل كل الجهود من أجل التصدي لمشاعر العداء والغلو والتطرف واشاعة السلام، تجسيدا لإيمانها بالقيم الإنسانية في التعايش السلمي بين مختلف الثقافات والعقائد، وخدمة لقضايا العالم العادلة.