تتجه مكونات من المعارضة داخل مجلس النواب نحو خطوة دستورية غير مسبوقة، عبر تنسيق برلماني مشترك للطعن في مشروع القانون رقم 25.26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وذلك من خلال إحالته على المحكمة الدستورية، في تصعيد سياسي ومهني يعكس حجم الجدل الذي أثاره النص داخل الأوساط البرلمانية والإعلامية والحقوقية.
وأفادت مصادر برلمانية مطلعة، يوم الثلاثاء 30 دجنبر 2025، أن كلًا من الفريق الحركي، وفريق التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، شرعوا فعليًا في تنسيق جهودهم القانونية والسياسية من أجل تفعيل مسطرة الطعن الدستوري، في انتظار التحاق الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، من أجل استكمال النصاب القانوني المطلوب، والمحدد في 80 نائبًا برلمانيًا.
وحسب المصادر ذاتها، فإن موقف الفريق الاشتراكي يُرتقب في الساعات القليلة المقبلة، ما سيحسم بشكل نهائي إمكانية إحالة المشروع على المحكمة الدستورية، في خطوة قد تعيد فتح النقاش حول قانون أثار منذ لحظة تقديمه اعتراضات واسعة داخل الجسم الصحافي.
ويأتي هذا التحرك بعد مصادقة مجلس المستشارين، يوم الأربعاء 24 دجنبر 2025، على مشروع القانون 25.26، خلال جلسة تشريعية طبعتها أجواء من التوتر السياسي، وانسحاب جماعي لمكونات المعارضة، احتجاجًا على مضامين النص ورفض الحكومة لجميع التعديلات المقترحة، سواء تلك المرتبطة بالبعد المهني أو بالمقتضيات الدستورية.
وصوّتت الأغلبية الحكومية بالإجماع لصالح المشروع، في مقابل غياب فرق المعارضة عن الجلسة، وهو ما فجّر موجة انتقادات واسعة من طرف برلمانيين وصحافيين، اعتبروا أن المسار التشريعي المعتمد يفتقد لروح التوافق والشرعية الديمقراطية، ويمس بجوهر مبدأ التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة.
وفي السياق ذاته، عبّرت لجنة الصحافيين والصحافيات من أجل إعلام حر ومستقل عن رفضها القاطع لما وصفته بـ“المهزلة التشريعية”، معتبرة أن المصادقة على المشروع تشكل خرقًا صريحًا للدستور، خاصة في ما يتعلق بحرية التعبير واستقلالية المهنة.
وأكدت اللجنة، في بيان صادر بتاريخ 24 دجنبر، أن تمرير المشروع تم دون أي إنصات حقيقي للمهنيين، سواء من خلال النقابات أو الصحافيين المستقلين، مشيرة إلى أن ستة أصوات فقط داخل لجنة برلمانية حسمت في مصير قطاع يضم أزيد من 4500 صحافي وصحافية، دون نقاش معمق أو إشراك فعلي للفاعلين المعنيين.
وأعلنت اللجنة عزمها خوض أشكال نضالية وتصعيدية دفاعًا عن حرية الصحافة واستقلالية تنظيمها، معتبرة أن المعركة لم تعد مهنية فحسب، بل أضحت معركة دستورية وديمقراطية، في انتظار ما ستؤول إليه خطوة المعارضة داخل المحكمة الدستورية خلال الأيام القليلة المقبلة، وما إذا كانت ستفتح فصلًا جديدًا في مسار هذا القانون المثير للجدل.