الفلاحة: مبادرة جلالة الملك للتخفيف من آثار تأخر تساقط الأمطار ستساهم في تعزيز دينامية القطاع الفلاحي (أكاديمي)
تزامن إطلاق استراتيجية المخطط الأخضر بالمغرب، مع تنامي الأزمة العالمية الغذائية لسنة 2008، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنحو 50 % في الشهور الأخيرة لسنة 2007، ونحو % 125 خلال سنة 2008. ليتم تعزيز هذا الورش فيما بعد باستراتيجية “الجيل الأخضر 2020 – 2030″، التي تهدف الى إعطاء الأولوية للعنصر البشري، عبر تقوية الطبقة الوسطى الفلاحية وضمان استقرارها، مع خلق جيل جديد من الشباب المقاول، التي ستستفيد مشاريعهم من قرض انطلاقة بفائدة تقل عن التي ستحدث داخل المجال الحضري.
ولعل تداعيات الأزمة الصحية لكوفيد 19، والتي كان من شأنها ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، عجلت بإدراج الأمن الغذائي ضمن الأولويات الاستراتيجية للمغرب، كما جاء في الخطاب الملكي لافتتاح الدورة البرلمانية خلال سنة 2021. وهو أمر صعب المنال، دون الأخذ بعين الاعتبار الاجهاد المائي (stress hydrique) الناتج عن شح التساقطات المطرية السنوية، اذ أصبحت السعة الاستيعابية للسدود بالمغرب تتجاوز حجم هذه الأخيرة، وهو ما يؤثر سلبا على النشاط الفلاحي، كما هو الشأن لنهر ملوية الذي لم يعد يصب بالبحر الأبيض المتوسط لأول مرة في تاريخه، بل أصبحت مياه البحر تغذي 15 كيلومترا من مصبه، ما أدى الى تدهور الزراعات المحيطة به.
وتبقى المبادرة الملكية بإطلاق البرنامج الطارئ “للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية، والحد من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي، وتقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين”. وسيلة لتأمين بوصلة القطاع الفلاحي من جهة، خصوصا في هذه الظرفية الاقتصادية العالمية المتسمة بالضبابية وعدم الاستقرار. ومن جهة أخرى، لتدارك فشل السياسات المائية، لاسيما أنها كانت موضوع حكامة بين مجموعة من القطاعات الوزارية، التي اعتمدت في معالجتها لهذه المعضلة على الاستثمار المادي، نذكر منها دعم أساليب الري، وانشاء محطات تحلية مياه البحر، ووضع تعريفة الحصص لاحتساب الفواتير…
ولعل المخطط الوطني للماء لسنة 2030، يكرس هذه المقاربة التقنية، ويغفل سبل تجنيد الرأسمال البشري، للتعاطي مع تحدي القرن ضمن مقاربة تشاركية ترتكز على التوعية والتحسيس، قصد تقليص تفاقم الهوة بين العرض والطلب، خصوصا أن المغرب تم تصنيفه ضمن الثلاثين بلدا الأكثر تهديدا بندرة الماء في العالم، حسب تصنيف معهد وورد رسورس (World Ressource Institute).