قلم : يونس التايب
في مواقف كثيرة، تستوقفني كمية العنف اللفظي والقسوة في المواقف التي تميز ردود أفعالنا عندما يقع شخص في زلل أو خطأ، يعتقد الناس أنه يستحق الانتقاد. و يكون الأمر أكثر حدة عندما يكون صاحب “الزلل” شخصية عمومية، من عالم السياسة أو الفن أو الرياضة أو الأعمال، حيث نرى الناس يسارعون بالصعود إلى “منابر الوعظ الاجتماعي”، و يتحول الجميع إلى رسل منزهين عن الخطأ، و يبدأ الهجوم اللفظي الحاد على من أخطأ … و “هاك بلاك… ما كاين غير التشيار بالهضرة… و كلشي تايولي مثالي و منزه و عارف بالأخلاق الحميدة، غير هذاك مسكين اللي جات فيه النوبة!”.
هذا الأسبوع، صادفت حملات استنكار شرسة و انتقادا لفظيا عنيفا، و سخرية بئيسة، انخرط فيها عدد من مواطنينا ضد ملاكم مغربي شاب، اسمه يونس باعلا، اتهم بأنه “شوهنا” بعد أن “عض” أذن منافسه في مباراة ملاكمة خلال أولمبياد طوكيو، فقامت الدنيا حوله و لم تقعد. و صراحة، لم أرغب في التطرق إلى الموضوع لولا أنني تفاجئت أن بعض الأقلام الصحفية المحترمة، و بعض المؤثرين الجادين، انخرطوا هم أيضا، مع كامل الأسف، في “الحملة” بشكل غير عقلاني و غير مبرر، و ساهموا في تأجيج “حفلة الرجم” على مواقع التواصل الاجتماعي، و كأن ملاكمنا الشاب قد أذنب ذنبا لا يغتفر، أو أنه أتى بما لم يأت به أحد قبله من الرياضيين، أو من البشر عامة.
الحقيقة هي على غير ذلك، و حري بنا أن ننزل من أبراجنا العاجية و نستحضر أن الخطأ و الانفعال وارد في الرياضة و في غيرها، و أن التعاطي البناء مع “المخطئين” له قواعد و ضوابط، ليس من بينها القسوة و السخرية و العنف اللفظي الذي قد يؤدي إلى نسف أحلام و طموحات مشروعة، خاصة لفئة الشباب.
ما حدث للملاكم المغربي هو تصرف انفعالي مفاجئ، يمكن أن يقع أثناء منافسات رياضية أو خارجها، بسبب ضغط عصبي أو نفسي يصل إلى درجة حادة تدفع صاحبها إلى أن يبتعد عن سلوكه العادي، و يتصرف بشكل عنيف في لحظة انفلات غرائزي. و قد يكون لذلك سبب وقع خارج السياق التنافسي، أو سبب يجري أثناء زمن التنافس، دون أن ينتبه له أحد سوى المعنيون على أرض حلبة التباري.
الحقيقة هي على غير ذلك، و حري بنا أن ننزل من أبراجنا العاجية و نستحضر أن الخطأ و الانفعال وارد في الرياضة و في غيرها، و أن التعاطي البناء مع “المخطئين” له قواعد و ضوابط، ليس من بينها القسوة و السخرية و العنف اللفظي الذي قد يؤدي إلى نسف أحلام و طموحات مشروعة، خاصة لفئة الشباب.
ما حدث للملاكم المغربي هو تصرف انفعالي مفاجئ، يمكن أن يقع أثناء منافسات رياضية أو خارجها، بسبب ضغط عصبي أو نفسي يصل إلى درجة حادة تدفع صاحبها إلى أن يبتعد عن سلوكه العادي، و يتصرف بشكل عنيف في لحظة انفلات غرائزي. و قد يكون لذلك سبب وقع خارج السياق التنافسي، أو سبب يجري أثناء زمن التنافس، دون أن ينتبه له أحد سوى المعنيون على أرض حلبة التباري.
أما الجمهور فعليه أن يكون واعيا أن ما يستحق أن يوصف ب “شوهة رياضية”، ليس بالضرورة هو سلوك ملاكم أو عداء أو رياضي، كان مستواه التقني ضعيفا أو أخطأ هنا أو هناك، بل ربما لفظ “الشوهة” الرياضية لائق بأمور و حالات أخرى لا يراها الجمهور على شاشة التلفزة، فلا يوجه انتقاده نحو أصحابها كما ينتقد و يغضب من ملاكم انفعل و “عض” منافسه على الهواء مباشرة، أو عداء سقط أرضا عند حاجز معين.
بشكل عام، يحتاج منا شباب الوطن، أن نستمع إليهم جيدا، و أن نواكبهم باحترام و إنسانية و مودة، و أن نحل معهم عوائق كثيرة تمنعهم من الانطلاق. لذا، كفى من القسوة أيها “المتفرجون” و “المعلقون” و “المتتبعون”، فالحياة لا تحتمل كل هذه الطاقة السلبية التي نتقن إنتاجها لندمر طموحات بعضنا البعض، و نؤذي كثيرا من الشباب الذين لا ذنب لهم سوى أنهم سقطوا مرة أو مرتين، و عوض أن نكون إلى جانبهم و نمد أيدينا إليهم، كي نعينهم على التصحيح و التصويب، نقيم على شرفهم “حفلة الرجم” عند أول كبوة، و ندفنهم رمزيا حتى تموت معنوياتهم و يزول لديهم أي أمل في النهوض مجددا..
أتمنى بصدق، أن يسترجع الملاكم المغربي يونس باعلا، هدوءه و ثقته في نفسه، و أن يعود للتمارين لتطوير مستواه بشكل أكبر، كي يكمل مسيرته الرياضية لأنه يستحق ذلك، ولأن من هم وارءه من أصدقائه و من عائلته، ربما، يعيشون معه من أثر مجهوده و عائدات نجاحاته. فلندعمه، هو و كل الرياضيين و كل الشباب المغربي، حتى يكرروا المحاولات إلى أن يتحقق لهم النجاح الذي يحلمون به. و لنهتم بالتماس الرحمة و العفو لنا و لغيرنا، و ليكرس كل منا طاقته لإصلاح زلاته و أخطائه، فلنا من السلوكات غير اللائقة ما يكفي لننشغل في تصحيح ذواتنا و تقويم اعوجاجاتنا، و نكف عن .رجم الآخرين بقسوة المتعالي.