انتقلت الاستثمارات الصينية في قطاع صناعة السيارات بالمغرب إلى السرعة القصوى لتبلغ 9.5 ملايير دولار خلال هذه السنة. هذا الرقم الضخم يُظهر الاهتمام البالغ الذي توليه الصين لهذا القطاع رغم المسافة الجغرافية البعيدة بين البلدين.
وتسهم العديد من العوامل في هذه الزيادة الكبيرة بالاستثمارات الصينية. وتشمل تطور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ورغبة شركات صينية في العثور على أسواق بديلة لتفادي القيود الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الصين إلى تعزيز حضورها في القارة الإفريقية، وهذا يعكس الدور المتزايد للصين كقوة اقتصادية عالمية.
ومن المتوقع أن تحمل هذه الاستثمارات التي تستهدف صناعة السيارات تحسيناً كبيراً في الاقتصاد االوطني. إذ كانت الاستثمارات الصينية في هذا القطاع محدودة جدًا في السنوات السابقة، ولكنها تأتي الآن لتحتل المرتبة التاسعة بين أكبر المستثمرين الأجانب في المملكة، بينما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى.
ويتمتع المغرب بمنظومة متقدمة لصناعة السيارات تديرها شركتي “رونو” و”ستيلانتيس”، والتي تمتلك قدرة إنتاجية سنوية تصل إلى حوالي 700 ألف سيارة، ومن المخطط زيادتها إلى مليون سيارة بحلول 2030. جدير بالذكر أن صادرات هذا القطاع بلغت 11 مليار دولار خلال السنة الماضية، ومن المتوقع أن تصل إلى حوالي 14 مليار دولار هذه السنة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون انضمام المغرب إلى مبادرة “الحزام والطريق” الصينية عاملًا آخر في زيادة الاستثمارات الصينية في البلاد. ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين البلدين تسهم في تطور هذه الاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما.
وعلى صعيد آخر، تتركز هذه الاستثمارات الصينية في المغرب على صناعة بطاريات السيارات الكهربائية. وتعتبر المملكة مكانًا مثاليًا لهذا النوع من الاستثمار نظرًا لتوافر المواد الخام الضرورية لإنتاج البطاريات، مثل الكوبالت والفوسفات.
أكبر استثمار صيني في هذا المجال تم الإعلان عنه من قبل مجموعة “غوشن هاي تك”، والتي ستقوم بإنشاء منظومة صناعية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة بتكلفة تقدر بحوالي 6.3 مليار دولار.
وتعتزم أيضًا مُصنّعة مكونات البطاريات الصينية “سي إن جي أر أدفانسد ماتريال” بناء وحدة صناعية في المغرب بتكلفة 1.2 مليار دولار، بينما تخطط مجموعة “بي تي آر نيو ماتيريال” الصينية لاستثمار 1.2 مليار دولار أخرى في وحدة إنتاج، مما يجمع إجمالي هذه الاستثمارات عند 9.5 مليار دولار.
المغرب يتمتع بموقع جغرافي مثالي كونه يملك 54 اتفاقية تجارة حرة تسمح لمنتجاته بالوصول إلى أسواق تضم أكثر من مليار نسمة. هذا العامل يعزز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد، بما في ذلك الاستثمارات الصينية. وتُعد اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية من أهم هذه الاتفاقيات، حيث تساهم في جذب المنتجين الصينيين الذين يرغبون في التصدير إلى الولايات المتحدة وأوروبا.
يجسد قطاع صناعة السيارات في المغرب قصة نجاح ملهمة. وبفضل نمو هذا القطاع بمعدل 10% سنويًا ومنظومة متكاملة تضم أكثر من 260 مصنعًا، أصبحت السيارات القطاع الصناعي الرائد في المغرب. وتعكس هذه الزيادة في الاستثمارات الصينية التزام المغرب بجذب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم وتوفير بيئة استثمارية ملائمة.