علمت مصادر محلية، من مصادر مهنية متطابقة، أن المنعشين السياحيين على مستوى منطقة الجنوب الشرقي، وخصوصا إقليم الرشيدية، يشعرون بـ”غضب شديد”، بعد إيقاف الخط المباشر الذي بدأ منذ أواخر أكتوبر بربط المطار الدولي باريس-أورلي بمطار مولاي علي الشريف بمدينة الرشيدية، مبرزين أن “الخط كان تمكينا لفائدة المنطقة من أجل تأهيل أكثر لعرضها السياحي، الذي يشمل الصحراء والواحات ويضمن مختلف أنواع السياحة”.
وعوّل المهنيون في مناطق “أسامر” على الخط الذي يدعمه المكتب الوطني المغربي للسياحة منذ انطلاقه؛ رابطين أهميته بـ”إتاحته الربط مع أوروبا من خلال منفذ العاصمة الفرنسية، وتقريب السائح الفرنسي والإسباني، بوصفهما “الثنائي الأكبر” الذي يستهلك المنتوج السياحي الصحراوي، من المنطقة”، مسجلين في الوقت ذاته أن “التوقيف لم يكن نبأ سارا، بعد الدينامية والتسويق الكبير “.
سفيان بشر، المهني والكاتب العام للمجلس الإقليمي للسياحة بالرشيدية، قال إن “توقف الخط في عز ذروة السياحة بالمنطقة (فبراير ومارس وأبريل) خلق ارتباكا حقيقيا بالنسبة للفاعلين في الشأن السياحي بشكل عام، الذين كانوا أساسا يعولون على هذا الخط المباشر لنقل السياح الفرنسيين أو الأوروبيين نحو مناطق الجنوب الشرقي بشكل مباشر يربط جوا بين القارتين”.
وأضاف المصدر ذاته أن ” فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، اجتمعت معنا كمنعشين سياحيين بجهة درعة تافيلالت، في إطار جولتها الجهوية لعرض ورقة الطريق 2023-2026 المتعلقة بالقطاع السياحي السنة الماضية”، مسجلا أن المهنيين حينها تلقوا وعودا بخصوص استفادة الرشيدية من التصور الجديد للنقل الجوي، من خلال ربطها بمطارات وطنية وخارجية”.
وتابع شارحا: “استفادت فعلا كل من الرشيدية وورزازات، ولاحظنا أنه منذ انطلاق الخط أواخر السنة الماضية، حدثت هناك طفرة حقيقية على مستوى استقطاب السياح بالجهة الوافدين من فرنسا وأيضا الجالية”، مؤكدا أن “المراقبة التلقائية بينت أن هذه الطائرة التي تنفذها شركة هولندية بمعدل رحلة في الأسبوع لم تنزل عن 65 في المائة من نسبة ملء المقاعد منذ انطلاقها”، وزاد: “كانت ذات مردودية وكان خطا ناجحا؛ لكنه توقف فجأة”.
ورفض المهني ذاته، الذي هو رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة تافيلالت، عودة ما أسماه بـ”التبعية للمدن الكبرى مثل مراكش، بحيث لا بد أن يستطيع السياح الذين غرضهم الأساسي هو زيارة صحراء مرزوكة ومناطق الجنوب الشرقي أن يتمكنوا من هذه الخطوة بشكل تلقائي”، لافتا إلى أن “السياح الذين لديهم حجوزات في المنطقة هم الذين نبهوا إلى توقف الخط الجوي حين لم يستطيعوا المجيء مباشرة”.
وفي رد للمكتب الوطني المغربي للسياحة، المتوفر ضمن مراسلة موجهة إلى الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة تافيلالت، قال عادل الفقير، المدير العام للمكتب، إن هناك تفهما تاما بخصوص أهمية هذا الخط الجوي ودوره في تطوير العرض السياحي بمناطق الرشيدية”، مؤكدا التزام الـONMT بـ”تطوير ربط هذه الوجهة، التي تتمتع بمؤهلات جد مهمة، وكبيرة جوا”.
ولفت الفقير، في المراسلة التي حصلت عليها هسبريس، إلى أن هذه الرحلة التي تربط باريس والرشيدية تم التوافق مع الشركة بشأنها “لموسم الشتاء 2023-2024 فقط”، مضيفا أن “وقف الخط لا يعني بأي شكل من الأشكال الرغبة في إنهاء هذا المسار الجوي بشكل دائم”، وزاد: “على العكس من ذلك، يعمل ONMT مع الشركة لإعادة جدولة هذه الرحلة لموسم الشتاء 2024-2025”.
وتابع شارحا: “لقد شرع المكتب الوطني المغربي للسياحة بإجراءات ترويجية جديدة، على غرار حملات تواصلية وتظاهرات وشراكات مع “مؤثرين” وعمليات مع المهنيين في الشأن السياحي قصد تعزيز جاذبية وجهة الرشيدية؛ مما يدل على التزامنا بالحفاظ على هذا الارتباط الجوي”، بين أوروبا والرشيدية”.
وختم قائلا: “نواصل جهودنا من أجل أن تكون للمنطقة خطوط جوية أخرى تتماشى مع المؤهلات المهمة التي تزخر بها”.
عبد المجيد لعباب، المدير الإقليمي للسياحة بميدلت والرشيدية، زكى ما قدمه المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، معتبرا أن “الشراكة مبنية على دراسة وعلى مخطط وبرنامج، والبرمجة طبعا ستبقى مستمرة، بعد تأكد جميع الفاعلين أن النقل الجوي المباشر خلق دينامية داخليا كما خلق رواجا بالجهة”.
وزاد المدير الإقليمي للسياحة بميدلت والرشيدية : “الجهات الرسمية تواصل بالعكس تقريب وجهة الرشيدية من أسواق جديدة غير التقليدية من خلال البحث عن أخرى واعدة”.
ورفض لعباب ربط التوقيف المؤقت للخط بمحاولة منح الحظوة لوجهات وطنية أخرى، من قبيل مراكش، معتبرا أن “البرمجة لا تتم عشوائيا، وتتم بالتشاور مع الفاعلين. لذلك، هي ليست قرارات تأتي من الأعلى نحو الأسفل”.
وأضاف المتحدث ذاته: “نحن نتحدث عن جهود مشتركة، وعن أموال عمومية وعلينا أيضا أن نراعي التزام الشركة وبرنامجها الخاص. لذلك، يظل الربط الجوي ورشا مفتوحا في إطار استراتيجية القطاع السياحي”.
تجدر الإشارة إلى أن انتعاشة “السوق الجوية الوطنية” داخليا، بعد ربط مجموعة من المدن ببعضها بتكلفة منخفضة، جعلت هذا الشق محط أنظار العديد من شركات الطيران. كما دخلت شركة الخطوط الوطنية الجوية المغربية على الخط، بإطلاق رحلة جوية جديدة بين الرباط والرشيدية؛ لكن الفاعلين في المجال السياحي بجنوب شرق المغرب يأملون رحلات مباشرة من عواصم مختلفة تجعل الحالمين بزيارة مرزوكة “أقرب إلى معانقة الرمال”.