أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، اليوم الاثنين بالصخيرات، أن السياسة الجنائية للمملكة المغربية تولي أهمية بالغة لقضايا الطفولة وتجعلها ضمن أولوياتها الاستراتيجية تكريسا للبعد الحمائي للأطفال بغض النظر عن وضعياتهم.
وأوضح الداكي، خلال الجلسة الافتتاحية للمناظرة الوطنية حول “حماية الأطفال في تماس مع القانون”، أن رئاسة النيابة العامة لم تدخر جهدا، منذ تأسيسها في أكتوبر 2017 كسلطة مستقلة وباعتبارها الجهة القائمة على تنفيذ مضامين السياسة الجنائية الوطنية، في حماية الطفولة من كل المخاطر التي تتهددها، مبرزا أنها جعلت في مقدمة أهدافها تحقيق الحماية القانونية اللازمة للأطفال في سعي دائم لتكريس مفهوم العدالة الصديقة.
وأضاف أن رئاسة النيابة العامة بادرت ،في هذا الإطار، إلى اتخاذ عدة إجراءات على مستوى البناء المؤسساتي وعلى مستوى تنفيذ السياسة الجنائية الخاصة بحماية حقوق الطفل، من أجل ضمان التفعيل السليم للمقتضيات القانونية الحمائية الواردة في التشريع الوطني، وتكريس المعايير الدولية المتعارف عليها في هذا الشأن ، مشيرا إلى أنها خصصت ضمن هياكلها التدبيرية قطبا يختص بتتبع قضايا الأسرة وقضايا الطفولة، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز الولوج للحماية القضائية وفق المعايير النموذجية والرصد وتجميع الإحصائيات والمعطيات ذات الصلة.
وأفاد بأن خلايا التكفل بالأطفال والنساء بمختلف النيابات العامة بمحاكم المملكة، التي تشرف عليها رئاسة النيابة العامة، تعتبر آلية فعالة لتيسير ولوج الأطفال إلى العدالة، وتعكس رقيا في تعاطي المؤسسة القضائية مع هذه الفئة، مشيرا إلى أن أعضاء النيابات العامة يسهرون، إلى جانب باقي مكونات هذه الخلايا، على استقبال الأطفال الوافدين عليها، في حرص شديد على تقديم ما تتطلبه أوضاعهم من دعم ومساعدة ومرافقة ، وذلك في استحضار كامل للبعد الاجتماعي والإنساني.
وأكد أن النيابة العامة تعمل على تفعيل دورها التنسيقي مع مختلف المتدخلين من قطاعات حكومية وغير حكومية، عبر اللجن المحلية والجهوية للتكفل بالنساء والأطفال، بما يضمن تكفلا فعالا وناجعا يتلاءم وخصوصية وضعية الطفل في تماس مع القانون واحتياجاته، مبرزا أن رئاسة النيابة العامة، ومن أجل تحقيق أكبر قدر من النجاعة في تطبيق القوانين ذات الصلة بحقوق الأطفال، بادرت إلى توجيه العديد من الدوريات إلى النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة تحث فيها على تعزيز الحماية القانونية للأطفال من كل أنواع العنف والاستغلال وإساءة المعاملة.
وتابع أن رئاسة النيابة العامة، وعيا منها بأهمية الالتقائية بين تدخلات الفاعلين في مجال حماية الطفولة وضرورة تظافر جهود الجميع لتحقيق حماية ناجعة وفعالة للأطفال، تعتمد نهج الانفتاح على مختلف الأوراش الوطنية الداعمة لحقوق الأطفال، مسجلا في هذا الصدد انخراط رئاسة النيابة العامة في عدة مبادرات منها الحملة الإفريقية من “أجل مدن بدون أطفال في وضعية الشارع” التي تم الإعلان عنها بمدينة مراكش في 24 نونبر 2018. والتي من خلالها تعبأ مختلف الفاعلين لانتشال الأطفال من الشارع، فضلا عن الانخراط في”الخطة الوطنية لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول” منذ 04 دجنبر 2019، بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.
وفي معرض استحضاره للعناية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للحفاظ على حقوق الأطفال، ذكر الداكي بالرسالة السامية التي وجهها جلالته للمشاركين في أشغال الدورة الخامسة للمؤتمر الإسلامي للوزراء المكلفين بالطفولة، الذي انعقد في 21 فبراير 2018 بالرباط.
وسجل أن المغرب، تنفيذا لالتزاماته الوطنية والدولية، حرص على تعزيز الحماية التشريعية للأطفال مرورا بعدة محطات تاريخية، إذ انخرط في تفعيل مقتضيات خطة العمل الدولية “عالم جدير بأطفاله”، من خلال خطة العمل الوطنية للطفولة (2006-2015)، التي مكنت من تحقيق مجموعة من المكتسبات المهمة على مستوى ملاءمة التشريعات الوطنية والنهوض بحقوق الطفل الأساسية.
وأضاف أن المغرب عمل أيضا على وضع السياسة العمومية المندمجة للطفولة بالمغرب 2015-2025 التي تعتبر بمثابة ميثاق وطني انخرط فيه الجميع، من أجل إدراج بعد حماية الطفولة في مختلف السياسات والبرامج العمومية مركزيا ومحليا ولرفع تحدي إعمال المبادئ والحقوق المضمنة في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والتحديات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة في أفق سنة 2030.
ويتضمن برنامج هذه التظاهرة، التي تنظمها على مدى ثلاثة أيام رئاسة النيابة العامة بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة -اليونيسيف- وبدعم من الاتحاد الأوروبي، جلسات عامة تخصص لتدارس الوضعيات المختلفة للأطفال ، فضلا عن ورشات موضوعاتية متوازية تتناول محاور أساسية منها “نجاعة أداء خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم بشأن الأطفال في تماس مع القانون (المكتسبات والإكراهات)” و”نجاعة آليات الحماية: مراكز حماية الطفولة ونظام الحرية المحروسة، آفاق التأهيل”، و”آليات التنسيق لحماية الأطفال في تماس مع القانون: اللجن المحلية والجهوية بالمحاكم / والأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة وإكراهات تحديد الأدوار”.
كما تقارب الورشات مواضيع “متطلبات احترام التخصص كضرورة حتمية لمعالجة قضايا الأطفال في تماس مع القانون” و”العمل الاجتماعي رافعة لتطوير حماية الأطفال في تماس مع القانون – الواقع والإكراهات”، وكذا “المواكبة والرعاية اللاحقة لضمان إدماج حقيقي للأطفال في تماس مع القانون، الواقع والآفاق”.