قال الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، تعليقا على قرار مجلس المنافسة، القاضي بالتوصل لصلح مع 9 شركات للمحروقات، تدفع بموجبها هذه الشركات غرامة بقيمة 1.84 مليار درهم (نحو 180 مليار سنتيم) تسوية لقضايا نزاع بشأن ممارسات منافية لقواعد المنافسة في الأسواق، إنه “انتصار أولي بالنسبة لنا نيابة عن كل المغاربة والمكتوين بنار المحروقات، ورغم كل الضغوطات والإرهاق و”الإرهاب”، الذي كنا نتعرض له في هذا الملف”.
واعتبر اليماني، أنه “لكي يتم التوصل إلى نتيجة تقر بها الشركات بالتواطؤ والتوافق حول الأسعار، وتقبل بالمسطرة التصالحية… فهذا في حد ذاته انتصار كبير لجميع المغاربة ينبغي تسجليه، ويرجع الفضل في ذلك إلى نقابة النقل الطرقي المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي كانت لها الجرأة والفضل، في وضع شكاية لدى مجلس المنافسة، وتمسكت بها، وما يهمنا في هذا السياق، هو المستقبل…”
بالنسبة للقيادي النقابي، فإن بلاغ مجلس المنافسة “حابل بمجموعة من التعابير الإنشائية، التي تمنى أن يتم تنزيلها على أرض الواقع…”.
وشدد المتحدث في حديث مطول مع “اليوم 24″، على أن “التنافس في السوق المغربية لا يمكن أن يتحقق إلا بالتكامل ما بين التكرير المحلي والاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى مجموعة من البنيات الموروثة تاريخيا التي يجب إعادة النظر في إمكانية الاستفادة منها من جميع الفاعلين في هذا القطاع…”.
وحول مدى تناسب التغريم المالي لمجلس المنافسة ضد الشركات مع حجم الأرباح الفاحشة التي قيل إن الشركات راكمتها طيلة السنوات التي تلت تحرير أسعار المحروقات، أوضح اليماني، أنه بنهاية سنة 2023 سيتم استكمال 60 مليار درهم من الأرباح، وبالتالي مقارنتها مع 1.8 مليار درهم قيمة هذه الغرامة فهي لا تمثل إلا النزر القليل، لكن بالنسبة للمصدر ذاته، فما ينبغي معرفته في هذا السياق، هو أن” القانون لا يتحدث عن استرجاع الأرباح الفاحشة، بل يتحدث عن التغريم بنسبة مئوية على حسب رقم المعاملات، ولكن نحن نقرأ المعطيات يضيف اليماني، وفقا لمسار يصل إلى 8 أو 9 سنوات، لهذه الممارسات المنافية لشركات المحروقات التي تقررت في مجلس المنافسة، لذلك فالبنسبة لغرامة المجلس نعتبرها هزيلة مقارنة مع حجم الأرباح التي راكمتها الشركات المعنية بفعل التفاهم بينها والذي أقره مجلس المنافسة”.
حسب النقابي ذاته، فقطاع المحروقات “لا يمكن دعمه بالرفع من عدد محطات البنزين بالبلاد، بل بالرفع من المخزون الحقيقي والاحتياطي للنفط، وليس الاكتفاء بالصهاريج الفارغة الموجودة على الأراضي الوطنية”. علاوة على أن القيمة المضافة التي نستوردها من الخارج ينبغي أن نستثمرها داخل المغرب، وهو ما يؤكد عليه الملك محمد السادس، حين دعا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الاستراتيجية، وخصوصا بعد أزمة كورونا.
وأوضح اليماني، أن “مجلس المنافسة بمثابة المحكمة الابتدائية أو محكمة للتقاضي من الدرجة الأولى، إذا لم يكن هناك طرف مشتكي فلا حاجة لفتح الملف…”
وكشف النقابي ذاته، أن سبب فتح الملف داخل مجلس المنافسة، في شأن خروقات شركات المحروقات، “ليس إحالة ذاتية، بل هو ملف تنازعي، يرجع فيه الفضل إلى النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي تقدمت في نونبر 2016 بشكاية لمجلس المنافسة، حين كان يترأسه عبد العالي بنعمور. وبناء على هذه الشكاية، فإن القانون يلزم مجلس المنافسة بالجواب عنها، وبالتالي قراره اليوم يعتبر بحسب اليماني، بتا في الشكاية المقدمة من نقابة CDT، واستغرب المتحدث ذاته، كون مجلس رحو لم يشر إلى الطرف المشتكي في الموضوع، وكل السجالات السياسية والجدل حول ممارسات شركات المحروقات، وقعت بناء على شكاية النقابة المذكورة، ولو سحبت الشكاية ما كان مجلس المنافسة ليبت فيها، لأن الطرف المشتكي انسحب”.
ونبه اليماني في هذا الإطار، إلى أن العديد من الأطراف التي كانت تقدمت بالشكايات في وقت من الأوقات تراجعت عنها، منها نقابات وتجمعات مهنية في مقدمتها الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب، التي تراجعت عن شكايتها يكشف اليماني.
وبحسب بيان مجلس المنافسة، فقد تعهدت الشركات المعنية ومنظماتها المهنية بالعمل على تحسين تصرفاتها لضمان سير تنافسي في سوق المحروقات، والوقاية من مخاطر المساس بالمنافسة لفائدة المستهلك.
وقال المجلس، إنه سيسهر على تتبع تنفيذ هذه التعهدات للشركات الـ9، التي تعمل في قطاعات تموين وتخزين وتوزيع “الغاز” و”البنزين”.
وبخصوص العلاقة بين أسعار البيع محليا والأسعار الدولية لمنتجات الوقود، نصت التعهدات على إعداد وإرسال وضعية مفصلة، تتيح تتبع نشاط كل شركة على حدة، بجانب مد المجلس كل 3 أشهر بمعلومات تتعلق بالمشتريات والمبيعات الشهرية للمحطات المنجزة من قبل كل شركة على حدة، بالإضافة إلى مستويات مخزونها من الوقود.