بقلم د. مبارك أجروض
غالباً ما يتم الخلط بين المصطلحين عند الحديث عن التهاب الدماغ والتهاب السحايا، لكن الأسماء نفسها تحمل الاختلاف، ففي حالة التهاب الدماغ يتأثر الدماغ بأكمله، وفي حالة التهاب السحايا يقتصر الضرر على الطبقة الخارجية، التي تغلف الدماغ، وعلى أي حال تعد سرعة التصرف وطلب المساعدة الطبية أمراً حاسماً في إنقاذ المريض.
وعلى كل فالتهاب الدِماغ Encéphalite هو حالة مرضية ينتج عنها تهيج وتورّم الخلايا والأنسجة الدماغية، ممّا يتسبب بحدوث التهاب الدماغ، والسبب الأكثر شيوعًا هو الالتهابات الفيروسية. وفي حالات نادرة، يمكن أن يكون سببها البكتيريا أو حتى الفطريات. وهناك نوعان رئيسيان من التهاب الدماغ التهاب الدماغ الأولي عندما يصيب الفيروس الدماغ والحبل الشوكي مباشرة والتهاب الدماغ الثانوي عندما تبدأ العدوى في مكان آخر من الجسم ثم تنتقل إلى الدماغ.
والتهاب الدماغ هو مرض نادر ولكنه خطير يمكن أن يهدد الحياة. يجب عليك الاتصال بطبيبك على الفور إذا كنت تعاني من أعراض التهاب الدماغ. ويمكن أن تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة، وتشمل الأعراض الخفيفة الحمى، الصداع، التقيؤ، تصلب الرقبة والخمول. وتشمل الأعراض الشديدة الحمى 103 درجات فهرنهايت (39.4 درجة مائوية) أو أعلى، الهياج، النعاس، الهلوسة، حركات أبطأ، الغيبوبة، النوبات، حساسية للضوء وفقدان الوعي. وتظهر على الرضع والأطفال الصغار أعراض مختلفة. اتصل بالطبيب على الفور إذا كان طفلك يعاني من التقيؤ، fontanelle bombée، بكاء مستمر، تصلب الجسم وضعف الشهية.
* أسباب التهاب الدماغ
في أغلب الأحوال لا يكون السبب الدقيق للإصابة بالتهاب الدماغ معروفًا، إلا أن السبب التشخيصي الأكثر شيوعًا يتمثل في العدوى الفيروسية. كذلك قد تتسبب العدوى البكتيرية وحالات الالتهاب غير المعدية في الإصابة بالتهاب الدماغ، وتشمل الأسباب الشائعة لالتهاب الدماغ ما يلي:
ـ فيروس الهربس البسيط Virus Herpès simplex
يوجد نوعان من فيروس الهربس البسيط virus Herpès simplex (VHS). وأي نوع قد يسبب الإصابة بالتهاب الدماغ. وعادة ما يكون النوع الأول من فيروس الهربس البسيط (VHS-1) مسؤولاً عن الإصابة بالقروح الباردة أو بثور الحمى التي تظهر حول الفم. أما النوع الثاني من فيروس الهربس البسيط virus Herpès simplex (VHS-2)، فغالبًا ما يسبب الهربس التناسلي. ونادرًا ما يحدث التهاب الدماغ بسبب النوع الأول من فيروس الهربس البسيط، ولكن يُحتمل أن يتسبب في تلف كبير في الدماغ أو الوفاة. وتشمل فيروسات الهربس الأخرى التي قد تسبب التهاب الدماغ virus d’epstein-barr، والذي غالبًا ما يسبب ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء المعدية، وvirus varicelle-zona، والذي غالبًا ما يسبب la varicelle et le zona.
ـ الفيروسات المعوية Entérovirus
تشمل هذه الفيروسات virus de la polio وcoxsackievirus، والتي عادة ما تسبب الإصابة بأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا والتهاب العين وألم البطن.
ـ الفيروسات المنقولة بالبعوض Virus transmis par les moustiques
تنتقل الفيروسات المنقولة بالمفصليات arthropodes – أو عن طريق المفصليات – عن طريق البعوض أو غيره من الحشرات الماصة للدم. وقد تسبب الفيروسات المنقولة بالبعوض العدوى بencéphalite à l’indigo occidental وencéphalite de crosse وencéphalite de Saint-Louis و encéphalite équine occidentale وviruséquin de l’Est. وينقل البعوض الفيروسات من الكائنات المضيفة غير البشرية – مثل الطيور أو سنجاب الصيدناني أو الخيل – إلى البشر. وقد تظهر أعراض العدوى في غضون عدة أيام أو أسبوعين بعد التعرض للفيروسات المنقولة بالمفصليات.
ـ الفيروسات المنقولة بالقراد Virus transmis par les tiques
يعتبر virus du poison أحد الفيروسات المعروفة التي تنتقل بالقراد والتي تسبب التهاب الدماغ في كل من الولايات المتحدة وكندا. وعادة ما تظهر الأعراض بعد أسبوع تقريبًا من التعرض للفيروس.
ـ فيروس داء الكلب Virus de la rage
تسبب العدوى بفيروس داء الكلب، والذي عادة ما ينتقل عن طريق عضة حيوان مصاب، تقدمًا سريعًا لالتهاب الدماغ بمجرد بدء ظهور الأعراض، وتندر الإصابة بالتهاب الدماغ بسبب داء الكلب في الولايات المتحدة.
* مضاعفات التهاب الدماغ
تعتمد المضاعفات الناتجة عن التهابات الدماغ على عدة عوامل، منها العمر وسبب العدوى وحدّة المرض الأوّلي والوقت من بداية المرض وحتى العلاج. وفي أغلب الحالات، يتعافى المصابون بأمراض خفيفة نسبيًا في غضون عدة أسابيع دون التعرض لمضاعفات طويلة المدى. لكن قد تؤدي إصابة الدماغ الناتجة عن الالتهاب إلى عدد من المشاكل الصحية. وقد تؤدي أكثر الحالات حدة إلى الإصابة بالغيبوبة أو الوفاة، وقد تبقى المضاعفات الأخرى – التي تتفاوت تفاوتًا كبيرًا في حدتها – لشهور أو للأبد، وتشمل إعياء مستمرا، ضعف أو عدم تآزر العضلات، تقلبات في الشخصية، مشاكل الذاكرة، الشلل، عيوب السمع أو البصر والعجز عن الكلام.
* الأشخاص الأكثر عرضة لالتهاب الدماغ
قد يصاب أي شخص بالتهاب الدماغ، وتتضمن العوامل التي قد تزيد من خطر الحالة المصابة ما يلي:
ـ يزداد خطر تعرّض الأطفال الصغار والبالغين المتقدمين في السن للإصابة بأغلب أنواع التهاب الدماغ الفيروسي. وتميل التهابات الدماغ الناتجة عن فيروس هربس البسيط إلى الشيوع أكثر بين الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 20 إلى 40 عامًا.
ـ يتعرض المصابون بفيروس نقص المناعة البشري/السيدا أو من يتناولون عقاقير لكبت المناعة أو المصابون بحالات أخرى تتسبب في خلل الجهاز المناعي أو ضعفه إلى خطر أكبر للإصابة بالتهاب الدماغ.
ـ تنتشر الفيروسات المنقولة بالبعوض أو المنقولة بالقراد في أقاليم جغرافية معينة، وتميل الأمراض المنقولة بالبعوض والمنقولة بالقراد إلى الانتشار أكثر في فصول الربيع والصيف وبداية الخريف. ومع ذلك، قد يوجد البعوض والقراد على مدار العام في الأماكن الحارة.
* اختبارات تشخيصية لالتهاب الدماغ
ـ Imagerie par résonance magnétique du cerveau (IRM)، وtomodensitométrie.
ـ Ponction lombaire pour extraire le liquide céphalo-rachidien (CSF)، وقد تشير التغيرات في هذا السائل إلى وجود عدوى أو التهاب في الدماغ.
ـ يمكن اختبار عينات من الدم أو البول أو المفرزات من الجزء الخلفي للحلق للبحث عن فيروسات أو عوامل عدوى أخرى.
ـ خزعة الدماغ لإزالة عينة صغيرة من أنسجة الدماغ (خزعة الدماغ) إذا كانت الأعراض تتفاقم ولا يوجد تأثير للعلاجات.
* علاج التهاب الدماغ
يتكون علاج الحالات الخفيفة، والتي يمكن تشخيصها بشكل خاطئ على أنها إنفلونزا، بشكل أساسي الراحة في الفراش، تناول الكثير من السوائل. (وفيما يتعلق بالأدوية يبقى للفريق المعالج الاختصاص).
لكن، لا تستجيب بعض الفيروسات – مثل الفيروسات المنقولة بالحشرات – لهذه العلاجات. وبرغم ذلك، غالبًا ما يبدأ العلاج باستخدام acyclovir على الفور لأنه قد لا يتم التعرف على الفيروس المحدد مباشرة، أو قد لا يتم التعرف عليه على الإطلاق. وقد يكون هذا العقار فعالاً لمقاومة فيروس الهربس البسيط، والذي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يُعالَج على الفور، مثل التهاب الدماغ او حتى الوفاة.
وأخيرا.. تتمثل أفضل الطرق للوقاية من التهاب الدماغ الفيروسي في اتخاذ الاحتياطات لتجنب التعرض للفيروسات التي قد تسبب المرض. التعود على غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون، بخاصة بعد استخدام دورة المياه وقبل تناول الوجبات وبعدها، وعدم مشاركة أدوات المائدة والمشروبات. وتعليم الأطفال العادات الصحية. والحرص على الحصول على اللقاحات، واتخذ إجراءات الوقاية من التعرض للبعوض والقراد.