إعداد د. مبارك أجروض
في فصل الشتاء يكاد يكون التهاب الحنجرة من أكثر الحالات الشائعة في عيادات الأطباء، والحنجرة عضو يقع في الجزء الأمامي من العنق، وهو أحد مكونات الجهاز التنفسي وله العديد من الوظائف المهمة، بما في ذلك النطق، ومنعكس السعال، وحماية الجهاز التنفسي السفلي، وبنية الحنجرة في الأساس غضروفية، وهي مرتبطة ببعضها بعضاً بواسطة مجموعة من الأربطة والأغشية، ويوجد داخل الحنجرة زوجان من الحبال الصوتية، وتتم عملية التنفس عندما يكون الحبلان (الوتران) منفتحين (متباعدين) حيث يمر هواء الشهيق من خلال الأنف، الفم، والبلعوم مرورًا بين الوترين إلى أسفل داخل القصبة الهوائية حتى الرئتين، ويتم إخراج الزفير بنفس المسلك. نستطيع إصدار الصوت إذا كان الحبلان منغلقين (ملتصقين ببعض).
ويحصل التهاب الحنجرة عن فرط الاستخدام أو الهياج أو الخمج (infection)، وفي داخل الحنجرة توجد الحبال الصوتية – وهي ثنيتان من الأغشية المخاطية بداخلهما نسيج عضلي وغضروفي، وفي الوضع الطبيعي، تفتح الحبال الصوتية وتغلق بسلاسة، لتصدر الأصوات، وذلك من خلال حركتها واهتزازها، ومع التهاب الحنجرة، تصبح الأحبال الصوتية ملتهبة ومتورمة أو متهيجة، ويؤدي هذا التورم لتشوه الأصوات الناتجة عن مرور الهواء عليها، ونتيجة لذلك، يخرج الصوت مبحوحًا، وفي بعض حالات التهاب الحنجرة، قد يصبح الصوت غير مسموعا تقريبًا.
وقد يكون التهاب الحنجرة قصير المدة (aiguë) أو مستمرًا لمدة طويلة (chronique)، وتبدأ معظم حالات التهاب الحنجرة بعدوى فيروسية مؤقتة أو بالإجهاد الصوتي، وهي حالة ليست خطرة، لكن استمرار بحة الصوت قد يشير، في بعض الأحيان، إلى وجود مشكلة طبية أكثر خطورة وراء هذه البحة.
* أعراض التهاب الحنجرة
في معظم الحالات، تستمر أعراض التهاب الحنجرة أقل من أسابيع عدة، وتحصل من شيء بسيط، مثل العدوى بأحد أنواع fuite de fièvre (Virus)، وفي القليل من الحالات، تنتج أعراض التهاب الحنجرة عن شيءٍ أكثر خطورة أو طويل الأمد، وقد تشمل أعراض التهاب الحنجرة وعلاماته بحة الصوت، ضعف الصوت أو فقدانه، إحساس بالوخز والتهاب الحلق، ألم الحلق، جفاف الحلق وسعال جاف.
* أسباب التهاب الحنجرة
ـ التهاب الحنجرة الحاد Laryngite aiguë: معظم حالات التهاب الحنجرة، هي حالات مؤقتة وتتحسن بعد تحسن سبب الإصابة بها، وتشمل أسباب الالتهاب العدوى الفيروسية الشبيهة بتلك المسببة للبرد، الإجهاد الصوتي، الناتج عن الصراخ أو فرط استخدام الصوت و infection bactérienne(bactérien)، مثل diphtérie، على الرغم من ندرتها.
ـ التهاب الحنجرة المزمن Laryngite chronique:
يُعرف التهاب الحنجرة الذي يستمر مدة أطول من ثلاثة أسابيع باسم التهاب الحنجرة المزمن، وهذا النوع من التهابات الحنجرة ينتج، بوجه عام، من التعرض للمهيجات على مدار الوقت، ويمكن لالتهاب الحنجرة المزمن أن يسبب إجهاد الأحبال الصوتية وإصابات أو نمو تكتلات على الأحبال الصوتية (excroissances ou nodules)، ويمكن أن تحدث هذه الإصابات من جرَّاء استنشاق المهيجات، مثل الأبخرة الكيميائية أو مثيرات الحساسية أو الدخان، الارتجاع الحمضي، ويعرف، أيضًا، باسم maladie de reflux gastro-oesophagien، التهاب الجيوب الأنفية المزمن، تناول الكحوليات، الاعتياد على الإفراط في استخدام الصوت (مثل ما يحدث مع المغنين والمشجعين في المباريات الرياضية) والتدخين.
وتشمل الأسباب الأقل شيوعًا لالتهاب الحنجرة المزمن العدوى الجرثومية (bactérien) أو الفطرية والعدوى ببعض أنواع الطفيليات، وتشمل الأسباب الأخرى لبحة الصوت المزمنة مرض السرطان، شلل الحبال الصوتية، والذي قد ينتج عن الإصابة بجروح أو السكتة الدماغية أو أورام الرئة أو غيرها من المشاكل الطبية وتقوس الحبال الصوتية مع التقدم في العمر.
* عوامل تزيد من احتمال حدوث التهاب الحنجرة
تتمثل عوامل تزيد من احتمال حدوث التهاب الحنجرة في الإصابة بعدوى (infection) في الجهاز التنفسي، مثل الرشح أو bronchite أو Sinusite، التعرض للمواد المهيِّجة، مثل دخان السجائر أو تناول الكحوليات أو الارتجاع الحمضي المعدي المريئي أو الكيمياويات في مكان العمل والإفراط في استخدام الصوت، عن طريق كثرة الحديث أو الحديث بصوت عالٍ جدًا أو الصياح أو الغناء.
* مضاعفات التهاب الحنجرة
في بعض حالات laryngite causée par une infection (infection)، قد تنتشر العدوى إلى أجزاء أخرى من الجهاز التنفسي. من الممكن التعامل مع معظم الحالات الحادة من التهاب الحنجرة من خلال خطوات العناية الذاتية، مثل إراحة الصوت وتناول الكثير من السوائل، فإجهاد الصوت أثناء نوبة التهاب الحنجرة الحاد قد يؤدي إلى تلف الحبال الصوتية. ويتم تحديد موعد لزيارة الطبيب إذا استمرت بحة الصوت أكثر من أسبوعين، وطلب المساعدة الطبية الفورية إذا كان الطفل يخرج أصواتًا عالية النبرة وصاخبة عند الشهيق، يسيل لعابه أكثر من المعتاد، لديه صعوبة في البلع، لديه صعوبة في التنفس ويعاني من حمى ترتفع فيها درجة حرارته عن 39.4 درجة مائوية. وقد تشير هذه العلامات والأعراض إلى الخناق، وهو التهاب الحنجرة ومجرى الهواء الواقع أسفلها مباشرة، ورغم أن الخناق عادة ما يمكن علاجه في المنزل، وتتطلب الأعراض الشديدة المتابعة الطبية، وقد تشير هذه الأعراض كذلك إلى épiglottite، وهو التهاب يصيب النسيج الذي يغطي القصبة الهوائية (trachéale) وقد يسبب الوفاة لدى الأطفال والبالغين.
* تشخيص التهاب الحنجرة
تتمثل العلامة الأكثر شيوعاً للإصابة بالتهاب الحنجرة في بحة الصوت enrouement، وقد تختلف التغيرات في الصوت باختلاف شدة العدوى أو التهيج، وتراوح بين البحة الخفيفة والفقدان شبه الكامل للصوت، وإذا كان المرء مصاباً بالبحة المزمنة في الصوت، فقد يرغب الطبيب في الاستماع إلى صوته وفحص حباله الصوتية، وقد يُحيله إلى اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة، وتُستخدم هذه الأساليب أحياناً للمساعدة في تشخيص Laryngite Laryngoscopie: يستطيع الطبيب فحص الأحبال الصوتية بشكل مرئي عن طريق إجراء ما يسمى Laryngoscopie، وفيه يستخدم مرآة صغيرة وخفيفة للنظر في الجزء الخلفي من الحلق. أو قد يستخدم الطبيب laryngoscopie à fibre optique. ويتضمن ذلك إدخال أنبوب (endoscope) رفيع ومرن وبه إضاءة وكاميرا صغيرة من خلال الأنف أو الفم إلى الجزء الخلفي من الحلق. بعد ذلك يمكن للطبيب أن يرى حركة الأحبال الصوتية عند الحديث وbiopsie: إذا رأى الطبيب منطقة مشكوكاً فيها، فقد يجري biopsie، وهي أخذ عينة من النسيج للفحص تحت المجهر.
* علاج التهاب الحنجرة
في العادة يتحسن التهاب الحنجرة الحاد الناتج عن الإصابة بعدوى فيروسية من تلقاء نفسه خلال أسبوع تقريباً، وكذلك قد تساعد تدابير العناية الذاتية في تخفيف الأعراض، أما علاجات التهاب الحنجرة المزمن فتستهدف علاج الأسباب الكامنة، مثل حرقة المعدة أو التدخين أو تناول الكحول، وتشمل الأدوية المستخدمة في بعض الحالات المضادات الحيوية. في جميع حالات التهاب الحنجرة تقريباً لا تجدي المضادات الحيوية نفعاً لأن سبب الحالة في العادة هو infection virale. لكن إذا كانت العدوى جرثومية فقد يصف الطبيب بعض المضادات الحيوية وcorticoïdes، ففي بعض الأحيان، تساعد corticoïdes على تخفيف inflammation des cordes vocales. ومع ذلك، لا يستخدم هذا العلاج إلا عند وجود ضرورة ملحة لعلاج التهاب الحنجرة، مثلاً عندما يكون المريض في حاجة إلى استخدام صوته للغناء أو إلقاء خطبة أو عرض تقديمي شفاهي، أو في بعض الحالات عندما يصاب أحد الأطفال الصغار بـlaryngite associée au croup.
وتوجد علاجات أخرى لالتهاب الحنجرة في استنشاق الهواء الرطب، استخدام جهاز ترطيب للحفاظ على رطوبة الهواء في المنزل أو المكتب. استنشاق البخار من وعاء به ماء ساخن أو من دش ساخن، إراحة الصوت قدر الإمكان. تجنب الحديث أو الغناء بصوت شديد الارتفاع أو لفترات طويلة. وإذا كان على المريض أن يتحدث أمام مجموعات كبيرة، فليحاول أن يستخدم أحد مكبرات الصوت، تناول الكثير من المشروبات وذلك للوقاية من الجفاف (تجنب تناول الكحول والكافيين)، ترطيب الحلق. محاولة مص أقراص الاستحلاب أو الغرغرة بالماء المالح أو مضغ قطعة من العلكة، تجنب مضادات الاحتقان. فهذه الأدوية تسبب جفاف الحلق وتجنب الهمس. فذلك يسبب قدراً من الإجهاد على الصوت أكبر مما يسببه الكلام العادي.
* الوقاية من التهاب الحنجرة
تتمثل الوقاية من التهاب الحنجرة في الامتناع عن التدخين وتجنب الجلوس بجوار المدخنين. فالتدخين يسبب جفاف الحلق ويهيج الحبال الصوتية، التقليل من تناول الكحول والكافيين. فهذه المشروبات تتسبب في فقدان كامل المياه الموجودة في الجسم، تناول كميات وافرة من المياه. فالسوائل تساعد على الحفاظ على خفة لزوجة المخاط في الحلق وسهولة النحنحة لتطهير الحلق، تجنب النحنحة لتطهير الحلق. فهذا الأمر ضرره أكبر من نفعه، فهو يسبب اهتزازاً غير طبيعي في الأحبال الصوتية ويزيد من التورم. كذلك تؤدي النحنحة لتطهير الحلق إلى أن يفرز الحلق مخاطاً أكثر ويزداد تهيجه، ما يجعل المريض يرغب في النحنحة مرة أخرى لتطهيره وتجنب التعرض لعدوى الجهاز التنفسي العلوي. غسل اليدين كثيراً، وتجنب الاحتكاك بالمصابين بعدوى في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي مثل الرشح.