التعليم الخاص والعمومي: تصريحات الوزير بين الانحياز والفجوة الاجتماعية
مجلة اصوات
في خضم النقاش المحتدم حول غلاء تكاليف التعليم الخاص في المغرب وتأثيره على النظام التربوي، أثارت تصريحات وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، جدلاً واسعاً بعد إشادته الكبيرة بدور القطاع الخاص في “تقليص الضغط على المدرسة العمومية”، واعتباره أن التعليم الخصوصي يتمتع بنجاحات ملحوظة مقارنة بنظيره العمومي.
الوزير وصف المؤسسات التعليمية الخاصة بأنها “تنجح في تعليم مليون تلميذ وتلميذة”، معبراً عن “احترامه وتقديره الكبيرين” للفاعلين في هذا القطاع. كما أبرز أن 75% من الطلبة المقبولين في كليات الطب ينحدرون من التعليم الخاص، مقابل نحو 13% فقط من التعليم العمومي، مؤكداً أن “أهمية التعليم الخاص بادية من خلال أعلى المعدلات المطلوبة لولوج كليات النخبة”.
هذه التصريحات أثارت استياءً واسعاً، إذ اعتبرها الكثيرون انحيازاً واضحاً للقطاع الخاص على حساب المدرسة العمومية. ويأتي هذا في وقت تواجه فيه المدرسة العمومية تحديات كبيرة، تشمل اكتظاظ الأقسام، ونقص التجهيزات، وضعف الموارد البشرية، ما يدفع عائلات عديدة إلى اللجوء للقطاع الخاص كخيار اضطراري، رغم الأعباء المالية الكبيرة التي يفرضها.
النقاش يتجاوز أرقام الوزير إلى واقع أكثر تعقيداً. فبينما يشير البعض إلى أن القطاع الخاص يساهم في توفير فرص تعليمية إضافية، يرى آخرون أنه يسهم في تفاقم الفجوة الاجتماعية، ويحول التعليم إلى سلعة يتحدد الوصول إليها بناءً على القدرة الشرائية. كما أن التركيز على نجاح التعليم الخصوصي في تحصيل معدلات مرتفعة، دون الإشارة إلى كلفة هذه “النجاحات”، يُنتقد باعتباره إغفالاً للبعد الاجتماعي للتعليم ودوره الأساسي كرافعة للعدالة الاجتماعية والتنمية.
تصريحات الوزير وضعت الحكومة في موقف حرج، إذ تساءل العديد من المراقبين عن السياسات العمومية المتبعة لدعم المدرسة العمومية، وتعزيز جاذبيتها، وضمان استفادة جميع التلاميذ المغاربة من تعليم جيد بعيداً عن التمييز الطبقي. في ظل هذه التساؤلات، يبقى السؤال الأهم: هل تدعم الحكومة فعلاً تكافؤ الفرص في التعليم، أم أنها تُفضل القطاع الخاص على حساب المدرسة العمومية؟