التسول: بين الحاجة والكسل، وضرورة التغيير الاجتماعي

مجلة اصوات

 تُعدُّ ظاهرة التسول من الظواهر المُنبوذة في المجتمع رغم رواجها وانتشارها؛ حيثُ يتوزع هؤلاء المتسوّلون في الشوارع العامة، والأزقّة، وأمام المحالات التجارية، وفي الأماكن التي يزدحم فيها الناس عموماً، ورغم كلّ الجهود والمُحاولات المبذولة، في سبيل إيقاف تلك الظاهرة؛ إلا أن بعض المجتمعات ما زالت غير قادرة على اقتلاعها، أو تغيير فهم القائمين عليها بمدى سلبية وخطورة ما يقومون به.

 

أسباب التسول الفقر:

 

لا يتمكن البعض من الحصول على فرصة عمل، وإعالة أطفالهم أو ذويهم، وبالتالي فهم لا يمتلكون أدنى وأبسط مقومات الحياة، ولا يجدون بُداً من التسوّل؛ للحصول على طعامٍ يكفيهم ليومٍ واحد، وفي هذا الإطار يجب أن تتحمل الدول مسؤولية توفير الوظائف للأفراد بمختلف أعمارهم.

 

المرض: إنَّ بعض المرضى لا يملكون المال للعلاج، وكُلفة العلاج تفوق مقدرتهم المادية، ورغم تذرع العديد من المتسوّلين بحاجتهم المادية للمال بسبب المرض مُحضرين معهم الوثائق الطبية المُزورة، إلا أنّ بعض الحالات يكون دافعها الفعليّ هو البحث عن مالٍ يكفي للعلاج.

 

المُعتقدات الخاطئة: يرى البعض أن لا مشكلة في التسوّل، أو أنه لا يُشكل عيباً اجتماعياً، وهو لا يختلف عن العمل، لكنه لا يحتاج سوى القليل من التذلل، وهدر الكرامة، وهذا ما يُنافي القيم المجتمعيّة التي يجب أن يتصرّف جميع الأفراد وفقاً لها.

 

التعود: إن بعض المتسوّلين للأسف قد ورثوا هذه العادة الاجتماعيّة السيئة من آبائهم وذويهم الذين سبقوهم إلى التسول في الميادين العامّة دون الإحساس بالحرج أو التردُّد، ويُصبح التسول في هذه الحالة أكثر تعقيداً؛ لأن قناعة الفرد بُنيت على ضرورة القيام بالتسول بغض النظر عن الأسباب، فالمتسوّل لأجل الحصول على المال للعلاج يمكن توقيفه بالتكفُّل الكامل بعلاجه من قبل الجهات المعنيّة، أما المتسول بالوراثة فيحتاج لبذل المزيد من الجهد لإقناعه بالتوقف عن التسول.

 

علاج التسول

 

رغم أن التسول من المظاهر الاجتماعيّة التي تفتك بالكثير من المجتمعات، وقد استعصت في كثيرٍ من الأحيان، على الجهات الرسميّة وحتى الجمعيات الإنسانية، والهيئات الخاصة بالإصلاح المُجتمعي؛ إلا أنّ هناك بعض الخُطط العامّة التي يُمكن أن تحدَّ من تلك الظاهرة، وسوف نذكر بعضاً منها فيما يلي:

 

تشجيع الأفراد على العمل والكسب بدلاً من التفكير بالتسوّل أو اللجوء إليه كحلٍّ لمشكلة الفقر والحاجة.

 

تحسين الأوضاع الاقتصاديّة العامة للأفراد. التكفُّل بالأيتام ورعايتهم؛ ففاقد المُعيل يحتاج لمن يُعيله، وغالباً ما تتحمل وزارة العمل الاجتماعي بالتعاون مع بعض الجهات الخيرية تلك المَهَمَّة.

 

ضبط الميزان الاقتصادي، وتوزيع الثروات؛ فلا تنحصر الأموال في طبقةٍ أو فئةٍ اجتماعيةٍ دون أُخرى. سنّ القوانين التي تُعاقب مَن يقومون بالتسوّل، وتُلاحق شبكاته المُنظّمة، وتجّاره الذين يختفون ما وراء الكواليس، ولا يظهرون في الميادين العامة كالمتسوّلين.

التوعية بمخاطر ظاهرة التسول، وأثرها السلبيّ في المجتمع والأفراد عبر المحاضرات والندوات، وتوعية الوالدين في الأسرة على عدم تُشجيع أطفالهم على تلك الظاهرة، وحثّهم بالمقابل على عدم مدّ أيديهم طلباً للحاجة والمعونة ما داموا قادرين على العمل والكسب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.