التروتنيت: وسيلة النقل الحديثة أم خطر محتمل على السلامة العامة؟
بقلم: الأستاذ محمد عيدني
في العصر الحديث، أضحت الدراجات التروتنيت (Scooters) واحدة من أبرز وسائل النقل السريعة والمريحة، حيث اجتذبت الكثير من الأفراد، خاصة في المدن الكبرى. ورغم ما توفره هذه الوسيلة من سهولة التنقل وانخفاض التكلفة، إلا أنها باتت محور اهتمام الجوانب الأمنية والاجتماعية في المجتمع المغربي بسبب المشاكل المرتبطة بها والمخاطر المحتملة التي تشكلها.
يشهد المغرب، كغيره من الدول، تزايدًا ملحوظًا في استخدام الدراجات التروتنيت. هذا الانتشار السريع قد يكون مدعاة للسرور في سياق تعزيز وسائل النقل البديلة والمستدامة؛ إلا أنه يترافق مع تداعيات سلبية لا يمكن تجاهلها. فحوادث السير المرتبطة بالدراجات التروتنيت زادت بشكل ملحوظ، مما يمثل تحديًا كبيرًا لصانعي القرار وللسلطات المحلية، التي تتعرض لضغوط متزايدة للحد من هذه الحوادث وتعزيز سلامة المواطنين.
إن التجارب العملية في دول أخرى تشير إلى ضرورة وضع إطار قانوني وتنظيمي يحكم استخدام هذه الدراجات. ففي العديد من الدول الأوروبية، قامت السلطات بوضع قوانين صارمة، تحدد شروط استخدام الدراجات التروتنيت، بما في ذلك تحديد السرعات القصوى وتجهيز السائقين بوسائل الأمان مثل الخوذات، وإلزامهم باتباع قوانين السير. وقد أثبتت هذه التدابير فعاليتها في تقليل الحوادث وزيادة الوعي بالمخاطر المرتبطة.
في المغرب، ورغم جهود الدولة في تعزيز وسائل النقل، إلا أن غياب تنظيم فعال لاستعمال الدراجات التروتنيت قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل. يشمل ذلك عدم وجود معايير واضحة للتعليم والتدريب على الاستخدام الصحيح، مما يزيد من خطر الحوادث. فالكثير من السائقين لا يمتلكون المعرفة اللازمة حول قوانين السير، أو يتمتعون بخبرة قيادة غير كافية، مما يساهم في زيادة الحوادث.
من جانب آخر، تُظهر الإحصائيات أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الزيادة في استخدام الدراجات التروتنيت وارتفاع نسبة الحوادث. إذ تشير التقارير إلى أن نحو 30% من حوادث السير تشمل هذه الدراجات، مما يستدعي ضرورة التحرك السريع لوضع حلول عاجلة. لذا، يجب على الجهات المعنية بدء حملة توعية شاملة تهدف إلى إدراك المخاطر المحتملة وتنبيه المستخدمين بضرورة الالتزام بقوانين السير.
تطلب هذه المسألة تعاوناً مشتركاً من جميع الأطراف، بما في ذلك السلطات المحلية، والسائقين، والمصنعين. ينبغي على الحكومة أن تقوم بتنسيق جهودها مع مختلف المنظمات والجمعيات للنهوض بالتوعية حول أهمية السلامة أثناء القيادة، وتوفير موارد تعليمية تعزز من معرفة السائقين بالقوانين والأنظمة المرورية.
في الختام، يبقى سؤال كبير مطروحًا: هل ستتمكن المغرب من تحقيق توازن بين توفير وسائل النقل الحديثة وضمان أمن وسلامة المواطنين؟ إن الحلول موجودة، لكن الإرادة السياسية والمشاركة الفعالة من الجميع ستكون المفتاح لضمان مستقبل آمن ومستدام لمستخدمي الدراجات التروتنيت في المملكة.
إن التوعية والثقافة المرورية يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات النقل المستقبلية، حتى نتمكن من الاستفادة من مزايا هذه الوسيلة الحديثة دون الوقوع في فخ إهمال السلامة والأمن