أحزاب تدافع على العربية بمنطق الهوية وأخرى تتبنى الفرنسية بمبرر الانفتاح
اصبح التعليم بالمغرب في خبر كان بحيث وصل النقاش في قبة البرلمان الى الجدال حول اللغة المعتمد للتدريس و تحول النقاش حول لغات التدريس إلى قضية للجدل السياسي بين الفرقاء السياسيين، من خلال التقاطب بين دعاة التعريب المنتصرين للغة العربية، باعتبارها لغة الوطن، ودعاة التدريس باللغة الفرنسية بمبرر التعدد اللغوي والانفتاح و التواصل مع الدول المتقدمة و بين هذا وذلك نطرح السؤال من جديد اين اللغة العربية ما بين هذا و ذاك؟وهل الانفتاح و التقدم لا بد له من التنازل على هويتنا ؟ام ان هناك شئ اخر يفرض ذاته عن طريف الفرنسية؟لما بالضبظ التدريس بالفرنسية وليست لغة اخرى؟وما الاشكال الذي تعاني منه اللغة العربية لكي نغير مناهجنا التعليمية الى الفرنسية؟.
وأعاد مشروع قانون الإطار الخاص بمنظومة التربية والتكوين، المطروح بالبرلمان الخلافات القديمة التي ظلت تلازم كل مشاريع إصلاح التعليم التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، رغم تغيير الحكومات وتحمل أحزاب مختلفة لحقيبة التعليم على مدى العقود الماضية.
والحقيقة أن مشكل التعليم بالمغرب يتجاوز لغة التدريس، التي تبقى أحد عناصر الخلاف إلى جانب قضايا المناهج والبرامج والتمويل، والتي تسائل مستقبل المدرسة العمومية.
والغريب هو أن تتحول قضية لغة التدريس إلى قضية للاستغلال والمزايدة السياسية من قبل الأحزاب، وملف للتنافس بين مكونات الأغلبية والمعارضة على حد سواء، ما يهدد بتعميق الأزمة، والابتعاد عن شروط الحوار الوطني الهادئ الذي تتطلبه قضية مركزية من قبيل التعليم، والتي تعني مستقبل الأجيال المقبلة.
وفي الوقت الذي ظل حزب الاستقلال وفيا لموقفه في الدفاع عن التعريب، معتبرا أن مسألة اللغة حسم فيها في الفصل الخامس من الدستور، الذي أكد أن العربية هي لغة التدريس، مع السماح بتدريس بعض المجزوءات باللغات الأجنبية، فإن أحزابا أخرى تنتصر للغة الفرنسية باسم التعددية والانفتاح على لغة العلوم، معتبرة أن سياسة التعريب التي نهجتها بعض الحكومات، قبل التراجع عنها، لم تؤد سوى إلى ضياع أجيال من الطلاب، الذين لم يتقنوا العربية ولم ينجحوا في امتلاك لغات أجنبية، بسبب التردد والتجريب الذي ظل يطبع التعامل مع قضايا إصلاح التعليم.
في حين ذهب حزب الأصالة والمعاصرة، من موقع المعارضة، إلى مهاجمة دعاة التعريب، مؤكدا أن النقاش الدائر حول مشروع قانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، تحول إلى استغلال سياسي وإيديولوجي، إذ جعل البعض من لغات التدريس فرصة للمزايدة السياسية، وتغليب منطق الانتماء الإيديولوجي، على حساب مصلحة الوطن وانتظارات المواطنين.
ويدافع “البام” إلى جانب أحزاب أخرى مثل التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية عن ضرورة ضمان انفتاح أبناء الفئات الشعبية على باقي اللغات الأجنبية، دون أن يعني ذلك التقليل من أهمية العربية التي يجب تعزيز مكانتها إلى جانب الأمازيغية.
ويبقى العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة من أشد المدافعين عن العربية، في مواجهة التعدد اللغوي، معتبرا أن عودة وزارة التربية الوطنية إلى اعتماد الفرنسية في تدريس المواد العلمية، ليس له أي أساس قانوني أو سند دستوري.
ويتذرع الحزب الإسلامي برفض مبررات ودواعي اعتماد لغة أجنبية غير رسمية في تدريس المواد العلمية، بالقول إن المغاربة ومنذ الاستعمار إلى حدود ثمانينات القرن الماضي، ظلوا يدرسون باللغة الفرنسية كلا أو جزءا، لكن ذلك، لم يمنع من تسجيل اختلالات عميقة في منظومة التربية والتكوين.
ويرى إخوان سعد الدين العثماني أن قرار العودة إلى التدريس باللغة الفرنسية، هو نكوص لغوي وإهانة للغتين دستوريتين، مؤكدين أن اللغة العربية حملت العلوم والفنون والحضارة قبل غيرها، وأن التراجع عن هذا الاختيار يغلب السياسي على البيداغوجي والاقتصادي.
ويرى الحزب الإسلامي أن النهضة لا تكون إلا باللغة الوطنية والإنسان لا يبدع خارج لغته، مؤكدين أن عشرين دولة الأولى في سلم التنمية البشرية، حسب التقارير الدولية المتعلقة بجودة التعليم، قاسمها المشترك هو تدريس العلوم باللغة الوطنية.