تستمر سقطات جبهة “البوليساريو” التي تمهد الطريق نحو إعلانها جماعة إرهابية، إذ عمدت إلى توجيه تهديدات مباشرة، من مستقرها في تندوف على الأراضي الجزائرية، إلى مستثمرين اختاروا بناء فندق فخم بمدينة الداخلة المغربية.
يتعلق الأمر بشركة سياحية إسبانية أعلنت أنها ستفتتح فندقا فخما بمدينة الداخلة في ماي المقبل، إذ بمجرد الإعلان، انبرى زعيم الجبهة الانفصالية لتوجيه رسالة مكتوبة إلى رئيس مجموعة هذه الفنادق يحذره فيها من الخطوة.
عن هذا الموضوع، قال أحمد نور الدين، خبير في ملف الصحراء، إنها “ليست أول مرة تهدد فيها الجبهة الانفصالية بالقيام بأعمال إرهابية، وما ذلك إلا للتغطية عن انهيارها داخليا في المخيمات وخارجيا على كل المستويات، وخاصة مع إسبانيا التي كانت تنظر إليها الجبهة والجزائر كحليف أساسي في دعم المشروع الانفصالي”.
وأضاف نور الدين، ضمن تصريح لهسبريس، أن “مسألة التهديدات قد تكررت في كل مناسبة تؤكد سيادة المغرب على الساقية الحمراء ووادي الذهب، وأذكّر هنا بالتهديد بضرب رالي موناكو-دكار نهاية 2023، وقد تأكد للعالم أنه جرى في أحسن الظروف وفي أمن وأمان، وقبله كانت الجبهة الانفصالية تهدد رالي باريس-داكار قبل توقفه، وكان الرالي يمر في سلام عبر أقاليمنا الجنوبية، ونذكر بالتهديدات التي أطلقتها عصابات البوليساريو وحاضنتها الجزائرية ضد الملتقى الدولي غرانس مونتانا في الداخلة، الذي يستقبل في كل دوراته التي عقدت بالصحراء المغربية شخصيات دولية مرموقة، منهم الرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية ووزراء خارجية أوربيون، وغيرهم”.
وشدد الخبير في ملف الصحراء على أنه “رغم الحملات المسعورة التي شنتها الجزائر رسميا بمراسلات دبلوماسية إلى الأمم المتحدة وعبر إعلامها الموبوء، لم تجن الجزائر وجبهتها الانفصالية غير رياح الصحراء الرملية، وانعقدت ملتقيات غرانس مونتانا بسلام وفي ظروف وصفها المشاركون بالأفضل في تاريخ هذا الملتقى العالمي”.
ولخص نور الدين قصة التهديدات في المثل المغربي “الكلب النباح ما يعض”، واصفا إياها بكونها “محاولة بئيسة من الجزائر وجبهتها الانفصالية لعرقلة القطار المغربي السريع في التنمية الشاملة المندمجة للأقاليم الجنوبية، ومحاولة بئيسة للتشويش على الإنجازات السياحية والرياضية والاقتصادية والثقافية والإشعاعية، بل من غباء العسكر الجزائري أن حملاته الفاشلة تزيد من إشعاع سيادة المغرب على الصحراء، عكس ما يخطط له”.
وأضاف المتحدث لهسبريس أن “ملف تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية قد أصبح ثقيلا، يضم هجمات على المدنيين في سمارة، ويضم اختطاف الأطفال والنساء في السبعينات من الصحراء لتعزيز صفوف مخيمات الذل والهوان في الجزائر، ويضم التعاون مع تنظيمات إرهابية لاختطاف متعاونين للإغاثة الدولية، منهم إيطاليون وإسبان، من داخل تندوف، وتقاطع الجبهة الانفصالية في الساحل مع جماعات الموجاو والقاعدة وداعش”.
وسرد نور الدين في هذا الصدد مثال أبي الوليد الصحراوي، قائلا إنه “شاهد على ذلك قبل اغتياله من طرف القوات الفرنسية في مالي”.
ومن ضمن الأحداث التي ذكرها أيضا، “مهاجمة الصيادين المدنيين خلال السبعينات وبداية الثمانينات قبل الانتهاء من بناء الجدار العازل، وملفات الاختفاء القسري وتعذيب الصحراويين في معتقلات الرابوني، وجرائم الاسترقاق والعبودية في المخيمات التي وثقها صحافيان أستراليان في فيلم وثائقي، وتجنيد الأطفال، وتهديد الرالي والمستثمرين، والتحريض على القتل والتفجير في المدن المغربية عبر وسائل الإعلام التابعة لجبهة ابن بطوش، خاصة بعد تطهير الكركرات، وغير ذلك من الأعمال التي تدخل في توصيف الإرهاب”.
واعتبر نور الدين أن “الأوان آن لأن يصنف المغرب البوليساريو منظمة إرهابية، ويدعو المنتظم الدولي والدول الصديقة إلى وضعها على قوائم المنظمات الإرهابية”.
من جانبه، قال عبد الفتاح الفاتيحي، باحث متخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، إن “هذه التهديدات تعكس واقع اليأس الناتج عن توالي خيبات وانكسارات جبهة البوليساريو والجزائر من الفشل في استعمال الورقة الحقوقية واستغلال الثروات الطبيعية بالصحراء المغربية”.
وأضاف الفاتيحي، في تصريح لهسبريس، أن “البوليساريو بعد فشلها في المعارك القانونية ضد الاتفاقيات المغربية مع بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، تعيد اليوم المحاولة من جديد بالاعتراض على عدد من المشاريع الاستثمارية الدولية التي تستهدف الرفع من مستوى عيش الإنسان الصحراوي”.
وأبرز أنه “نظرا لحالة اليأس الناتجة عن انهيار موقفها التفاوضي، لجأت الجبهة إلى احتراف الأساليب الإرهابية، بتشجيع جزائري، قصد عرقلة جاذبية الاستثمارات الأجنبية التي تتسارع تفاعلا مع المناخ الاستثماري الذي توفره الصحراء باعتبارها اليوم ممرا قاريا تعتمده المملكة المغربية للربط بين القارات الأوروبية والإفريقية والأمريكية، تفعيلا للمبادرة الملكية لتنمية الواجهة الأطلسية”.
وذكر الباحث في قضايا الصحراء أن “البوليساريو بعد تلويحها باحتراف الإرهاب عقب خرقها لوقف إطلاق النار ورشقها للمدنيين في مدينة السمارة، تجرب اليوم ترهيب الشركات التي تقرر الاستثمار في الأقاليم الجنوبية باللجوء إلى القضاء، فيما لا تخفي تهديدا مبطنا”.
واستبعد الفاتيحي أن تكون للجبهة القدرة على اعتراض الإغراءات الاقتصادية التي توفرها جهات الصحراء، الأمر الذي يجعلها ملاذا للعديد من الشركات الكبرى من دول لها وزن كبير كما هو الحال بالنسبة للشركات الأمريكية والبريطانية والألمانية، وغيرها، التي تستهدف الاستثمار في مجال الطاقة الخضراء”.