تستعد مدينة مراكش لاستضافة الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، خلال الفترة الممتدة بين 09 و15 أكتوبر الجاري؛ الحدث الدولي الأبرز للمالية والاقتصاد العالميين، على أرض إفريقية بعد مرور 50 سنة.
وسيستقطب هذا الحدث العالمي الضخم ما مجموعه 14 ألف مشارك من كل بقاع العالم، من بينهم 4500 ممثل لإجمالي 189 وفدا رسميا يقودهم وزراء المالية ومحافظو الأبناك المركزية من أجل تدارس الرهانات الاقتصادية العالمية وتحديات التنمية وسياسات التمويل في سياق يتسم بتباطؤ حاد يفاقمه تصاعد التوترات الجيو-سياسية.
ثقة متجددة
ما فتئ المغرب، الذي طالما شكل أرضا لاحتضان العديد من الأحداث الدولية، يعزز مكانته المتميزة باعتباره الوجهة المفضلة للمؤسسات الدولية من أجل استقبال تظاهرات تحظى بتأثير قوي وصدى عالمي.
ومن هذا المنطلق، قررت مؤسسات بريتون وودز (Bretton Woods) الإبقاء على انعقاد هذه الاجتماعات السنوية بمراكش بعد إحدى عشر يوم من الزلزال الذي ضرب عددا من مناطق المملكة، وهي إشارة قوية للمجتمع الدولي وعلامة على الثقة في قدرة المملكة على تخطي التحديات.
ويمثل هذا القرار بالنسبة لوزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، تجسيدا للثقة التي يحظى بها المغرب من طرف هاتين المؤسستين، لاسيما في سياق التدبير الفعال والناجع والاستعجالي لآثار وعواقب زلزال الحوز، تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وحسب المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، فإن الأمر يتعلق ب”رسالة تضامن” مع المملكة ومع جميع البلدان التي تتعرض لصدمات، ” لأننا نعيش في عالم معرض أكثر للصدمات وعلينا أن نواجهها بشكل جماعي”.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في حوار خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء: “هذا ما ستجسده بالضبط الاجتماعات السنوية” عندما سيلتئم العالم بالمغرب.
مراكش على أهبة الاستعداد
من أجل استقبال هذه التظاهرة العالمية الضخمة في أفضل الظروف، استعد المغرب بشكل جيد، من خلال تعبئة شاملة لمطاراته وفنادقه ووسائل النقل على الصعيدين الوطني والمحلي.
وأكدت السيدة فتاح، خلال مقابلة بواشنطن مع رئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أن “مراكش على أهبة الاستعداد لاستقبال هذا الحدث الدولي البارز في أفضل الظروف”.
ولهذا الغرض، تمت تهيئة فضاء بمساحة 23 هكتارا من أصل مساحة إجمالية قدرها 54 هكتارا، يضم قاعة للجلسات العامة تصل قدرتها الاستيعابية إلى 4000 شخص، وقاعات للمؤتمرات والندوات، وفضاءات مخصصة للإعلام ورواق المغرب حيث يمكن للزوار اكتشاف الثقافة والمطبخ المحليين.
المغرب تحت الأضواء
باستضافتها لهذه الاجتماعات، ستتجه أنظار العالم بأسره نحو المملكة، وهي فرصة لتسليط الضوء على الإصلاحات الكبرى التي باشرتها في مختلف مجالات التنمية تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
كما سيمثل هذا الموعد الهام فرصة للمملكة لتقاسم تجربتها الناجحة في مختلف المجالات مع بقية العالم وإطلاع المجتمع الدولي على منجزاتها من أجل تحويل الاقتصاد المغربي وتنميته على جميع المستويات.
وتسلط هذه الاجتماعات الضوء، أيضا، على الدور الهام الذي يضطلع به المغرب على الساحة الدولية باعتباره رائدا إقليميا وقاريا.
المغرب… صوت إفريقيا
تمثل الاجتماعات السنوية لمؤسستي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فرصة مثالية لإيصال صوت القارة الإفريقية وانشغالاتها للمجتمع الدولي.
ووفق المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، فإن إفريقيا ستشكل أحد أهم المحاور الرئيسية إلى جانب انتعاش الاقتصاد العالمي، مشددة على الرهانات بالنسبة للدول الإفريقية، ولاسيما في ما يتعلق بالترابط المادي بين الدول وإلغاء الحواجز التجارية وغير التجارية، وكذا العملة الرقمية.
وفي حوار خصت به مديرة دائرة التواصل في صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، وكالة المغرب العربي للأنباء، اعتبرت أن هذه الاجتماعات ستكون فرصة أمام المجتمع الدولي من أجل مناقشة بعض التحديات التي تخص إفريقيا على غرار إدماج الشباب، والمديونية التي تواجهها العديد من بلدان القارة، فضلا عن التغير المناخي والفرص التي تزخر بها إفريقيا.
وبذلك، سيكون المغرب بمثابة أرض للقاء ومناقشة الرهانات العالمية في وقت يكتسي فيه التعاون أهمية جوهرية أكثر من أي وقت مضى، مع التركيز على التحديات والفرص خصوصا بإفريقيا والشرق الأوسط.
برنامج غني ومتنوع
يضم جدول أعمال هذه التظاهرة العالمية، عددا من الأحداث الجانبية ستخصص لمناقشة العديد من المواضيع التي تهم، بالخصوص، أزمة الطاقة وتحديات المناخ والهجرة والتعاون الدولي والتعافي ما بعد كوفيد والمستجدات السياسية والاقتصادية على الصعيد الدولي.
وحسب المنظمين، تتمحور هذه الاجتماعات السنوية على ستة مواضيع رئيسية، تتمثل في الشمول المالي والرقمي، والتنمية المستدامة، وإصلاحات المؤسسات المالية الدولية، وريادة الأعمال والابتكار، وشبكات الأمان الاجتماعي والتسامح، والتعايش