“الأوطوتين” بين التجميل والتزيف…وما علاقة البرلمان بدالك
“الأوطوتين” تقنية معتمدة بقوة في عالم الموسيقي بالمغرب، على غرار باقي دول العالم، لكنها تقسّم الوسط الفني إلى فريقين من الفنانين؛ فريق يؤيد توظيفها لتحسين الأداء الصوتي في الأغاني، وآخر لا يقبلها، ويفضل استعمال “الصوت الخام” بعيدا عن “التزييف”.
تقنية فرضت نفسها في العالم الغنائي:
وبخصوص استعماله “الأوطوتين” في الأغاني التي يطرحها، صرح ياسمرايز بأن كل الفنانين تقريبا يوظفونها بدون استثناء، مبرزا أنها “تقنية جديدة تفرض نفسها في العصر الموسيقي الحالي”.
وأردف في السياق ذاته: “لا يمكن لأي فنان أن يصدر أغنية بدون “أوطوتين”، وإذا جئت بأفضل صوت وطرحت أغنيته بدونه، فبالتأكيد لن تنال إعجاب الجمهور، فهذه التقنية تعطي ليونة للصوت، وإن كان صوتك غير جيد، فلن يفيدك “الأوطوتين أو غيره، بل على العكس سيظهر صوتك بشكل أبشع”.
ويرى ياسمرايز أن قوة الصوت رهينة بالشكل الغنائي، مضيفا في هذا الصدد: “من يغني الشعبي ليس كمن يغني بإحساس، أو يغني الراي، فكل نوع من الموسيقى يحتاج إلى صوت معين، فقط يجب على المغني أن يعرف حدود صوته وإمكانياته، ويشتغل وفقها، مع تحديد اللون الذي يبدع فيه”.
وعلق مغني الراب “Bad flow” على استعمال الفنانين لـ”الأطوتين” في الأغاني، قائلا: “يستعملها جميع الفنانين، وحتى من يمتلكون أصواتا جيدة، فهي وسيلة تصحح النوطات، غير أنه لا يجب الاعتماد عليها بنسبة مئة في المئة، حتى لا يصبح صوت المغني مثل ‘الروبو”.
وأضاف في السياق ذاته: “وفي حال توقفت هذه الآلية التي تضفي تحسينات، أظن أنه سيقطع رزق الكثير من الفنانين الحاضرين في الساحة الفنية حاليا”.
وكان الفنان نعمان لحلو من أوائل الفنانين الذين أثاروا النقاش حول استعمال هذا برنامج معلوماتي للموسيقى، عادّا أنه “يمكن من خلاله أن تتكلم فقط ، ويجعل كلامك غناء ملحنا وموزونا”.
وأضاف لحلو في تدوينة: “وبفضل هذا البرنامج استطاع بعض الموجودين على الساحة أن يخدعوا الناس ويوهموهم أنهم مغنيين”.
“الفنانين ضحايا الأوطوتين”
سقط عدد من الفنانين المغاربة في فخ “الأوطوتين”، إذ فضحتهم المنصات، في مناسبات كثيرة، أمام جماهيرهم، التي كشفت اصواتهم الحقيقية عندما أحيوا سهرات بشكل مباشر.
آخر ضحايا هذه التقنية كان مغني “الراب”، المعروف في الوسط الفني باسم “كوزان”، حيث واجه إنه قبل أيام موجة سخرية عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي، عقب انتشار مقطع فيديو يوثق أداءه أغنيته “أمورا” في سهرة فنية بدون مؤثرات صوتية.
وأظهر مقطع الفيديو فرقا كبيرا بين صوته في الغناء بشكل مباشر وبين الأغاني المسجلة التي يصدرها عبر قناته بمنصة “يوتيوب”، وتحقق شهرة واسعة، والتي يوظف فيها بشكل كبير تقنية “الأوطوتين”.
تقنية “الأوطوتين” تصل إلى البرلمان
ووصل جدل “الأوطوتين” الى البرلمان، حيث وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، بخصوص إقصاء فناني “الراب” من الدعم الموسيقي لسنة 2023، لوجود شرط في دفتر التحملات يتعلق بمنع استعمال هذه التقنية.
وجاء في معرض سؤال البرلمانية فاطمة التامني إنه “لا شك أن موسيقى الراب عرفت تطورا مهما، في العالم بشكل عام، والمغرب بشكل خاص، بحيث بات مغنو الراب في المغرب يشاركون في كبريات السهرات عبر العالم، ويُشركون كبار مغنيي الراب في العالم في مشاريعهم الفنية”.
وشددت البرلمانية نفسها على أن “هذا التطور في العالم كما هو الشأن في المغرب، لا يمكن عزله عن التطور التكنولوجي، وظهور المحسنات الصوتية، منذ نهاية تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، كما هو الشأن بالنسبة لـ”الأوطوتين” وغيره من المحسنات الصوتية”.
وعدّت التامني “إدراج شرط إقصائي، في خطوة غير مسبوقة من وزارة الثقافة ضمن دفتر التحملات للسنة الجارية، المتعلق ببرنامج دعم الموسيقى والأغنية والفنون الاستعراضية والكوريغرافية، يتعلق بعدم وجود المحسنات الصوتية “الأطوتين” في الأغنية المرشحة للدعم، منافيا للتطور التكنولوجي الذي تعرفه الموسيقى، بالإضافة لإقصاء عدد من المغنيين لاسيما مغنيي الراب (الطراب) خاصة وأيضا عدد من الفئات الموسيقية الأخرى التي تعتمد على المؤثرات الصوتية وهو ما يضرب في مبدأ تكافئ الفرص”.
وأكدت البرلمانية عينها أن الشرط المُدرج في دفتر التحملات “خرق واضح للمادة السادسة والسابعة لاتفاقية اليونسكو الساعية لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي لعام 2005 بباريس، المتعلقة بدعم التنوع الثقافي والتعبيرات الجديدة والعمل على تدابير ترمي إلى تقديم مساعدات مالية عامة، والتي صادق عليها (الاتفاقية) المغرب، قبل عشر سنوات (2013)”.
وقالت البرلمانية ذاتها إن هذا الأمر “إقصاء لمغنيي الراب ولاسيما “الطراب” من الدعم، والسماح بفرصة أكبر لفئات أخرى من الأغنية بالاستفادة”.