سارعت دول متعددة، أبرزها إسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، لتحذير رعاياها من زيارة تندوف بالجزائر، وذلك تفاعلا منها مع احتقان الأوضاع بمخيمات المنطقة، والتي تعرف تمركز قيادات وميليشيات جبهة البوليساريو الانفصالية.
ونبهت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر من زيادة خطر اختطاف المواطنين الغربيين بالقرب من المخيمات في تندوف، داعية رعاياها لتجنب الوصول إلى تلك المنطقة إلى غاية 15 مارس 2024، والانتباه جديدا إلى محيطهم، والبقاء في حالة تأهب في المواقع التي يرتادها السياح الغربيون.
ودعت الولايات المتحدة في تحذيرها رعاياها لوضع خطة طوارئ للمغادرة، ومراجعة خطط الأمان الشخصية الخاصة بهم، مع حمل وثائق سفرهم معهم بما في ذلك جواز السفر.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن هناك معلومات تؤكد تزايد خطر اختطاف مواطنين غربيين من مخيمات تندوف، داعية لعدم السفر للمنطقة المذكورة والبقاء متيقظين.
في حين طالبت وزارة الخارجية الإسبانية، يتواجد من المواطنين الإسبان بمخيمات تندوف الجزائرية مغادرتها فورا، منبهة ل “تزايد عدم الاستقرار في شمال مالي وما يترتب على ذلك من تزايد نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة يؤثر على الوضع الأمني بمخيمات تندوف.”.
وذكرت الوزارة بأن مدريد “ليست مسؤولة عن أية أضرار أو خسائر قد تلحق بالأشخاص أو الممتلكات بسبب عدم الالتزام أو الجهل أو عدم الاهتمام بالتوصيات الصادرة عنها” مشيرة أن التوصية المذكورة “ لن تكون مبررا لأي مطالب اتجاه الدولة في حالة حصول مكروه لأي مواطن”.
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي لحقوق الإنسان والإعلام، أكد أن تحذيرات وزارات الخارجية يؤكد احتقان الوضع الأمني في المخيمات والذي ينجم بالأساس عن انتشار كبير العصابات الجريمة المنظمة وتغول الفكر الديني المتطرف، مؤكدا أن ذلك يرجع لمجموعة من العوامل أهمها تفكك المشروع الانفصالي وتراجع الدعاية الانفصالية وبالتالي ضعف تأطير الجبهة الانفصالية لقاطني المخيمات تندوف الذين باتوا يكتشفون زيف الدعاية الانفصالية.
وسجل عبد الفتاح في تصريح ، إلى أن التفكك التنظيمي للجبهة الانفصالية يأتي نتيجة التطورات التي يشهدها ملف الصحراء، وهو ما جعل الجبهة الانفاصلية والسمتقرة في المنطقة باتت تلجأ إلى الجماعات المسلحة وتتحالف معها كونها الزبون الرئيسي للسلاح الذي مصدره مخازن البوليساريو والمساعدات الإنسانية المنهوبة من قوت قاطني المخيمات.
وأشار رئيس المرصد الصحراوي لحقوق الإنسان والإعلام، أن الجبهة الانفصالية باتت تتقاطع مع الجماعات المسلحة، بسبب حاجة الأولى لتأطير الشباب بمخيمات تندوف بعد ضعف الدعاية الانفصالية، والتحكم في التوازنات القبلية والاجتماعية بعد حظر العمل
المدني وحظر الأحزاب السياسية وتأسيس الجمعيات “وبالتالي بات قاطنو المخيم لا يجدون وسيلة للتأطير سوى الإطارات القبلية”.
وقال إن البوليساريو تحاول جر شباب المخيم إلى الفكر الديني المتطرف، وهو ما دفعهم للانضواء الجماعات المسلحة ضمن تقاطع أجنداتها مع تلك الجماعات.
واعتبر أن هذا التحذير يندرج في إطار التحول التدريجي الذي يشهده مواقف عدد من الدول من قضية الصحراء، والذي بات يصب في اتجاه الاعتراف بواقع السيادة المغربية وتأييد المبادرة المغربية للحكم الذاتي والقطيعة مع المشروع الانفصالي ورفض التورط في دعم الجبهة الانفصالية.
ولفت إلى أن هذه الدول تتابع عن كثب تطورات الملف والوضع الأمني في مخيمات تندوف من خلال المتطوعين والعاملين في هيئات الإغاثة الإنسانية المتواجدين في المخيمات، وبالتالي تعرف تفاصيل الوضع المحتقن هناك وتعرف الانتشار الكبير للجريمة المنظمة وفوضى السلاح وتغلغل الكبير للفكر الديني المتطرف.
وفي تقريره الأخير إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، كشف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أكتوبر الفارط تدهور وضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف بالجزائر، واستمرار انتهاكات وتجاوزات “البوليساريو” ومصادرتها لحقوق الساكنة المحتجزة بهذه المخيمات، لا سيما الحق في حرية التعبير والتنقل.
وسلط غوتيريش الضوء على تقارير المغرب المرفوعة إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بتاريخ 14 يونيو 2023 و3 يوليوز 2023، والتي تقدم قائمة مفصلة بالانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان التي ترتكبها جماعة “البوليساريو” الانفصالية المسلحة، تحت أنظار البلد الحاضن، الجزائر، المتواطئ بالصمت، في حق الساكنة المدنية والهشة المحتجزة في مخيمات تندوف.