تلعب الأسرة دورا محوريا وتنظيميا حول عملية تنشئة الطفل وإعداده للمدرسة، وتعد المدرسة الجانب المساعد والتعليمي لإعداد الطفل تربويا ومهنيا وأخلاقيا، فهناك شراكة وتكامل بين الأسرة والمدرسة لا ينفصلان، فلا يعلو دور على الآخر، وحول معرفة الأسباب الحقيقية لإهمال الطفل للواجبات المدرسية، التقينا بالكاتب الصحفي المصري محمد النحاس عزب، المتخصص في علم النفس والتربية الخاصة، ليوضح لنا أهمية دور الأسرة والمدرسة في القضاء على هذه المشكلة.
هل صحيح أن إهمال الآباء لأبنائهم يجعلهم يعزفون عن أداء الواجبات المدرسية؟
نعم بالتأكيد، لأننا نجد في بعض الأوقات الكثير من المعارك التي تحدث بين الابن ووالديه من أجل تأدية واجباته المدرسية. ومن هنا يقوم الطالب باختراع العديد من المحاولات، ومنها يقوم الطفل بالمجادلة لمدة ساعات من أجل ضياع الوقت، مثل القيام بشطب الجملة ويعيد كتابتها مرة أخرى، وأن يتعمد الطفل بخلق الأعذار بأن يطلب الأكل أكثر من مرة، الذهاب إلى الحمام، الرد على رنين الهاتف…الخ. كل هذه المحاولات هدفها تضييع الوقت والهروب من تأدية واجباته المدرسية، فهذا التصرف قد يجعل الأبوين يحكمان على الصغير بالإهمال، ولكن هذا المفهوم خاطئ، فإن الطفل في هذا الوقت يحتاج إلى مساعدة نفسية، وليست مساعدة في حل الواجب، فالوالدان عندما يرون ابنهم مقصر في حل واجباته فإنهم يعتقدون أنه مهمل، رغم توفر كل وسائل الراحة له، إلا أن عدم الاهتمام به يعطيه عدم الثقة بنفسه. ومن هنا ينعزل الطفل عن أصدقائه ويغرق في مشاهدة التلفزيون ويصبح حساسا جدا من مشاكله الصحية، ويمكن أن ينقلب إلى طفل مشاغب في المدرسة، فمن هنا يجب على الآباء الاهتمام بأطفالهم ومراجعة دروسهم داخل المنزل، ومعرفة الأسباب الحقيقية التي قد تؤدي إلى عزوف أبنائهم عن أداء واجباتهم المدرسية، والسرعة على حلها في أقرب وقت ممكن، ولكي يتم هذا لا بد من التواصل مع إدارة المدرسة بصورة مستمرة.
لماذا يكره بعض التلاميذ إنجاز فروضهم المدرسية؟
هناك عدة أسباب تؤدي إلى كراهية وعزوف العديد من التلاميذ عن إنجاز فروضهم المدرسية، ومنها على سبيل المثال أسباب تتعلق بصعوبة القراءة والكتابة (الديسليكسيا) أو مشكلة في السمع أو النظر أو أسباب أخرى مثل عدم المتابعة المنزلية المستمرة من قبل ولي أمر الطالب لمعرفة ما هي الأسباب الحقيقية في البداية، فمن الممكن أن تتمثل هذه الأسباب في معلمة الفصل، مستوى ذكاء الطالب، تعرض الطفل لمشكلة أسرية، صعوبة الواجب من حيث الكم، عدم امتلاك الطلبة للأدوات المدرسية والمواد المساعدة للقيام بالواجب مثل الأقلام والأدوات الهندسية، عدم قدرة الطلبة على تنظيم وقتهم وتوزيعه بشكل سليم ومناسب على الأنشطة اليومية، عدم قدرة الطلبة على فهم التعليمات الخاصة بالواجب، وذلك نتيجة لمشكلات صحية (ذكائية أو سمعية)، أو لسرعة المعلم في إعطاء الواجب وإذا كان الطفل لا يحب الدرس، فيجب على الأهل هنا استشارة اختصاصي يعمل على معرفة تاريخ الطفل ليعرف الأحداث التي جعلته يصل إلى هذه المرحلة، ويكون ذلك بالتنسيق مع الأم والمعلمة وإدارة المدرسة.
كيف يمكن الأم أن تساعد ابنها في إنجاز فروضه دون مشاكل؟
بداية يجب على الأم توفير مكان مخصص داخل المنزل لطفلها لإنجاز واجباته المدرسية، على أن يكون هذا المكان بعيدا كليا عن مكان لعبه، وعلى أن تتوفر به إضاءة وتهوية كافية والبعد تماما عن العوامل التي تؤدي إلى ضوضاء وتشتت في الانتباه، ويجب أيضا إتاحة الوقت الكافي للطفل على الإجابة وعدم نبذ الطفل أو ضربه بصورة مستمرة، ومن هنا يجب الأخذ بالاعتبار بأهمية تنظيم وقت الطفل وأهمية التحضير المسبق للدرس ليرسخ في ذهن الطفل، ولكي لا يجد صعوبة في عملية التدريس، ويجب أيضا الأخذ بالاعتبار في العمل على محاولة تعديل سلوك الطالب، وتوجيه نشاطه توجيها علاجيا سليما والعمل على تحسين مستوى توافقه الأسري والدراسي والاجتماعي.
وماذا عن التلميذ الصغير الذي يقوم بواجباته المدرسية للمرة الأولى؟
يعتبر التلميذ الذي يقوم بأداء واجباته المدرسية في المرة الأولى أمرا أو فرضا معقدا جديدا عليه في حياته، فمن هنا يأتي دور الأسرة في القيام بعملية تهيئة نفسية للتلميذ من توفير الوقت والمكان المناسب للطفل، من أجل القيام بعمل واجباته المدرسية، ويجب عدم استخدام أساليب الضرب والعنف من قبل ولي الأمر والعمل على تعزيز الطفل وتشجيعه على المذاكرة، والقيام بحل الواجبات في جو هادئ وممتع، بالإضافة إلى تشجيعه على الرسم وإشباع فضوله عندما يسأل عن الأشياء المحيطة به.
هل يجوز للأم أن تساعد طفلها على تحضير دروسه أثناء العطلة الأسبوعية، وإن لم يكن لديه فروض؟
أجل ،على الأم أن تختار يوما واحدا من أيام العطلة الأسبوعية، على أن يكون هذا اليوم هو بمثابة تقييم أو مراجعة أو تحضير للدرس القادم، وذلك حتى ندرب الطفل على تهيئته نفسيا ومعنويا حتى إذا لم يكن لديه فروض، ومن جانب آخر يجب على ولي الأمر تشجيع طفله إذا قام بأداء واجباته المدرسية، بمكافأته برحلة خاصة في يوم العطلة الأخير.
ماذا على الأم أن تفعل إذا علمت أن سبب عدم رغبة طفلها في إنجاز فروضه أنه لا يحب معلمة المادة؟
في هذا الوقت يجب على الأم بداية معرفة ما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى عدم حب طفلها معلمة المادة، والتي أدت إلى عدم إنجاز فروضه المدرسية، وذلك من خلال مناقشة الطفل والتواصل مع الأخصائي النفسي والاجتماعي بالمدرسة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، والعمل على حلها مباشرة، حتى لا تؤدي في النهاية إلى فشل الطفل في المستقبل.