“منتدى التفكير التعادلي” صيغة تنظيمية جديدة وموازية من أجل التقائية وشحذ الذكاء الاستقلالي من مختلف تنظيماته وفعالياته القطاعية والترابية بلادنا كلما أضاعت فرصة أو أخطأت موعدا أو أجهَضت أملا بالإصلاح والتقويم والتصحيح والتغيير الذي نطمح إليه جميعا كلما اتسعت دائرة الشك في المجتمع بلادنا تعيش بالفعل أزمة عميقة، لأن الاستمرار في النموذج التنموي الحالي لا يمكنه إلا أن يفرز مزيدا من الخيبات ومظاهر الحيف الأزمة تتفاقم والشروخ تتغذى من استمرار النموذج المبني على الريع والامتيازات والاستثناءات الخروج من الأزمة لن يكون إلا نابعا من نبض الواقع العميق، ومن تفكير جماعي مغربي-مغربي بعيدا عن إسقاطات الحلول الجاهزة والوصَفات المُستوردة من أندية “التفكير-أوفشور” حزب الاستقلال يسعى إلى استعادة المعنى والجدوى والثقة في حاضر ومستقبل بلادنا من قبل المواطنات والمواطنين
من أجل تعبئة الذكاء الاستقلالي
وتميزت أشغال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، بالعرض الهام للأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، والذي أكد من خلاله على أن “منتدى التفكير التعادلي” يعتبر صيغة تنظيمية جديدة وموازية، من أجل التقائية وشحذ الذكاء الاستقلالي من مختلف تنظيماته وفعالياته، القطاعية والترابية، مبرزا أن هذا المنتدى يندرج في صميم الرؤية الجديدة للممارسة السياسية ولتدبير الوساطة السياسية، التي التزم بها في إطار الإستراتيجية الجديدة (2017-2021) للنهوض بالأداء الحزبي.
وفي ذات السياق، أكد الأخ نزار بركة على أن هذه الرؤية الجديدة للممارسة السياسية تقوم على التفكير والتوجيه الاستراتيجي، بالإضافة إلى التفاعل مع المطالب المشروعة للمواطنات والمواطنين، والترافع عنها في النقاش العمومي والمؤسساتي، والعمل على ترجمتها إلى مبادرات فعلية وتدابير عملية.
وسجل الأخ نزار بركة أن “منتدى التفكير التعادلي” يأتي لمواصلة وتعميق مخرجات التصور الذي سبق أن أعده الحزب حول النموذج التنموي الجديد، الذي صادق عليه المجلس الوطني في دورة أكتوبر 2018، وتم رفعه إلى الديوان الملكي في صيغة مذكرة يوم 11 يناير 2019، وذلك في أفق تقديم مضامين هذا التصور الذي يقترحه حزب الاستقلال، والترافع عنه أمام اللجنة المختصة التي أعلن عنها جلالة الملك.
استقالة الفعل الحكومي
وأبرز الأخ الأمين العام أن هذا المنتدى يأتي أيضا من أجل استكمال ما بدأه الحزب من خلال تصوره للنموذج التنموي الجديد، وتحيين مسالك الإصلاح التي يقترحها، وتطوير أبعادها الإجرائية والعملية، وذلك لمواكبة التحولات المتسارعة التي تعرفها الساحة الوطنية والظرفية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا خلال الأشهر الماضية الأخيرة، وسقف الحاجيات والانتظارات الذي لا يتوقف من الارتفاع أمام هدر فرص وزمن الإصلاح، وأمام استقالة الفعل الحكومي الذي يعيش في الشهور الأخيرة انتظارية كبرى تعطل مصالح الوطن والمواطنين.
مظاهر أزمة عميقة ومتعددة الأبعاد
وأوضح الأخ الأمين العام أن بلادنا كلما أضاعت فرصةً أو أخطأت موعدًا أو أَجْهَضت أَمَلًا بالإصلاح والتقويم والتصحيح والتغيير الذي نطمح إليه جميعا، كُلَّما اتسعت دائرةُ الشك في المجتمع، وازدادتِ الأوضاعُ تعقيدا، وضاقتْ هوامشُ التدخل وارتفعتْ كُلفتُه بالنسبة للفاعل الحكومي والعمومي، مردفا ” اسمحوا لي أن أقول لكم، بما تَستلزمُه الروح الوطنية والمسؤولية ولغة الحقيقة، وبدون بلاغة ولا مُحسنات تواصلية، ينبغي أن نعترفَ اليوم أن بلادَنا، تعيشُ أزمةً، وهي أزمة عميقة ومركبة ومتعددة الأبعاد”.
“كيفَ لا نعترفُ بالأزمة؟” يتسائل الأخ نزار بركة، ويجيب في ذات الآن، حينما يعبر المواطنات والمواطنون عن تخوفاتهم حول مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، ويتنامى استعداد الشباب والأسر كذلك للمغادرة والهجرة إلى الخارج، في صفوف مختلف الشرائح الاجتماعية بما فيها الطبقات الوسطى والميسورة، إلى جانب تسجيل بلادنا تقهقرا متعدد المجالات في النمو والتشغيل، في الاستثمار والادخار، وفي الاستهلاك والقدرة الشرائية، بالإضافة إلى تراجع دور المدرسة العمومية التي كانت قَنطرة سالكة نحو الارتقاء الاجتماعي، وأصبحت اليوم بؤرة لإنتاج الفوارق الاجتماعية..، والطبقة الوسطى التي تعيش تفقيرا ممنهجا بسبب ارتفاع الأسعار، والتحامل الضريبي المتزايد، بل والتضريب المزدوج أمام تدهور الخدمات العمومية الأساسية، في التعليم والصحة والنقل..، كما أن هناك تخوفات وهواجس كذلك فيما يتعلق بالمكتسبات التي تم تحقيقها على مدى العقدين الأخيرين، فيما يتعلق بالولوج إلى الخدمات، وتأمين الأمن المائي والعدالة المائية، وتحصين الحقوق والحريات الأساسية التي حسم في شأنها دستور 2011.
كما تتجلى مظاهر هذه الأزمة أيضا، يضيف الأخ نزار بركة، على المستوى السياسي والمؤسساتي، من خلال دخول مسار الإصلاح السياسي والمؤسساتي منطقة رمادية تتسم بالبطء والتردد، والشك في جدوى الآليات التمثيلية للمواطن من الحكومة والبرلمان والمجالس المنتخبة المحلية ومدى فعاليتها في التجاوب مع الحاجيات والانتظارات المعبر عنها، وبالتالي مدى الفائدة من المشاركة الانتخابية إن لم يكن لهذه الأخيرة امتداد فعلي في أداء الحكومة والبرلمان والجماعات الترابية، وإن لم تكن آلية رقابية في يد المواطن لإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، بالإضافة إلى تراجع الثقة في الأحزاب السياسية ودورها الدستوري في تأطير المواطنين وضعف اضطلاعها بدورها الترافعي عن قضاياه وانشغالاته، كمؤسسات وسيطة، وذلك نتيجة الممارسات المتراكمة التي شابت الحياة السياسية، والانتقال الديمقراطي الذي لم يكتمل بعد.
نموذج مبني على الريع والامتيازات والاستثناءات
وعلى المستوى الاقتصادي، يؤكد الأخ الأمين العام، أن الأزمة تتفاقم والشروخ تتغذى من استمرار النموذج المبني على الريع والامتيازات والاستثناءات، وهو ما يمنع من تحرير الطاقات والكفاءات والابتكارات، ومن اتساع قاعدة الفاعلين ولا سيما من المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، كما أن سياسة التحرير عموما، باستثناء بعض القطاعات الرائدة ، لم تنجح في خلق الاندماج المرجو في المنظومات الاقتصادية وسلاسل القيمة رغم الجهود المالية والجبائية المرصودة، وفي المقابل ظلت ثمار التحرير محصورة في المجموعات الكبرى والشركات الرائدة، دون أن تصل هذه الثمار بالقدر الكافي إلى النسيج المقاولاتي الصغير والمتوسط، وأن تنتشل القطاع غير المهيكل.