أكد لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن حماية وتثمين منتوجات الصناعة التقليدية المغربية تشكل محوراً أساسياً في استراتيجية القطاع، مُبرزاً أن الجهود المبذولة تهدف إلى صون التراث الحرفي الوطني من الاندثار، وضمان استدامته أمام تحديات العصر والمنافسة الخارجية.
وفي هذا الإطار، أوضح السعدي، في جوابه عن سؤالين برلمانيين بمجلس المستشارين حول “حماية حرف الصناعة التقليدية”، أن كتابة الدولة تشتغل وفق مقاربة شمولية تجمع بين التكوين والتأهيل والجودة والتسويق، وذلك من أجل الرفع من تنافسية المنتوج التقليدي المغربي وتعزيز قدرات الحرفيين.
ولحماية الحرف المهددة بالاندثار، أشار المسؤول الحكومي إلى أن الوزارة أطلقت منظومة رقمية لتوثيق وتدوين المعارف والتقنيات التقليدية بهدف نقلها عبر الأجيال، والتي مكنت من توصيف 32 حرفة ذات حمولة ثقافية في مجالات الخشب والجلد والطين والنسيج والمعادن، بالإضافة إلى منصة إلكترونية تحمل اسم “المعلم” لتأطير عملية التكوين.
كما أبرز أن الشراكة القائمة مع منظمة اليونسكو مكنت من إطلاق برنامج “الكنوز الحرفية المغربية”، الذي يهدف إلى تصنيف الصناع التقليديين الحاملين للمعارف النادرة وتشجيعهم على نقل خبراتهم للشباب، حيث تم في سنة 2023 اختيار ستة صناع تقليديين وتكوين 57 شاباً في حرف كصناعة السروج المطرزة والزليج التطواني والطرز السلاوي، بينما شهدت سنة 2024 تكوين 100 شاب على يد عشرة صناع في مجالات القفطان الرباطي وخزف مكناس والمصنوعات النباتية للجنوب وغيرها، كما أعلن السعدي عن إطلاق النسخة الثالثة من البرنامج خلال الأيام المقبلة لتأطير 150 شاباً وشابة في 16 حرفة مهددة بالاندثار.
وفي سياق متصل، أشار السعدي إلى أن الوزارة وقعت اتفاقيات شراكة مع اليونسكو وعدد من المؤسسات، من بينها المندوبية العامة لإدارة السجون وجهتا فاس-مكناس وكلميم واد نون، لتمكين الشباب والنزلاء من الاستفادة من برامج التكوين الحرفي ونقل المهارات.
وفي ما يتعلق بتأهيل التكوين المهني، أوضح كاتب الدولة أن كتابة الدولة تعمل على تطوير منظومة التكوين المهني عبر تنويع العروض التكوينية وإحداث مؤسسات جديدة وتحديث المرجعيات المهنية، وكشف عن تحقيق حصيلة إيجابية بتكوين أزيد من 48 ألف شاب بين 2022 و2024، بنسبة إدماج تفوق 85 في المئة، كما أعلن عن توقيع عقد برنامج جديد للتكوين بالتدرج المهني للفترة 2025-2030 بميزانية سنوية تبلغ 249 مليون درهم، يستهدف تكوين 30 ألف شاب وشابة سنوياً، ليصل مجموع المستفيدين إلى 150 ألف شخص في أفق 2030، إضافة إلى رفع التعويض المخصص للصناع المكونين من 65 إلى 130 درهماً، مع تتويج أكثر من 2050 صانعاً بشهادات تعترف بمكتسباتهم المهنية.
وفي الجانب المتعلق بحماية المنتوجات من المنافسة غير العادلة، أوضح كاتب الدولة أن القطاع يعتمد عدداً من الإجراءات التقنية والتنظيمية، منها اعتماد 13 مواصفة إجبارية لحماية السوق الوطنية من المنتوجات الرديئة، وإحداث 77 علامة جماعية للتصديق تم تسجيلها لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، استفادت منها أكثر من 2500 وحدة إنتاجية، كما يتم التنسيق مع إدارة الجمارك لمراقبة المنتوجات المستوردة، وتعيين مراقبين محلفين في مناطق الإنتاج، فضلاً عن تفعيل القانونين 133.12 و50.17 المتعلقين بعلامات منتجات الصناعة التقليدية ومزاولة أنشطتها.
واختتاماً، أضاف السعدي أن الوزارة تعمل على دعم تسويق المنتوجات التقليدية عبر برامج للترويج الإلكتروني وتنظيم المعارض الوطنية والدولية، إلى جانب تنزيل ثلاثة برامج كبرى لهيكلة القطاع: “التميز”، و”مواكبة التصدير”، و”مواكبة المجمعين”، وفي إطار صون الرموز التراثية، أعلن السعدي عن إحداث العلامة الجماعية للتصديق “قفطان مغربي” المسجلة في يناير 2025، بهدف حماية القفطان المصنوع بالتقنيات المغربية الأصيلة، بالتنسيق مع الصانعات والمعلمات ومصممات الأزياء، كما تم إحداث علامة “زليج تطوان” الخاصة بالمنتوجات التقليدية لمدينة تطوان، إلى جانب أربع علامات لحماية كلمة “زليج” و”زليج مغربي” بثلاث لغات، تم تسجيلها ما بين نهاية 2024 وبداية 2025، ليختم تأكيده على أن الوزارة ماضية في استكمال ورش تثمين وحماية الصناعة التقليدية المغربية باعتبارها مكوناً أساسياً للهوية الوطنية ومصدراً للتنمية المحلية وفرص الشغل.