صرح أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط حسن احجيج، إنّ تديّن المغاربة فقد طابعه الروحي، وأصبحت ممارسته تعبيرا عن الهوية، مستدلا بالتفاوت الحاد الفاصل بين معتقدات المسلمين وما ترمز إليه من قيَم نبيلة، من جهة، وممارساتهم البعيدة عن هذه القيم، من جهة ثانية.
وأوضح احجيج في ورقة ضمن الجلسة العلمية الأخيرة لجامعة الرباط الأولى للعلوم الاجتماعية، التي تحتضنها كلية علوم التربية، أنّ التدين في المجتمع المغربي أطرته نظريتان، الأولى تعود إلى مطلع ستّينيات القرن الماضي، وتقول باحتمال فصل الدين عن المجتمع، وأنّ التدين سيأفل.
والثانية برزت في تسعينيات القرن الماضي، ورأى أصحابها، انطلاقا من الدراسات التي تناولت هذا الموضوع، أنّ الدين سيعود بقوة إلى الحياة العامة بقوة، وأنه سيطغى أكثر على المجتمع، من خلال المؤسسات الدينية الموكول إليها تدبير الحقل الديني.
ويرى احجيج أنّ النظريتيْن المذكورتيْن كلتاهُما خاطئتان، مشيرا إلى أنّ فصل الدين عن الدولة لم يحصل، كما أنه لم يعُد بقوة إلى الحياة العامة. وأضاف أنّ الدين لا يزال مستمرا في حياة المغاربة، لكنه اكتسى صبغة فردية، جعلت نظرة المتديّنين إليه تتغير، حيث لم يعودوا ينظرون إليه من الزاوية التقليدية التي كرّسها الفقهاء على أنه ممارسات تعبدية فقط، بل أضحى تعبيرا عن الهوية.
وربط احجيج انتقال الدين لدى المغاربة من ممارسة تعبدية إلى تعبير عن الهوية بالعولمة، حيث انتقل التعبير عن الانتماء إلى الدين الإسلامي من ممارسة الشعائر الدينية إلى تعبيرات أكثر جلاء لـ”الآخر” في الفضاء العام كحمْل الرموز الدينية، والإقبال أكثر على أداء مناسك الحج، وإلقاء “تحية الإسلام”، وغيرها..
وأضاف أستاذ علم الاجتماع “يُنظر إلى العولمة على أنها تُلغي الحدود الجغرافية والأمكنة، وبالتالي فإنّ الدين يلعب دور الرابط الاجتماعي، فضلا عن الحفاظ على الهوية، ومن ثمّ فإنّ المتدينين يرون أن الدين يعتبر طريقة للتكيف مع الحياة العصرية، التي فرضتها العولمة دون أن يفرطوا في الهوية”.
وتوقّف احجيح عند المفارقات التي تَسم علاقة المغاربة بالدين، مشيرا إلى أنه بالرغم من تزايد مظاهر التدين، فإنّ المسلمين المغاربة لا يجدون غضاضة في إتيان تصرفات غير منسجمة مع ما ينص عليه الإسلام كاستهلاك الكحول، وإقامة علاقات جنسية خارج الزواج، وغيرهما..
ويرى أستاذ علم الاجتماع أنّ هذه الازدواجية التي تطبع علاقة المغاربة بالدين، والتفاوت بين المعتقدات والممارسات، ناجمة عن “كون الممارسة الدينية هي كباقي الممارسات الاجتماعية”، موضحا أنه يفضّل تعبير “الممارسة الدينية” وليس “التديّن”.