رغم رحيله عام 1979، ما زال ديكتاتور إسبانيا فرانسيسكو فرانكو قادراً على إثارة السخط والجدل في بلاده وتعميق الانقسام بين الإسبان. ويحل اليوم، الخميس 24 تشرين الأول/ أكتوبر، موعد انتظره قسم كبير من الإسبان، حيث ستقوم السلطات الإسبانية بإزالة رفات فرانسيسكو فرانكو من ضريح الدولة ونقله إلى مقبرة عائلية، الأمر الذي يثير الكثير من الانقسام في البلاد.
وسط إجراءات أمنية مشددة وفي سرية تامة، سيتم نقل تابوته من وادي الشهداء بطائرة هليكوبتر أو بواسطة موكب شديد الحراسة إذا لم تسمح ظروف الطقس بنقله جواً.
وسائل الإعلام ممنوعة من الحضور، من سيشهد عملية استخراج الرفات عدد قليل يضم وزيرة العدل الإسبانية وخبير في الطب الشرعي وكاهن و اثنين وعشرين من أحفاد فرانكو.
من بينهم أكبر أحفاده الذي يحمل اسمه، فرانسيسكو فرانكو، الذي يرى هذه الخطوة مجرد حيلة سياسية من قبل الحزب الاشتراكي الحاكم، ويقول إنه غاضب من استخدام رفات جده كدعاية سياسية لتحقيق مكاسب في الانتخابات.
المراحل التي مر بها المشروع حتى إقراره
يقول الخبير السياسي بابلو سايمون إن نصب فرانكو في وادي الشهداء يعد رمزاً كبيراً في إسبانيا لأنه مرتبط بأولئك الذين يفتقدون النظام القديم.
في حين يرى كثر أنه ليس من المعقول أن يكرم ديكتاتور أشعل حرباً أهلية في بلاده، استمرت ثلاث سنوات (1936-1939) وراح ضحيتها حوالي نصف مليون شخص، بدفنه في مقبرة رسمية وبين ضحاياه.
لهذا سعى الاشتراكيون منذ زمن طويل لاستخراج الرفات ونقلها كي لا يكون الضريح قبلة لأنصار الديكتاتورية، ومنذ قدومهم إلى السلطة في 2018 وضعوا هذا الهدف نصب أعينهم، ليحققوا النصر في البرلمان رغم انقسامه عند تقديم المشروع وحازوا على موافقة النواب عام 2018 ، لتصادق المحكمة العليا على القرار الشهر الماضي بعد رفض طعون قدمها أحفاد فرانكو.
وستكلف عملية نقل الرفات نحو 63 ألف يورو.
ألم وانقسام
بحسب سيمون فإن “استخراج جثة الديكتاتور يمكن من استعادة رمزية وادي الشهداء، وهي عملية طبيعية داخل ديمقراطيات مثل بلدنا”.
أظهر استطلاع للرأي أجرته El Mundo هذا الشهر أن 43٪ من الأسبان يدعمون العملية، بينما يعارضها 32.5٪.
ولم يتوقف الأمر عند استقطاب مجتمعي وسياسي، بل قالت مصادر حكومية يوم الاثنين إن بعض الشركات المشاركة في عملية استخراج الرفات تلقت تهديدات.
معجبو فرانكو ينظرون إليه كرجل قوي فرض أطول فترة سلام في إسبانيا بعد قرون من الاضطرابات.
في حين لا يرى المعارضون فيه سوى ديكتاتور يتحمل المسؤولية عن مجازر وقمع سياسي لذا من غير المعقول أن يدفن بجانب ضحاياه، حيث تم نقل الآلاف من ضحايا الجمهوريين إلى وادي الشهداء دون موافقة أسرهم، في حين تم بناء المجمع نفسه جزئيًا باستخدام العمل القسري للسجناء السياسيين، كما يرون أن هذا الضريح عار على بلد كإسبانيا، حيث يجب أن يختفي فرانكو من المشهد العام كما حصل مع زعماء أوروبيين آخرين كهتلر وموسوليني الذين لم يتم تكريمهم بمثل هذه المقابر.
ورقة فرانكو في الانتخابات
استفاد حزب أقصى اليمين “فوكس” من إحباطات الشارع الداعم لفرانكو وإرثه، فقدموا أداء أفضل من المتوقع في الانتخابات السابقة في نيسان/ أبريل.
ولكن، مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر التي أعلنها الملك بعد فشل تشكيل الحكومة لتكون رابع انتخابات في أربع سنين، يتوقع بعض المراقبين أن يستغل اليسار الانقسامات بشأن استخراج الرفات داخل صفوف الأحزاب اليمينية المعتدلة، والتي امتنعت عن التصويت على هذه القضية في البرلمان وتميل إلى عدم الحديث ومناقشة الأمر لأنه قد يضر بمصالحهم الانتخابية.
لهذا سعى الاشتراكيون منذ زمن طويل لاستخراج الرفات ونقلها كي لا يكون الضريح قبلة لأنصار الديكتاتورية، ومنذ قدومهم إلى السلطة في 2018 وضعوا هذا الهدف نصب أعينهم، ليحققوا النصر في البرلمان رغم انقسامه عند تقديم المشروع وحازوا على موافقة النواب عام 2018 ، لتصادق المحكمة العليا على القرار الشهر الماضي بعد رفض طعون قدمها أحفاد فرانكو.