ماهو النكاح؟
خلق الله تعالى من كلّ شيءٍ أزواجاً، حيث قال الله تعالى: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)؛ وذلك لعمارة الأرض؛ إذ إنّ التزاوج يعدّ أساس التوالد والتكاثر على الأرض لجميع المخلوقات، إلا أنّ الله تعالى فضّل الإنسان بالعقل وزيّنه به، وشرع لهم النكاح ضمن حدودٍ معيّنةٍ بيّنها القرآن الكريم وبيّنها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في السنّة النبويّة، حيث روى الإمام مسلم في صحيحه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشرَ الشبابِ: من استطاع منكم الباءةَ فليتزوجْ؛ فإنّه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومن لم يستطعْ فعليه بالصومِ؛ فإنّه له وجاءٌ)، فبالزواج تطهّر النفوس، ويحافظ المرء على دينه وأخلاقه، كما أنّ جماعةً من أهل العلم أوجبوا الزواج على القادر؛ لأنّ في ذلك تحقيقاً للعديد من الفوائد والثمار الدينيّة والدنيويّة، إلا أنّ الشيطان يحاول الصدّ عن الزواج بأساليب عدّةٍ، منها: الترفّع عن الخاطب، أو بتعظيم مهر المخطوبة، فالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بيّن الأمور المشروطة في الخاطب، فقال: (إذا جاءكم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقَه فأنكِحوه)، وبالزواج تتحقّق العديد من الفوائد:
كتحصين الفرج، وغض البصر، وتزكية وتطهير النفوس، وإقامة أوامر الله تعالى التي أمر بها، وزيادة أعداد المسلمين.
حكم إتيان الزوجة من الدبر إنّ إتيان الزوج لزوجته من دبرها؛ أي من موضع خروج الغائط،” أمرٌ محرّم”، كما أنّه يعدّ كبيرةً من كبائر الذنوب، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ملعونٌ مَنْ أَتَى امرأةً في دُبُرِها)،فالرسول لعن الزوج الذي يأتي زوجته من دبرها، وورد في روايةٍ أخرى أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن أتى حائضًا أو إمرأة في دُبرِها، أو كاهنًا: فقد كفرَ بما أنزلَ علىّ محمَّدٍ)، وقد يكون قيام الزوجين بذلك الفعل رغبةً من الزوج به، أو قد يكون دون رضا الزوجة ورغماً عنها، وقد يصل الأمر بالزوج إلى أن يهدد زوجته بالطلاق إن لم تطعه فيما يريد، أو يقوم الزوج بإقناع زوجته بإباحة ذلك الأمر مع حياء الزوجة من سؤال العلماء عن الحكم الشرعي الخاص بذلك، حيث بيّن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ للزوج أن يأتي زوجته من الأمام ومن الخلف من موضع خروج الولد.
ومن الجدير بالذكر, أنّ” الدبر” لا يعد مكان خروج الولد، وإنّما هو مكان خروج الغائط، والسبب في” إتيان الزوجة من الدبر “يعود إلى بعض المشاهد التي تعرض في الأفلام الإباحية المحرّمة، وحكم التحريم له عدة حِكم؛ منها: المحافظة على النسل، أداء حقّ الزوجة بإتيانها من حيث أمر الله تعالى، كما أنّ موضع الدبر لم يُجعل لذلك الفعل، إضافةً إلى أنّ الإتيان من الدبر لا يحقّق المقصد ولا يدخل إليه جميع ماء الرجل المحتقن كما يكون في الفرج، مع الحاجة إلى القيام بحركاتٍ صعبةٍ جداً مخالفةٍ للطبيعة البشريّة، مع حاجة الرجل إلى استقبال موضع القذارة والقبح بوجهه، وإنّ في ذلك إزالةً لنعم الله تعالى، وجلباً للنقم، مع انعدام الحياء عند الفاعلين له.
“حقوق الزوجة” على زوجها: جعل الله تعالى الحياة الزوجيّة قائمةً على المودة والرحمة والسكينة وميل كلّ طرفٍ للآخر، حيث قال تعالى في القرآن الكريم: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،ولتحقيق المودة والرحمة والحياة الهنيئة، لا بدّ من تطبيق المبادئ والحدود التي تضمن ذلك، ومن ذلك قيام كلّ طرفٍ بواجباته تجاه الطرف الآخر، وفيما يأتي بيانٌ لبعض حقوق الزوجة على زوجها:
حسن عشرة الزوجة ومعاملتها بالمعروف، حيث “قال الله تعالى”: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ)، ويتمثل ذلك بإكرام الزوج لزوجته ومعاشرتها بالمعروف، وبناءً على ذلك تزيد الألفة والمحبّة بين الزوجين، وتتآلف قلوبهما، مع أداء حقوق الزوجة، وعدم ظلمها، والإحسان إليها والرفق بها، حيث دلّ على ذلك حديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عندما قال: (خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي وإذا مات صاحبُكم فدَعُوه). تعليم الزوجة الأمور التي تتعلق بالدين، مع حثها وترغيبها على طاعة الله، وذلك بأسلوب النصح والتأديب. العدل بين الزوجات في حال تعدّدهن، وفي حالة عدم قدرة الزوج على العدل بين زوجاته عليه الاكتفاء بزوجة واحدة، والعدل القلبي غير مطلوبٍ؛ لأنّه لا يقدر عليه، ولكنّ العدل المطلوب ما يكون في الأمور المقدور عليها، مثل: المبيت والنفقة وغير ذلك من الأمور المستطاعة. تجاهل بعض الأخطاء التي لا يكون فيها اعتداء على شرع الله تعالى، من خلال الموازنة بين الحسنات والسيئات.
عدم ضرب الزوجة على وجهها أو إهانتها، ويجوز ضرب الزوجة إن كانت زوجةً ناشزاً، أو لم تطع زوجها، إلا أن الضرب يجب أن تسبقه الموعظة الحسنة والتذكير بالله تعالى وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ يكون الهجر في المضاجع، مع عدم محادثتها، ثمّ يكون الضرب، ويشترط في الضرب أن يكون غير مبرح.
مجالسة الزوجة والاستماع إلى حديثها، حيث كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يجلس مع أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ويستمع إلى حديثها دون أن يملّ منها أو من حديثها.
السماح للزوجة بالخروج عند استئذانها من زوجها، ولا يجوز للزوج منعها من الخروج إلا في حالة الخوف عليها، فلا يجوز منع الزوجة من زيارة الأقارب أو من شهود صلاة الجماعة إن أرادت.