أهمية التعليم الشرعي المستمر: سلاح فعّال لمواجهة فتاوى الجهل والجدل في زمن التحديات الدينية
بقلم الاستاذ :محمد عيدني
في ظل التحديات المتجددة التي يعيشها العالم الإسلامي، تبرز أهمية التعليم الشرعي المستمر كأداة أساسية لمواجهة الظواهر السلبية التي تتعلق بالفتاوى الجاهلة والجدل غير المبني على أساس علمي صحيح.
فالساحة الدينية اليوم تعاني من انتشار فتاوى متسرعة تفتقر إلى الدراية العميقة، وتلقي بظلالها على المجتمع، مهددة استقرار الأفراد والجماعات على حد سواء.
إن الحاجة إلى ترسيخ مبدأ التعليم الشرعي المستمر تأتي في إطار تصور شامل يهدف إلى تحديث الفهم الديني وتعميق الوعي بالعلوم الشرعية، بحيث يكون من السهل على العلماء والمصلحين التصدي لكل ما يهدد الوحدة الوطنية والأمن الروحي للمجتمع.
فالتعليم المستمر لا يقتصر على مراحل معينة من العمر أو على طلاب العلم فحسب، بل هو نهج حياة يتبناه الفرد والمؤسسات الدينية لتحقيق فكر واعٍ ومتزن، قادر على تمييز الحق من الباطل، وتقديم الفتاوى القائمة على أصول العلم وأساسيات الدين.
وفي زمن تتساقط فيه كثير من المفاهيم المغلوطة، وتزداد الحاجة للوعي الديني الصحيح، يصبح من الضروري تكثيف الدورات التخصصية، والندوات، وورش العمل التي تتناول قضايا الساعة، وتوضح حكم الشريعة، بطريقة موضوعية تتوافق مع مقتضيات العصر.
فالتعليم الشرعي المستمر يساهم في بناء شخصية قوية ومتزنة، تتجاوز الرؤى الضيقة، وتكون رافعة للأمة في مواجهة موجات الجهل والتطرف.
كما أن تعزيز التربية الدينية المستدامة يساهم أيضاً في تصحيح المفاهيم، وتقويم الأفكار التي تتداول بين الناس، والتي غالباً ما تنمو وتتطور في غياب التوجيه العلمي الصحيح.
إذ لا يكفي الاعتماد على التعليم المؤقت أو الموسمي، وإنما يجب أن يكون هناك استمرارية في التلقي، مع تزويد الأئمة والخطباء والمرشدين بالمعلومات الدقيقة والسليمة، ليصبحوا فاعلين في نشر الوعي والنهوض بمسؤوليتهم في المجتمع.
وفي النهاية، فإن الأهمية الكبرى للتعليم الشرعي المستمر تكمن في استجابته لمطالب الثورة العلمية والمعرفية، وتحقيق التوازن بين ثوابت الدين ومتطلبات العصر. فهو يمثل الركيزة التي تميز بين الفتوى الصحيحة والغير صحيحة، ويجمع بين الحكمة والمعرفة، ليحمي المجتمع من مخاطر الجهل، ويعزز وحدة المسلمين، ويُسهم في بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.
إن استثمارنا في التعليم الشرعي هو استثمار في حاضر الأمة ومستقبلها، فهو السلاح الأقوى لمواجهة فتاوى الجهل والجدل، وتحقيق الوعي الديني الحقيقي الذي يميز بين حقيقة الإسلام وسوء أدعياء العلم