“أمنيستي” تدعو إلى إلغاء تجريم الإجهاض

مجلة أصوات

ألقت الدعوة التي وجهتها “أمنيستي” (فرع المغرب) إلى سلطاتِ المملكة من أجل إلغاء تجريم الإجهاض وإتاحته للنساء اللواتي يلجأن، بغض النظر عن حالاتهن ودوافعهن، إلى إجهاض أجنتهن ضمن شروط غير آمنة حجرا ثقيلا ضمن بركة الملف الذي يستمر في إثارة النقاش المجتمعي إلى حدود اليوم.

 

 

 

وكان فرع منظمة العفو الدولية بالمملكة دعا إلى إخراج الإجهاض من مجال إنفاذ القانون باعتباره مسألة جنائية وإدراجه تحت سلطة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية باعتباره مسألة طبية، مع إلغاء تجريمه وإجرائه أو المساعدة في الحصول على معلومات أو أدوية أو خدمات تعلق به.

 

 

وفي الوقت الذي ناصر “الطرف الحداثي” دعوات “أمنيستي” بالمغرب، اعتبر “المحافظون” أن الأمر “يظل بمثابة “إملاءات من منظمة نشأت في حضن غربي لم يستطع بدوره المرور بشكل نهائي نحو رفع التجريم عن الإجهاض، في الوقت الذي لا يزال النقاش السياسي والمجتمعي حوله قائما”، بينما ظل التقارب يسم التصورات حول الحالات الأربع الموجبة لإجهاض الأجنة.

 

 

وفي السياق نفسه، ظلت آراء حقوقيات متقاربةً بين الدفع بضرورة تفعيل خلاصات نقاشٍ مستفيض عرفه المغرب قبل مدة حول الموضوع وانتهى بتحديد الحالات التي توجب الإجهاض وبين التأكيد على ضرورة إخراج المواد المؤطرة لـ”الإيقاف الإرادي للحمل” من موسوعة القانون الجنائي إلى منظومة طبية بالأساس تكون فيها الكلمة العليا للخبرة الطبية.

 

 

بثينة قروري، أستاذة جامعية رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، قالت إن “المغرب عرف، خلال السنوات الماضية، نقاشا مستفيضا حول الموضوع. وكانت من خلاصات هذا النقاش التوجه نحو ضرورة توسيع قاعدة الحالات التي تشملها إباحة الإجهاض إلى 4 حالات صدر بشأنها بلاغ للديوان الملكي؛ غير أننا نحس، اليوم، وكأننا نراوح مكاننا بوجودِ هدرٍ كبير لزمن الإصلاح وللزمن التشريعي، خاصة بعد سحب وزير العدل الحالي لمشروع القانون الجنائي الذي تضمن الحالات التي تم الاتفاق عليها، ولم يتم إلى حد الآن ونحن في منتصف الولاية إحالة مشروع القانون الذي وعد به الوزير”.

 

 

وتابعت قروري: “السؤال المطروح اليوم هو: كيف لنقاش عمومي مستفيض صدر في شأنه بلاغ للديوان الملكي ألا يكون له أثر إلى حدود الساعة على مستوى العملية التشريعية؟ ما يسائل مقاربة الوزارة لهذا الموضوع وتأخرها في تضمين هذه التعديلات على مستوى مسودة القانون الجنائي الوطني والذي لا يوجد كلام حوله إلى حدود الساعة”، مشيرة إلى أن “النقاش حول موضوع الإجهاض هو نقاش تعرفه جميع المجتمعات والدول، باختلاف دياناتها ومعتقداتها وإديولوجياتها”.

 

 

وبيّنت المتحدثة، في تصريح لمصادر محلية ، أن “النقاش حول الموضوع ينطلق من خلفيات دينية (إسلامية ومسيحية ويهودية…) وكذا من مقاربتيْن حقوقيتين مختلفتين: مقاربة تنطلق من الحق في الحياة للجنين وبالتالي لا يمكن المس بهذا الحق تحت أي ظرف، في حين أن مقاربة ثانية تنطلق من حق المرأة في التصرف في جسدها وإسقاطها للحمل متى شاءت؛ مما يفسر تعدد القوانين المقارنة في التعاطي مع الموضوع بين الإباحة المطلقة والإباحة بشروط والمنع بصفة نهائية إلا في حالة الخطر على صحة الأم”.

 

 

أما بخصوص إمكانية إتاحة الإجهاض بدون قيد بالنسبة للمغربيات، اعتبرت الأستاذة الجامعية أن الأمر “جد مستبعد، بالنظر إلى اتصاله مع مرجعية المجتمع التي حسمها الدستور وتَوافق بخصوصها المغاربة وساهمنا في تحديدها من خلال دستور سنة 2011”.

 

 

كريمة رشدي، فاعلة نسوية، انتقدت الاستمرار في تجريم إجهاض النساء أو قيامهن بإيقاف حملهن، حيث رأت أن الأمر “من غير المعقول أن يستمر كما هو، في الوقت الذي توجد حالات عديدةٌ سنويا للنساء المجهِضات في ظروف غير آمنة يمكن أن تُكلفهن حياتهن بشكل رسمي”، مُزكية بذلك الطرح الذي تبناه فرع منظمة العفو الدولية “أمنيستي” بالمغرب.

 

 

وأكدت رشدي، أن “الإجهاض يجب ألا يخضع لموسوعة القانون الجنائي؛ بل يجب أن يتم إخضاعه لترسانة ومنظومة طبية بشكل يكون فيه القرار فقط في أيدي الأطباء بناء على تقارير وخبرات طبية حمايةً، عكس الإجهاض السري الذي يهدد حياة الراغبات في إنهاء حملهن بسبب رغبتهن في ذلك نظير سبب معين يتدخل في ذلك”.

 

 

وأوردت المتحدثة أن بقاء الإجهاض خاضعا للقانون الجنائي “يظل حيفاً في حق النساء اللواتي يجدن أنفسهن مرغمات على إنهاء حملهن، فمن بينهن مُعنفات يَبقيْن ضحايا حادثٍ معين؛ الأمر الذي يجعل من تجريم الإجهاض إلى حدود اليوم غير ذي فائدة وجدوى”، داعية إلى “النظر وبشكل مستعجل في هذا الملف الذي لا يزال راهنيا من أجل إغلاقه بشكل رسمي وتجاوز أي تصورات لا تتوافق مع الواقع المجتمعي”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.