الإعلامي المتخصص “ع-م”
اشتعل لهيب الأسعار فأصاب المحلات التجارية بالسعار ، غير عابئة أصحابها لا بالجيوب المتآكلة أصلا فأضافت لها “كورونا” ثقبا جديدا يضاف للثقب الأصلي، و ما يزيد الأمر صعوبة هو غياب كافة الأدوات الرقابية، وضع عبر عنه مجموعة من المواطنين الذين التقيناهم و الذين نقلوا بصدق و غصة تذمرهم من السوق و تلوته، و تلوث المصالح الرقابية المختصة بمراقبة جودة المعروضات في المطاعم أو المحلات التجارية التي تتطلب رقابة تؤمن السلامة الصحية للمواطنين، و أيضا الأسعار التي توضع حسب هوى صاحب المطعم بلا حياء و لا خجل ما دامت الأهداف الربحية و المضارباتية واضحة ، فلا خجل و كل الوسائل و الطرق، حتى و لو كانت خبيثة مباحة، ما دمنا في سوق السيبة ، حيث الأجهزة الرقابية جزء لا يتجزأ من فوضى السوق و المسؤولة الأولى و الأخيرة عن هاته الفوضى و السيبة المؤسساتية الهاضمة للحقوق، و المعيقة للتنمية و التقدم .
لقد أصبح المواطن البسيط يقتات من تعفن المشهد العام داخل الوطن ، ما دامت المقولة المأثورة “لمن كتعاود زبورك أداوود” هي اللغة الرسمية لبعض مؤسسات “النفيخ” و ملأ البطون عبر إغماض العين عن الوسائل و ضررها الملحق بالأفراد و المؤسسات، و هو ما نقلته تقارير أكدت على ” أن جرائم الفساد ذات العائدات الكبيرة تتسم بالتعقيد وتلاقي مصلحة الراشي والمرتشي ما يجعل الكشف عنها أكثر صعوبة، على عكس جرائم الرشوة” و ما يعمق الوضع هو غياب الأشكال الرقابية الزاجرة لأشكال القفز على القوانين المنظمة وبالتالي الانتقال من الرقابة المؤسساتية إلى فوضى السوق ، و جعل المضاربات و تحقيق أقسى الأرباح سلطة المرابين، و إن وجدت أدوات رقابية زاغت عن القاعدة و خرجت لتمارس سلطتها تواجه بالأشكال المتنوعة من الإفلات من العقاب على الرغم من تبوث رغبة البحث عن الثراء السريع على حساب باقي المجتمع.
إن ما نرقبه على مستوى الأسعار الصاروخية التي يحددها بشكل مزاجي أصحاب المطاعم و باقي المحلات التجارية يجعلنا نتساءل عن إمكانية تحقيق قفزة تنموية في ظل هذا الأسلوب و هاته السياسة ، و هو الأمر الذي جعل منظمة الشفافية الدولية بالمغرب تنتقد “تقاعس” البرلمان المغربي في تبني مشروع قانون يجرم الإثراء غير المشروع للموظفين المكلفين بمهام رسمية على الرغم من تبني السلطات المغربية لقانون يلزم الموظفين العموميين بالتصريح بممتلكاتهم، وآخر لحماية المبلغين عن الفساد وضمان حق الوصول للمعلومات، كما أسست في 2017 هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
ربما نقف متفقين مع “فالنتان بروشار”، الناشطة في جمعية “الأرض المتضامنة” في فرنسا، حين قالت “لقد اشتعلت الأضواء الحمراء، ونحن الآن في حالة طوارئ لأن مسألة انعدام الأمن الغذائي باتت حاضرة في شمال الكرة الأرضية، وليس في جنوبها فقط”
الحكومة المغربية أمام وضع سطوة “مافيا” السوق و بمؤازرة من نوم المؤسسات الرقابية عن حقوق الناس، لم تجد من بد سوى الإقرار بهذا الارتفاع في الأسعار، لكن الإقرار ليس هو مربض فرس مؤسسات أعطى لها المشرع كل الإمكانيات لتتحمل مسؤولياتها القانونية و الدستورية حماية للحقوق الفردية و الجماعية و لنيل ثقة المستثمرين في وجود شفافية تحمي حقوقهم و تشجعهم بالتالي على الاستثمار في المغرب.
فالمواطن لا تقنعه تبريرات “نادية فتاح العلوي” وزيرة الاقتصاد والمالية، التي قالت إن الارتفاع في الأسعار مرده إلى “السياق الدولي، بعد تحرك عجلة الاقتصاد في 2021” ، إن هاته المبررات لا تشفي غليل المواطن لأن الأخطر في المشكلة كلها هو غياب الأدوات الرقابية الزاجرة للتعدي على جيوب المواطن ، و في ذلك فليتنافس المسؤولون، و ليس تقديم تقارير إخبارية تبريرية لأزمة التقاعس الساكنة في المؤسسات و التي تظهر بلا حاجة إلى المجهر ، و لكن المسؤولين يصدرونها في اتجاهات لتبرير نومهم عن قضايا الناس بمبرر تأثيرات الخارج على الداخل، و الحال أن المرض داخلي متوحش يرنو إلى الربح، فيما السلطات الرقابية تساعده على تحقيق الجشع في إطار براغماتية مشتركة متبادلة المصالح .