على الرغم من أن الفصل شتاء، و بالتالي يشكل بداية امتلاء الفرشاة المائية ، إلا أنه و يا للأسف الشديد فإن دواوير “آيت تانوث” و “آيت عبد السلام” التابعين لجماعة “أغلالو أقورار” إقليم صفرو، يعيشان قطعا لهاته المادة الأساسية للحياة مع سبق الإصرار والحسابات.
فكيف يمكن أن نتحدث عن سياسة اجتماعية في ظل هاته العقلية المعطلة لكل التوجيهات الملكية السامية، قد يتقاذف الفريقان الذين لهم صلة بقطرة الماء المسؤولية، لكن النتيجة واحدة و مؤلمة تتمثل في انحسار المياه عن مواطنين من رعايا صاحب الجلالة و في عز الشتاء.
المكتب الوطني للماء و الكهرباء ، مصلحة المياه، يرجع الوضع إلى تراكم ديون الجمعية المكلفة بتدبير هاته المادة الحيوية و للجماعة الترابية “أغلالو أقورار” و التي فاقت حسب مسؤولي مصلحة المياه 40 مليون سنتيم.
و هنا تظهر إشكالية تدبير المرفق العام و كيف أن المواطن البسيط يصبح بقوة التردي القائم “حمار الطاحونة” الذي تعلق عليه إخفاقات المسؤولين ، لدرجة تحولت الاجتماعات التي يتم عقدها إلى مسرحيات شكسبيرية تهرب الأبطال في اتجاه وحوش تعيق التطور والتنمية، و لكن بإخراج ممسوخ.
و على قول الشاعر المغربي “ستوقعون العرائض، و يبقى الحال على ما هو عليه ما دام الأمر توقيع”، فما بالك بسياسة التعويم التي ينهجها ممثلو السلطة المحلية من خلال الوعد الذي لا يتحقق بنقل المعاناة إلى سلطات العمالة ، و يتناسون أن التقارير و خاصة الحساسة منها ترسل يوميا إلى مصلحة الشؤون العامة.
إن المطلوب ليس تعويم و تهريب الأزمة بالمنطق الداعشي المكفر للاحتجاج الواعي والعاقل ، بل التعبير عن المسؤولية من قبل جميع الأطراف ذات الصلة بالملف.
فبالنسبة للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب – مصلحة المياه نقول ، أين كنتم لحظة التحصيل حتى تجتمع كل هاته المبالغ ، و التي وصلت ل 40 مليون سنتيم ، يجب أن يحاسب من موقع “ألو المسؤول” من أخر عملية التحصيل المائي، لأنه إن توجهنا للمصالح الجماعية سيتحدثون عن التركة السلبية للمجالس السابقة ، في لغة تعويم من منطلق اللامسؤولية، و الحال أن هاته المجالس تمثل الساكنة ، و لا يمكن أن نجعل المواطن كبش فداء هاته السياسات الفاسدة.
إن المطلوب من السلطات الإقليمية التدخل لإلزام مصلحة المياه ، بتحمل مسؤوليات تقصيرها ، أولا و قبل شيء ، و تقديم المسؤولين عن طمس ملفات التحصيل للتحقيق بربط المسؤولية بالمحاسبة ، و مساءلة المجلس السابق أين صرفت كل تلك الأموال التي هي بحوزة الجماعة ، علما أن هناك موضة “منافسة بين الجماعات في امتلاك أحسن وفره السيارات” .
التوجيه الملكي السامي جعل المسؤول جزءا من الحل لمعاناة الناس، و أكد على ضرورة توفر هذا الإحساس حتى لحظة توقف سيارة المسؤول أمام علامة الوقوف ، ليتأمل أنه مسؤول أمام الله و الوطن و الملك و الشعب من أجل الانكباب على إيجاد حل لمشاكل الناس و التي جعلنا هذا الركن “ألو المسؤول” مدخلا لنقل معاناة المتضررين إلى كافة المسؤولين على مختلف درجاتهم، المحليين والاقليميين و الجهويين و الوطنيين و إلى القصر الملكي العامر ، لأن الأمر يتعلق بأمة ، و بسياسة مائية وضع أسسها الراحل الحسن الثاني طيب الله تراه ، وأكمل مشوارها جلالة الملك محمد السادي حفظه الله و أيده، خدمة للشعب و لساكنة العالم القروي.
ففي سنة 1994 أعطيت الانطلاقة لورش وطني مولوي كبير بمساعدة من برنامج الأمم المتحدة للتنمية، أعد دراسة و مخططا مديريا وطنيا لتزويد العالم القروي بالماء الشروب.
بناء على النتائج التي قالت بوجود خصاص مائي و أكدت على ضرورة تجهيز الساكنة القروية بنقط الماء المهيأة، و تزويد كافة المراكز و المداشر و الدواوير بهاته المادة الضرورية لكل شيء، و التي أنفقت في سبيل تحققها استثمارات عمومية ضخمة للتغلب على هاته الظاهرة ، و هو ما زكاه البرنامج الوطني لتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب سنة 2015 و الذي حول الرقم بفعل المجهودات الرسمية من 14 في المئة إلى 80 في المئة من الساكنة القروية التي ستستفيد من هاته العملية في أفق سنة 2010 ، أي ما يعادل تزويد 31000 دوار بمبلغ ناهز 10 مليار درهم.
و جاء الخطاب المولوي السامي بمناسبة الدورة التاسعة للمجلس الوطني للماء و المناخ التي انعقدت سنة 2001 بأكادير ليعزز هاته السياسة الاجتماعية الحكيمة ، حيث قال جلالته نصره الله و أيده “كما يجب إيلاء عناية أكبر لتفعيل برنامج تزويد العالم القروي بالماء الشروب حتى تتمكن باديتنا من تحقيق ما ننشده لها من نماء….”، لتنطلق البرامج الطموحة لتحقيق الطموحات المولوية السامية ، و التي توجت بالاتفاقية الإطار التي وقعت بالقصر الملكي العامر بين يدي صاحب الجلالة الملك المعظم، لإنجاز البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 والقائمة على دعم وتنويع مصادر التزويد بالماء، من مواكبة الطلب المتزايد على الموارد المائية وضمان الأمن المائي للمملكة والحد من تأثير التغيرات المناخية من خلال خمسة عناصر أساسية تتوزع ما بين تنمية العرض المائي؛ وتدبير الطلب واقتصاد وتثمين الماء؛ وتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالمجال القروي؛ وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة؛ والتواصل والتحسيس.
فأين نحن من هاته السياسة المولوية الحكيمة التي تجعل الإنسان عنصرا أساسيا في كل عملية تنموية، و الحال أننا نجد المجالس الجماعية في واقع حالها تعطش الساكنة باسم ضبط التوازنات المالية، و عدم القدرة على صرف المبالغ المالية المطلوبة، على الرغم من أن الجمعية المسيرة للماء بالدوار، سددت ما بذمتها من تعهدات مالية و ديون لفائدة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب لإعادة الماء، و هو الأمر الذي بقدر ما يدعو للاستغراب يجعل النفس تشمئز من واقع التدبير المجالي بالشكل الفوضوي الممارس من قبل المؤسستين معا الجماعية و المائية و حتى السلطة الرقابية الإقليمية .
فماذا سيكون من قدرة تتملكها الساكنة المغلوبة على أمرها عطشا مع سبق الإصرار والترصد ، سوى أن تلتجأ إلى السلطة الإقليمية في شخص عامل إقليم صفرو والسيد والي الجهة والمنتخبين وكل الضمائر الحية وكافة الفعاليات المدنية و السلطات المحلية لضخ نقطة ماء تحيي أملا و ترجع الحياة لأشجار و حيوانات و بشر أضناهم العطش في فصل الأمطار .
و من هنا نقول “ألو” لكافة المسؤولين المركزيين بوزارتي الداخلية و الماء ، و المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، مصلحة المياه ، و المسؤولين الجهويين و الإقليميين، للضرب على يد المقصرين بدل تعطيش الأبرياء الذين أدوا الفاتورة بشكل مزدوج.