اتسعت رقعة المقابر في العاصمة الأفغانية وتمددت على حساب المناطق السكنية، بعد أربعة عقود من الحروب المستمرة ونحو 18 عاما من الغزو الأميركي للبلاد.
وفي كابل وحدها، هناك أربع مقابر رئيسية، إضافة إلى مقبرة خاصة في كل حي يختلف حجمها حسب مساحة الحي، ولا يدفن فيها إلا من يسكن المنطقة. وينطبق الأمر على كل الولايات البالغ عددها 34.
أمام مقبرة سيد أسحق، إحدى أكبر المقابر في كابل، التقت الجزيرة حياة الله خان أمام دكانه الصغير. أعرب الرجل عن استغرابه من اتساع حجم المقبرة في السنوات الأخيرة.
يقول “أعيش في هذه المنطقة منذ خمسين عاما، في السابق لم نكن نرى الجنائز بهذا الكم، الآن اتسعت المقبرة كثيرا بسبب الحروب وارتفع عدد القتلى، هذه المقبرة لم تعد تتسع لدفن الموتى”.
ويضيف “لم نكن نعرف ما هو الهجوم الانتحاري، لكن في الآونة الأخيرة، أصبحت أشاهد في اليوم الواحد أكثر من أربع جنائز”.
توزيع عشوائي
تتوزع المقابر بشكل عشوائي في كل مكان، ولا تنظيم رسميا لها. ويمكن لشاهد عيان رؤيتها بالطرق الداخلية والخارجية، وعلى سفوح الجبال والأحياء السكنية، وحتى قرب الثكنات العسكرية وسط المدن.
وتتحدث المصادر الرسمية عن مقتل أكثر من مئة مواطن بين مدني وعسكري يوميا في عموم البلاد، تتوزع بين اشتباكات وتفجيرات والدهم الليلي والقصف الجوي.
ومن المعتاد رؤية أناس ينقلون أعدادا كبيرة من التوابيت في اليوم الواحد، ويقيمون صلاة جنازة جماعية بلباسهم العسكري وأسلحتهم، جنبا إلى جنب مع أهالي الضحايا المدنيين.
في هذا السياق يقول شرف الدين عظيمي أستاذ علم الاجتماع بجامعة التعليم والتربية إن الأفغان لا يفرقون في القتل بين مدني أو عسكري، فجميعهم ضحايا حروب، ولا مقابر خاصة للعسكريين.
وعبر للجزيرة نت عن أسفه لاتساع رقعة المقابر في العاصمة والمدن الرئيسية الأخرى، فذلك حسب قوله يؤثر سلبا على المجتمع.
حكايات الموت
ويضيف عظيمي “أصبح حديث الناس في مجالسهم عن حكايات الموت، وهذا سيثير توترا وخوفا خاصة لدى الأطفال ويعرضهم لأحلام مخيفة، و(هناك) ردات فعل مبالغ بها عند سماع أي صوت مفاجئ”.
وذهب المتحدث إلى اعتبار أن بعض الأطفال يقلدون الكبار بشراء زي عسكري ومحاولة الحصول على أسلحة.
واعتبر عظيمي أن الزي العسكري وأدواته وتحركات الجند وسط المدن وأزيز الطائرات وتسييج المنازل وبناء جدران خراسانية، كلها تؤثر على تكوين المجتمع وتجعل المواطنين متوترين فكريا وعمليا”.
ولا تتوفر إحصاءات رسمية دقيقة عن عدد الحوادث الأمنية سنويا، لكن خبراء أمنيين يتحدثون عن مئات التفجيرات والهجمات العسكرية أغلب المدن والولايات في عموم البلاد عبر جماعات مسلحة عدة أهمها حركة طالبان، في صراعها المستمر ضد القوات الحكومية والأجنبية منذ 18 عاما.